الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
تعالوا معي نقرأ بقليل من التدبر ما حدث عندما أتى "واحد" من الناس الى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يطالبه بدين له عنده، وقال إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل. أو تماطلون في دفع الحق..فهمّ عمر ابن الخطاب أن يعاقبه على سوء أدبه مع الرسول الأكرم.. رمز الأمة والأمانة وقائدها لم يفرح بما أراده عمر، ولكن أعاد الأمر الى نصابه وقال لا يا عمر..عليك أن تأمر بحسن الأداء وتأمره بحسن الاقتضاء..وسيتبين لنا من بين ثنايا ما قراناه آنفا، أن منهجا خطه رسولنا الأكرم لحسن التعامل بين الدولة ورعاياها، يقوم هذا المنهج على الاحترام المتبادل بين الطرفين واحترام الحقوق والواجبات بينهما..وتعامل كل منهما مع القانون الذي يضبط العلاقة بينهما... ومن هنا نعرف معنى دولة القانون والفرق بينها وبين دولة الضحك على القانون ..فدولة القانون ـ ونعني بالدولة عناصرها الثلاثة :التنفيذية أي الحكومة والرئاسة، والتشريعية، وهي البرلمان، والقضائية التي تمسك بالقانون وتلابيبه، هذه العناصر هي التي تحترم القانون وتسير عليه وتتمسك به، لدرجة أن أفراد المجتمع لا يستطيعون أن يخالفوه قط، حياء وخجلا من الدولة، لأن "الصغير" وهو الموطن، يرى الكبير " وهو الدولة" بشخصيتها الاعتبارية، وشخوصها البشرية كمسؤولين، يحترم حقوقه ويؤدى واجباته وينفذ أحكام القضاء على نفسه ويسهر على مصالحه. فلماذا يخالف الشعب القانون؟ وإذا حدث تجاوز لن يعمل احد الناس على إعفاء المجرم من العقوبة أو من طائلة القانون أنه يعلم أن اى تجاوز يضر الجميع...ولكن دولة الضحك على الذقون ترى الشعب فيها بكافة أطيافه ومكوناته، وبكافة تنوعاته الثقافية أجيرا عندها ولو جاع أو تعرّى أو مرض...كل ذلك غير مهم. والمهم أن يشبع السادة "الكبار" ولولا خشية "الكبار" أن يضعف "الصغار" الأجراء لديها والخدم، ولا يستطيعون العمل لأجلهم وبخدمتهم ما تركوا لهم لقمة عيش واحدة....! ويظهر الضحك على الذقون جليا واضحا عندما نقف أمام ميزانية هذا العام والأعوام التي سبقته وربما التي تليه..فهذه الميزانيات التي بلغ مجموعها لغاية اليوم قرابة الألف مليار دولار، تذكروا الرقم جيدا، ألف مليار دولار!..خصصت أغلب مفرداتها وأموالها للإنفاق على الدولة وإدامة حركتها وديمومة وجودها، وهو ما يعرف بالميزانية التشغيلية التي لم تقل بأي حال من الأحوال عن 70% في كل عام، وهي كما هو معلوم نفقات زائلة متبخرة اسماها أحد كتابنا الشرفاء بالنفقات الأبتلاعية، أما ما ينفع الناس ويمكث في الأرض فهو قليل غير مفيد لقلته، فما يعرف بالميزانية الاستثمارية وهي المتبقي من الميزانية العامة وفتات الأبتلاعية، تبقى في معظم الأحوال حبرا على ورق ، ويتم في نهاية المطاف مناقلتها الى بالوعة النفقات التشغيلية ....كلام قبل السلام: قال لي "أحدهم" أن مسؤولا قرا مقالا سابقا لي "فزعل" منه، قلت له :"خوش" من لم يصبر على كلمة من "واحد" سمع كلمات من "شعب"....سلام...
https://telegram.me/buratha