بقلم : أشرف العراقي
أن المفهوم السائد في اغلب دول العالم وحتى الدول العربية المجاورة في لغة السياسة والسياسي وعن البعد الحقيقي لهذا المفهوم وما يحتويه من مضامين أنسانية كثيرة , يفتقر لها سياسيو العراق الجديد , وهم ألان بصدد بناء دولة ذات سيادة كاملة تحتكم إلى دستور والى قانون موحد . هذا ما يعلن عنه من قبل الأطراف المتصدرة للعمل السياسي في عراقنا المغلوب على أمره . أن الثقافة السياسية في اغلب دول العالم ترتكز على عدة أمور مهمة تعتبر نتاج السياسة الواعية والحقيقية التي تصب في مصلحة الفرد والمجتمع والوطن متمثلة بما يلي :. أولا : منهاج سياسي داخلي قوي يحاكي الواقع : وهذا يتحقق عندما يمتلك العقل السياسي المتصدر في العراق خلفية سياسية وتراكمات وتجارب سابقة يحاول ومن خلال تلك الخبرة ان يصنع الحرية والاستقلال والعدالة في بلد يفتقر إلى تلك الأمور بشكلا كامل .ثانيا : رسم خطط سياسية بعيدة الأمد : إن تلك الفقرة تبدو لي أصعب من الأولى بسبب بناء علاقات جديدة مع دول المنطقة والعالم اجمع مبنية على أساس لغة الحوار والعلاقات الدبلوماسية السياسية والتركيز على قوة المصالح المشتركة مع جميع البلدان وتغيير النظرة السائدة المأخوذة عن العراق منذ تأسيس جمهوريته عام 1958م . ثالثا : توفير عامل الثقة بين السياسي والمواطن : ليس سهلا أقناع المواطن العراقي الفقير فكريا وماديا بالمجهود السياسي بما يحمله من عناوين كبيرة في خدمة الوطن والمواطن , وتحتاج تلك المسألة جهودا استثنائية مبنية على نتائج واقعية تقدم إلى المواطن لكي يمتلك تلك الثقة المفقودة . أن الوضع السياسي المتأزم في العراقي قد خلف فجوات كبيرة بين القوائم والكتل بسبب السياسة الملتوية وصاحبة الشبهات الكبيرة والكثيرة , لا نريد الخوض بتلك التفاصيل الكثيرة التي تدمي القلوب حين ذكرها او قراءتها , ولكن نريد التركيز بشكلا دقيق على قضية الهاشمي والإرهاب وتداعياتها التي لم تنتهي حتى تلك اللحظة , وعن ضعف أداء حكومة المركز وعن العنجهية والاستفراد وعنوان التحدي الموجود في إقليم كردستان . قد صدر قرار من المحكمة العليا يقتضي بإلقاء القبض على طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب نتيجة الاعترافات المتوفرة لدى أجهزة الأمن من حمايته وبعض أقاربه ممن يشكلون حلقة كبيرة تعمل على قتل العراقيين من كوادر وضباط وأطباء وآخرون من البسطاء المساكين لا يحملون ذنب سوى أنهم عراقيون , وعند هروب الهاشمي إلى إقليم كردستان " المستقل ضمنيا والتابع شكليا " إلى العراق وجد الحماية الكافية من قبل برزاني ورفيقه طالباني عراب السياسية الكردية الانفصالية , مما أخذت الأمور تتصاعد تدريجيا إلى أن وصلت , أن الكرد لا يريدون تسليم الهاشمي , لطعنهم بالقضية وتسويقها بشكلا مختلف عما هو عليه الواقع الملموس , على أنها قضية سياسية وتصفية خصوم من قبل حكومة المركز , وان القضاء العراقي مسيس وتحت أمرة حكومة المالكي . نجد آن شركاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم بسبب اختلال التوازن السياسي على اعتبار أن قضية الهاشمي تمس بالدرجة الأساس الأكراد , مما يثير التخوف في الأوساط الكردية السياسية من تمكن حكومة المركز فرض السيطرة على الإقليم مستقبلا . وقد أثارت تصريحات بعض السياسيين في الإقليم أن حكومة المالكي دكتاتورية وانفرادية في اتخاذ القرارات , وبقية القضية عالقة بين المركز والإقليم والأعلام يأخذ دوره في التصعيد والتهدئة . حتى جاء تصريح البارزاني قبل أيام وعلى لسان حاله يقول : يجب أن تحل قضية طارق الهاشمي سياسيا بعيد عن القضاء العراقي , وهنا تكمن حقيقة السياسة العراقية الحديثة التي تفتقر إلى تلك النقاط التي ذكرناها في بداية حديثنا , سياسة التوافق والمصالح والتقسيم والتراضي , بعيدا عن مضامين مفهوم السياسية الدولية والعالمية , تلك الصفات التي يتمتع بها اليوم سياسيو العراق الديمقراطي الجديد , عندما يصل بهم الحال الى طريق مسدود لا يجدون سوى نظرية التوافقات السياسية المشئومة والتنازلات على ان يكون هناك تراضي بين جميع أطراف اللعبة السياسية . لكن عندما يصل بنا الأمر على أن نقبل بشروط تلك اللعبة السياسية على حساب دماء الأبرياء من هذا البلد , ويخرج من غرس يده القذرة بدماء العراقيين تحت مسمى ( توافق سياسي ) أو عدم (إعاقة مسيرة العملية السياسية ) . اعتقد يجب علينا ن نتوقف لذلك ونتأمل طويلا ونسأل أنفسنا قبل غيرنا لماذا يحدث كل ذلك ؟ ولماذا نحن راضون بكل ذلك ؟ ومن هو صاحب اليد الطولى في حدوث كل ذلك ؟. تلك الكلمات هي عبارة عن نتاج فكري شخصي ليس قانونا دوليا يجب الاحتكام اليه والالتزام به وإنما رؤية شخصية عن كيفية بناء الدولة الحديثة في العراق , وليس المهم ان تؤخذ تلك الأسطر بعين الاعتبار بل المهم أن يكون هناك أطروحات سياسية متنوعة ,من اجل تبادل الأفكار والمعلومات , ومحاولة كشف الحقائق الغائبة عن كثيرين من أبناء شعبنا المظلوم , ومن اجل أيضا حرية الفكر وإيصال رسالة إلى كل من يحب الاطلاع .
https://telegram.me/buratha