حافظ آل بشارة
تفجير اكاديمية الشرطة شرق بغداد ، مذبحة جديدة تمر بصمت ، لم يعد أحد يتحدث عن ضربات الابادة الجاهيرية المتكررة ، اهالي الضحايا لم يبق في عيونهم ما يكفي من الدموع لمآتم جديدة ، لكل شيء حدوده التي ينتهي اليها الا سيل الضحايا في العراق فهو سيل لا حدود له ، الاقلية المخلصة من القوات المسلحة وصلت الى مرحلة اليأس ، لم تعد قادرة على تصور نهاية للمجزرة المتواصلة ، التهديدات الاستهلاكية التي يطلقها المسؤولون بطريقة آلية ضد الارهاب اصبحت مضحكة ، الارهاب اقوى من الحكومة وقد هزمها في مواقع حساسة ومازال قويا وقادرا على ان يضرب متى يشاء وكيف يشاء واين ما يشاء ، لا يمكن القضاء على الارهاب بهذه الطرق الساذجة لان الارهاب شريك في الحكومة ، وشريك في البرلمان ، وشريك في الاموال ، وشريك في القرار ويحظى بحماية دستورية ، ولديه غطاء ديني وغطاء اعلامي ، فكيف يمكن ان يهزم ؟ الارهاب لديه قياداته السياسية وقياداته الامنية شبه العلنية وتمويله المتواصل ، وعندما يعتقل الارهابي ويسجن تتولى دوائر رئيسية في الدولة مهمة انقاذه ! فيجد الف متبرع يدافع عنه ، فهذا يطالب باطلاق سراحه ، وهذا يعده مجاهدا بطلا ، وثالث ينفق الاموال لتهريبه من السجن ، ورابع يبرؤه وينسب الجريمة الى سواه فيجعل الضحية جلادا ، آليات ووسائل الارهاب أكثر تطورا وأسرع تأثيرا وأشد جرأة . انظر الى الجبهة الرسمية المقابلة التي تحارب الارهاب ، قوات مسلحة ينقصها الاعداد والتدريب والتسليح ، تتفشى في اوساطها الرشوة والفساد وشراء الذمم والخيانة بكل اشكالها ، قوات تفتقد في اغلب مراكزها الضوابط العسكرية والالتزامات الاخلاقية ويهيمن عليها الجهل والتسيب والسوقية وضعف الشعور بالانتماء الى الوطن او المنظومة السياسية الحاكمة ، قوات غير محصنة لا مهنيا ولا سياسيا ولا اخلاقيا من الاختراق والتجنيد المعادي ، الدوائر القيادية تعلم ان آلاف الجنود والشرطة لا يخدمون في وحداتهم وهم في اجازة دائمية ويتقاسمون رواتبهم مع آمريهم ، ضباط منشغلون بسرقة الميرة والعينة والعجلات ، ملفات التحقيق تضم معلومات لا تصدق حول مساهمة الجنود والمراتب في مساعدة الارهابيين وتمرير المتفجرات والتستر على الانتحاريين ، ومشاركة الحراس في تهريب السجناء ، حالات الخيانة والفساد والارتشاء واللاابالية والطائفية وضعف الشعور بالمسؤولية ، وفوق ذلك فقدان وسائل التفتيش الحديثة ، اجهزة سونار فاشلة تم شراؤها بصفقة فاسدة ، والجنود الذين يستخدمونها مرهقون محبطون ، والازدحام هائل ، والشوارع المغلقة تزداد كل يوم عددا ، حل مشكلة الارهاب في العراق يبدا باعتقال القيادات الارهابية المحترمة المشاركة في السلطة ، التستر عليها حرام والخضوع لابتزازها جريمة ، واطلاق يد القضاء فيهم ، المعالجات الترقيعية الخائفة لا تحسم الملف الامني في العراق بل تسهم في نخر التجربة واسقاط سمعة القائمين عليها .
https://telegram.me/buratha