قاسم السيد
وأخيرا تم اطلاق ميزانية الدولة لعام 2012 بعد عت ولي خرجت من عرصات مجلس النواب ورغم ان مشروع الميزانية العراقي من اغرب ميزانيات الدنيا ليس فقط من ناحية توقيت اطلاقها فهي عكس الميزانيات تأتي متأخرة عن موعد اطلاقها الذي يفترض عادة ان يكون بداية العام المالي ولعل ميزانية هذا العام قد جاءت مبكرة بعض الشيء رغم مرور شهرين على بدء العام المالي بل من تحول ميزانية العام الحالي الى اعطيات من بيت المال يتم توزيعه على المواطنين وهو مالم يحدث في اي امارة اسلامية من امارات القاعدة او طالبان .المبلغ الذي سيتم توزيعه على المواطنين يفوق الثلاثين مليار دولار حيث سيتم توزيع مبلغ خمس وعشرون مليار دولار نقدا اضافة لما تكلفه البطاقة التموينية سنويا التي توزع مفرداتها بشكل اقرب للمجاني رغم شحة هذه المفردات ورغم ان المبلغ الذي سيدفع نقدا سيشكل الآن مكسبا خصوصا لأفراد العوائل الكبيره لكن لن تلبث جدواه الأقتصادية طويلا فضخ مثل هذه الكتلة النقدية الكبيرة في السوق العراقيه ستدفع بالتضخم لأعلى مستوياته وستتأكل المكاسب التي سيتم جنيها من خلال هذه المبالغ .ولاادري لم يجيز صندوق النقد الدولي الذي يرعى اقرار الموازنات العراقيه بحكم خضوع العراق لأحكام الفصل السابع مثل هكذا قرار ولايوافق على قرار تخفيض اسعار المحروقات رغم انها منتجات محليه وغير مستوردة ولايصرف عليها سنت واحد من العملات الصعبه بحجة تقنين المصروفات بينما تخفيض اسعار المحروقات كان من شأنه تخفيض اجور النقل و ادارة عجلة الأنتاج في كثير من المنشئات الصناعية التابعة للقطاع الخاص المتوقفة عن العمل بحكم ارتفاع اسعار هذه المحروقات وبالتالي تشغيل ملايين الأيادي العاملة التي اصبحت عاطلة عن العمل اضافة الى زراعة ملايين الدونمات التي تحتاج لسقيها لمضخات تعمل على الوقود لعدم توفر الطاقة الكهربائيه نتيجة القبول بشروط صندوق النقد الدولي رغم ان تخفيض اجور الوقود لاتشكل مبالغه ربع المبلغ الذي تم اقرار توزيعه على المواطنين .من مساويء القرار الأخير انه سيرفع سقف الأستيرادات الأستهلاكية لعدم توفر منتج محلي يوازي الكتلة النقدية التي سيتم ضخها الى ايدي المواطنين وليس تخصيصها في ابواب استثمارية وبالتالي اهدار فرص تنموية ضخمة كان المفروض من الدولة بشقيها الحكومة ومجلس النواب السعي الى استغلالها وذلك من خلال استثمار مثل هذه المبالغ في مشاريع صناعيه وزراعيه يتم انشائها وفق سياقات عصرية وعلى اساس الجدوى الأقتصادية ليتم تأمين موارد عيش كريمة لملايين العاطلين من خلال تشغيلهم فيها وتمليكهم قسم من هذه المنشئات بشكل اسهم بدلا من هذه المنح غير المجدية حيث يعكس اتخاذ هذا القرار امية في الفكر الأقتصادي لرجالات الدولة العراقية الحاليه .النظرة النفعية الآنيه للكتل السياسية ولتزيين صورتها في أعين الناخبين حمل كثير من القوى على الموافقة ولو على مضض على تمرير هكذا قانون ولن يكون هذا المضض عذرا أمام التاريخ عندما تذكر هذه الواقعة النادرة في تاريخ الميزانيات العراقية المعاصر .المقترح بشكل اساس جاء من الكتلة الصدريه التي وصل بها الأمر على التلويح بالتهديد بالخروج من العملية السياسية ان لم يتم الموافقة على مقترحها ووافقتها بقية الكتل نتيجة شيوع الثقافة الأنتهازيه وانعدام النزعة الوطنيه لدى اغلب اعضاء هذه القوى السياسيه ومثل هذا القرار يتقاطع مع مشروع اي تطور اقتصادي وطني وفق ابسط قراءة اقتصادية له اذ ان مثل هذه الموارد الضخمة ستذهب الى بعض دول الجوار على شكل واردات لسلع في جلها استهلاكية لغرض تعويض هذه الدول عن الخسائر التي تتعرض لها نتيجة العقوبات الأقتصادية الأمريكية والأوربية الجائرة المفروضة عليها والتي لاغبار على التعاون مع هذه الدول لتجاوز ظروف هكذا حصار خانق ولكن ليس بهذا الشكل البائس الذي سيحول هذه الكتلة النقدية من العملة الصعبة كما ذكرت الى بضاعة استهلاكية جلها سيصب في جيوب رجال الأعمال من القطاع الخاص في تلك الدول حيث لن يفيد مثل هكذا وضع ميزانياتها التي تعاني شحة في القطع الأجنبي انما الذي ينفعها وينفعنا هو استغلال حاجتها للعملة الصعبة وحاجتنا لتأسيس بنى تحتية رصينه من خلال بناء مدن صناعية ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من المشاريع الصناعية خصوصا الجانب الأيراني المشهود له بالتقدم الصناعي والمشاريع الزراعية التي اصبحت سوريا رائدة فيها على مستوى المنطقة والعالم العربي .
https://telegram.me/buratha