سماحة السيد حسين الصدر
وأخيراً تمّ التأجيللم يعد مُفاجئاً لأحد ، أنْ تنشر أخبار الفضائح الماليه في العراق ، لأنه - وللأسف الشديد - تصدّر قائمة الدول المُصابة بداء االفساد المالي والأداري ، دون أن تلوح في الأفق بوادر جدّيه للقضاء على هذه الآفة الفتاكه ، التي لاتقل خطراً عن آفة الأرهاب نفسه ...!!!إنَّ المساحات التي تمتد اليها عمليات الفساد الأداري والمالي هي المساحات الأوسع مدىً ،والأشد إضراراً بالبلاد ، ناهيك عن أنها تشوّه سمعة العراق ومكانته اقليمياً ودولياً ،وتحوّل الحديث عن حضارته وأمجاده ، الى الحديث عن تخلفه وفساده ...!!!والغريب ان هذا الفساد المالي من الصلف والوقاحة بحيث أنه لن يتوقف لحظة حتى في أقدس الأماكن والمشاريع .أنّ قُطّاع الطرق ، فيما يحكي ، كانوا اذا أرادوا ان يسلبوا ( عالِماً دينياً )، عمدوا الى رفع (عمامته) عن رأسه أولاً ، احتراماً لها ثم يباشرون عملية السلب لمقتنياته وملابسه ...!!!وهكذا يتجلّى أنَّ أبالسة النهب والفساد المالي اليوم ، هم أكثر دناءةً وخسةً، حتى من قُطّاع الطُرق في العهود المظلمه ..!!فلا رادع ولا وازع ، ولادين ولاخلق ، ولا مروءة ولا إنصاف ، ولا تورع ولا حياء ، ولا وطنية ، ولا أعتبار لكل القيّم والأعراف والمثل ...انهم لا يُحسنون الاّ فنّ الاقتناص بكل مهارة ، ولا شيء غير ذلك ، الاّ اللؤم والحقارة ....وفي غمرة التطلع الوّثاب للعراق الجديد ،جاءتْ مبادرة أتخاذ النجف الأشرف عاصمةً للثقافة الاسلامية للعام 2012 ، بقرار من وزراء الثقافة في الدول الاسلامية في أجتماعهم في باكو - العاصمة الأذربيجانية - في آب عام 2008 ، لما للنجف الأشرف من أهمية بالغة في دنيا الاسلام ، حيث أنها تضم مرقد أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) - بطل الفتوحات ، وفارس الانجازات ، وموئل الأمجاد والعظمات ، ومراقد جملة مهمة من انبياء الله وأوليائه ،مضافاً الى أنها مركز الإشعاع العلمي والروحيّ ، (والمصنع) الكبير (لأنتاج) العلماء والخطباء ، وموطن الشعراء والمبدعين ....وكان المؤمل ان تبدأ الاحتفالات الرسمية في الخامس عشر من شهر آذار من هذا العام .ان ميزانية ضخمة قدّرت بنصف مليار دولار ، قد خصصت لهذا المشروع الحضاري الرائد .وكنّا خلال الفترة الماضيه ، نسمع بين الحين والحين،عن انسحاب العديد من رؤساء اللجان من كتلتي ( الاحرار ) و(المواطن) من تحضيراته ، فتغمرنا سَورْةٌ من الغضب والقلق لما يجري في الخفاء ....!!كما أننا سمعنا الى أن هناك صراعات أدّتْ الى تغيير العديد من المسؤولين على تنفيذه ، وكلّ ذلك أسهم في زيادة المخاوف والهواجس ،حول هذا المشروع المهم . وأخيراً تم الاعلان الرسمي عن تأجيل المشروع وبدأت الاسئله تتراقص وتتكاثر عن سر التأجيل :هل هو الفساد المالي وحده ؟أم ان ثمة عاملاً آخر يضاف الى الفساد المالي وهو التباطؤ والتلكؤ الممقوت في أنجاز متطلبات المشروع ؟أم انه الموقف السلبي للمرجعيه الدينيه التي نأت بنفسها عن فعاليات مشروع النجف عاصمة للثقافة الأسلامية ؟أم انه مجموع هذه العوامل ؟انها على كل حال ظاهرة مُحزنه ، تكشف عن حجم الخلل الكبير في الأداء، والتنفيذ ، حتى في أقدس المشاريع ...!!!لقد صرّح الشيخ علي النجفي - وهو نجل المرجع الديني الشيخ بشير النجفي - بالقول :" ان للنجف مكانه ساميه تحتاج الى جهود مخلصة خالصة من الفساد الاداري والمالي ،وهمها الوحيد اعطاء النجفي حقها ، وهذا ما لم يتحقق ، لذلك رأت المرجعيه الدينيه :إمّا ان يتم تأجيل المشروع لحين استكمال الاستعدادات بالشكل الذي يليق بالنجف .أو انه لن يتم استقبال الضيوف المشاركة في المشروع من قبل المرجعيه الدينيه ، على اعتبار انّ ما تم انجازه لا يتناسب ومكانة النجف الأشرف ، ولا يتناسب واهمية المشروع "والسؤال الآن :ماذا سيكون الانطباع العام عند (100) دولة عربية واسلاميه كانت قد دُعيتْ للمشاركة ، عن هذا التأجيل ؟إنَّ كلّ محب للعراق ، لابدّ ان يرفض بقوه ، تقديم صورة قاتمة عن أوضاع العراق وأحواله ، لأنها تُشمت به الحاسدين ، وتُبعد عنه المستثمرين ، وتطلق ألسنة الناقدين .
حســـين الصـــدر
https://telegram.me/buratha