جاسم الصافي
كلنا يعلم حجم عمل المخابرات في العالم سواء ما يخص الدول الكبرى أو الصغرى بل حتى المحميات الاستعمارية والسبل المعمول بها لانتزاع وتسويق المعلومة ثم طرق استنزافها وإجهاضها من الحقيقة بفضل هذا الجهاز المتطور عند اغلب الدول وبالذات التي تمتلك القدرة المادية والتكنولوجية . وكان في القديم ينجز عمل الجاسوسية بأدوات صريحة وواضحة أي بالجاسوسية البشرية وتقنيات بسيطة تحمل معهم ، لكن بعد "ثورة الترانسستور" وقع العالم بين مخالب الدول المسيطرة على هذه التكنولوجية والتي سرعان ما طورت أدوات التجسس لتزداد بذلك إمكانيات السيطرة أكثر وأكثر ، لتتكشف بعدها خصوصيات الأمم ، اذ لم يعد الأمر مهنة القصد من ورائها تحصيل المعلومة لحماية الأمن القومي او الوطني ، لقد تفسخت كل معايير ألأخلاق والقانون الدولي مما جعل جميع دول العالم وبلا استثناء منقوصة السيادة داخل وخارج أوطانها ، وهذا كله من اجل احتواء العالم والهيمنة على الأمم تحت نظم حقوق الإنسان والأمن العالمي ومكافحة الإرهاب ، حتى صارت حروب هذه الدول تدار بكبسه زر من الــ ( جوستك) كما في لعب الأطفال وهو ما حدث في حرب الخليج الأولى والثانية والتي انتزعت فيها كل القيم الإنسانية التي يتبجح بها العالم الغربي لينزل حقده على شعوبنا المغلوبة على أمرها من حكامها ومن عالم الغرب الذي أنتج وصدر لنا الموت والتشوهات الموروثة الى اجل غير معلوم من إشعاعات تلك الأسلحة التي أسقطتها علينا رعونة عالم الغربي بقوانين أممية عوراء وديمقراطية معلبة خصيصا لمن يبيع . واليوم بعد أن أنتزع الأعلام الرقمي خصوصية الأعلام الوطني واقصد ( المقروء والمسموع ) صار كل شيء يمكن أن يسوق وكل شيء ممكن أن يتسلل ويشوش على العقل وعلى وسائل نقل المعلومة لتتمكن من إزاحة ما هو متعارف أو مألوف لدرجة يصبح عمل القراصنة علم مشرع يسيطر على الأثير العالمي ويخترق موجات البث الفضائي ، مثل ما حصل في قناة المنار وهي في الحرب مع إسرائيل والجزيرة إثناء عملية تغير النظام الليبي بل وتمكنت هذه القرصنة من سرقت البث الفضائي من قناة الأقصى والقدس وقناة الفيحاء ثم التحكم بها وتوجيه رسائل دعائية مضادة تبث الرعب للمتلقي من خلال المعلومات الكاذبة والمفبركة وهذا ما عملته إسرائيل من اجل تخريب البرنامج النووي الإيراني عبر توظيفها لأكثر من 300 قرصان لهذا المهمة .واليوم علم التجسس طور إمكانياته وأصبح يمتلك تقنية تفوق الخيال وفي كل المجالات وخير مثال هي طائرة التجسس او الاستطلاع الأمريكية حسب ما يسميها الأعلام الغربي وهذه الطائرات لها الدور المتميز في المهمات ألتجسسي الخاصة بالسرقة أو التشويش على البث الفضائي والتحكم به وقنص الخبر وقرصنة المعلومة الخاصة بباقي الأمم . ان هذه الطائر في جيلها الأول كانت تقدر كلفتها التقريبية بخمسة مليون دولار إما أخر جيل طرح للعمل وصلت كلفته الى أكثر من أحدى عشر مليون دولار وتسعى دول مثل أمريكا الى توسيع أسطولها من هذه الطائرات التي تكمن مهمتها بالجاسوسية والسيطرة المعلوماتية والتي يمكن أن تكرس هيمنت القطب الواحد ، أن هذه الطائرة تقنص وتصطاد كل المعلومات ثم يتم أرشفتها لتكون سلاحا معكوسة ضد الحكومات وهذه المعلومات لا يمكن لأحد كشفها إلا من خلال برنامج يدعى (اسكي ) وهو روسي التصميم كما ذكرتها أحدى وسائل الأعلام والذي يتم من خلاله اخترق منظومتها ألمعلوماتية ولكن أمرها يفتضح ان استمرت عملية سرقة تلك المعلومات لفترة طويلة وهذا يعني أن البرنامج يمكنه اختراق وسحب معلومات خفيفة او صغيرة الحجم فقط ، وبعد ثلاث أعوام من احتلال العراق تطور أجيال هذا البرنامج التجسس من قبل المقاومة العراقية وهذا الأمر كشف بالصدفة من القوات الأمريكية قبل خمسة أعوم من خروج تلك القوات ، اثر مداهمتها لأحدى أماكن أبناء المقاومة العراقية في حينها أدركت أمريكا أنها مخترق منذ عام 2006 ، وهذا الاختراق كان موجودا على الساحة اللبناني مع العدو الإسرائيلي حين صراح بذلك السيد حسن نصر الله في أحدى خطبه اذ قال : عن امتلاكه معلومات استخبارات تخص طائرات ألتجسس الإسرائيلي . ثم تطور الأمر ليصبح حربا معلنة حين تمكنت الجمهورية الإيرانية من اختراق وسحب المعلومات بل والتحكم بتلك الطائرة ( اريكو 170 ) وإنزالها وهي في قمة التطور ، بينما صرحت وزارة الخارجية الأمريكي تصريحا يثير السخرية بأن عطل قد انزل تلك الطائرة في حين أنها ساومت من اجل إرجاعها كثير ،وهنا تكمن الغرابة والذي يكشف أمور وتساؤلات قد تستر عليها الأعلام الغربي بشكل ملفت وأول تلك التساؤلات هي مدى قدرة إيران التقنية في هذا المجال لتتمكن من تعطيل السلاح الأمريكي او التحكم به او عن مدى عري المعلومات التي تبثها أمريكا لتوهم العالم عن إمكانيتها ألتسلحي والتقني التي ترهب بها الأمم ؟
https://telegram.me/buratha