• بقلم: علي لطيف الدراجي
ماذا يمكن ان يجني الشباب من المقاهي واجواء الفوضى والضجيج التي تعج بها وسحابات دخان(النركَيلة) التي تبعث السموم في الأبدان قبل الأنوف. رب سائل يريد ان يعرف الحقيقة وماذا يجري في اروقة اماكن ارتدت حلة عصرية حيث لم يعد هذا المكان يسمى(مقهى) لأنها طلقت(الكرويتة الخشب) وصوت الملاعق وهي تتراقص في اقداح الشاي بعد ان اكتسب اسماً اكثر حداثة وهو(الكوفي شوب) عيش اوشوف !!! كواحدة من مفردات البطاقة الكارثية التي جاءت الينا اوبالأحرى هناك من استوردها برضاه من دول الجوار او الأبعد قليلاً ، فهناك اشياء كثيرة لايرغمنا عليها المحبون والأعداء بأقتباسها لابل هناك من يهرول اليها ويجلبها بكل فخر مثل (البدي) و (الجينز) و (البرمودا) و (الذهب البرازيلي) و ( دبدوب عيد الحب) الله يحفظه ويخليه !!نحن شعب خلقنا لكي نقتبس لأننا لانملك الوقت الكافي للتفكير والتخطيط والكتابة ، و(ليش هاي الدوخة) طالما هناك من يفكر ويعمل وهم غيرنا لكي يختزلوا علينا الوقت والجهد ، وحتى الاقتباس هذا الذي هو حق مشروع فيما لو كان فيه خير للجميع نحن بعيدون عنه كل البعد وبريئون منه براءة الذئب من دم يوسف !! فنحن لانعرف طريق الكتاب المفيد ولا المشروع التنموي الذي يخدم بلدنا ولاحتى النظافة والنظام وتقديم المساعدة للأخرين ، وماذا نفعل بكل هذا ذاك والشعارات تغص بها بعض وسائل الإعلام والقليل من المناهج الدراسية وربما الجدران ، ولكننا نعمد دائماً الى اقتباس الإشاعة الضارة والملابس المحرمة والأفكار الهدامة والمخدرات والنركَيلة الحبيبة بألوانها الزاهية واشكالها الرائعة وانواع المعسل الذي لايحلو دون نسبة كافية من المهدئات والمكيفات واشياء اخرى ما انزل الله بها من سلطان.المجتمع العراقي اليوم يعتريه الكثير من المظاهر السلبية التي لاتمت للإسلام بصلة وبعيدة عن الموروث الحضاري لبلد يمتلك كل مقومات الأصالة والعمق التاريخي العظيم وباتت تشكل خطراً غير كافٍ الحديث عنه في صحيفة او محطة فضائية او اذاعية لأننا امام كارثة حقيقية تحمل معها شتى الوان التفكك الأسري والمجتمعي ويقودنا الى مفاسد دينية واخلاقية وامنية.ولعل ظاهرة انتشار المقاهي هي من اولويات هذا الخطر الذي يدق ناقوس النفير للوقوف بحزم ضد هذه الظاهرة ووضع حدٍ لها ، فالشباب اليوم لم يعد يكتفي بقضاء ساعة او اثنين في هذه المقهى او تلك لابل اصبحوا معتكفين بها لوقتٍ طويل نتيجة ميل اصحاب المقاهي الى انتهاج كل السبل التي تدعو الشباب الى التجمع في المقهى فنجدهم يعتنون بشكل النركَيلة ويراعون اختيار المعسل فيقودون الشباب الى النهاية التي لابد منها وهي النهاية التي يريدها البعض ممن عقدوا العزم على تفتيت روح النشئ وقصم ظهر المجتمع العراقي بمعول الفساد ، فكل اصحاب المقاهي يمتلكون وعياً وادراكاً كافيين لخطف القلوب والعقول من شبابنا على حين غرة.شبابنا باتوا ضحية رخيصة الثمن وصولجان سهل الانقياد بيد(قتلة) لايلجأون الى السلاح المادي بعد ان وجدوا ضالتهم في تركيبة من سموم لديها فعل اكبر من فعل المسدس والعبوة الناسفة لأنهم قادرين على نسف المجتمع دون رحمة او اسف ، فماذا يمكن ان ينال الشاب من هذه(النركَيلة) التي تزخر بـــ(الفورمالدهايد والاسيتون والنيكل والنيروزمين والسيانيد) اضافة الى مادة الأكريلين السامة التي تسبب السرطان ، ومما لايعرفه البعض ان 70% من كميات(الجلسرين) تستخدم في تصنيع معسل(النركَيلة) وينتج من استخدام(الجلسرين) استنشاق مادة سامة وخطيرة وعندما يخالطها المعسل تؤدي حتماً الى الإصابة بالسرطان ، وكل هذه المواد السامة لاتعمل على المحافظة على الصحة ولا على تزويد الجسم بالفيتامينات المطلوبة للجسم لابل تقضي على الشاب وتفتك بصحته ونظارة شبابه.ان اصحاب المقاهي ممن تنطبق على مقاهيهم شروط الموت البطئ لشبابنا هم وكلاء الشيطان الرجيم وهم من نجح حتى الأن في استغلال جهل وقلة وعي بعض الشباب ووقت الفراغ الذي ملأ حياتهم والبطالة اضافة الى غياب الرقيب وتراخي الجهات المختصة وعدم وجود مسعى جاد لمكافحة هذه الآفة الخطيرة التي بدأت تأخذ مساحات واسعة جداً ، فلا توجد منطقة شعبية ومحلة وزقاق لانرى فيها مقهى يتمتع بحلاوة الدخان والكلمات النابية والمواضيع التي لن تعطي لبلدنا سمة الدخول الى التمدن والتقدم لابل تسهم بشكل فعال في حالة الأزمة الثقافية التي تحاصرنا من كل مكان ، فالمقهى او الكوفي شوب هو اخطبوط يمد اذرعه الى رقاب المجتمع ويعمل على اخناق ارادته وقطع كل امل يقودنا الى البناء والنماء.نحن الأن امام تحدٍ صارخ من قبل البعض ممن لايريد الخير لمجتمعنا ولايروق له ان يرى شاب ينجح واخر يبني وثالث يبدع ، ويجب علينا ان نقف على خط واحد من المسؤولية من صانع القرار وحتى اصغر فرد فينا لكي نكون بفعل مواطنين صالحين ونعتز بأنتمائنا الى عراقنا والى تراب هذا الوطن ، فعلى مجلس النواب كونه ممثل للشعب من قبل ومن بعد ومسؤوليته هي الدفاع عن الشعب وحمايته ان يرقى الى مستوى الفعل الضارب وبكل قوة تجاه هكذا مشروع وفتح قنوات اتصال مع مسؤولي الأجهزة الأمنية وايقاضهم من سباتهم واللجوء الى العمل الوقائي الى جانب العمل الأمني ، فلماذا هذا التركيز على العمل الأمني دون العمل الوقائي ، وهناك دراسات امنية واجتماعية تؤكد على ان العمل الوقائي هو الأصل والعمل الامني هو الفرع ، وبالتالي اذا كان هناك من يشكو من ارتفاع معدلات الجريمة والانهيار المجتمعي فلماذا لايكون العمل تجاه الرقابة الصارمة على المقاهي واماكن اللهو الأخرى التي تنطلق منها مثل هكذا اعمال اجرامية ، ويجب ان يكون هناك قانون ينظم عمل هذه المقاهي من اجازات وشروط صحية وفرق تفتيش من دوائر صحة المحافظات اضافة الى فرق امنية خاصة لمتابعة هذه المقاهي واصحابها والحد من الأعداد الرهيبة من المقاهي التي تجاوزت اعداد المدارس والجامعات والمكتبات وعندما يكون عدد المقاهي اكثر من المؤسسات التعليمية والثقافية فلنقرأ على الدنيا السلام ونرفع القبعات لأصحاب المقاهي وهم يمرحون ويلعبون دون مسائلة او عقوبة.واذا كان المثل الأنكليزي القائل( بان الشيطان يجد عملاً للأيدي العاطلة لكي تعمل) فهناك اكثر من شيطان قد تعامل(بحرفنة) مع ظروف العراق وساهم في ضياع الكثير من الشباب وابدلوا فترة اعدادهم واكتساب الخبرات والمعارف والتكوين العلمي والخلقي والاجتماعي والمهني بحالة من السكون والخلل والتكاسل بعد ان القوا في جوفهم هذا الكم من السموم فخلقوا الضرر في المجتمع ، نحن ننتظر من كل انسان لبيب وغيور من مسؤولين واباء وامهات واخوة واخوات ان يجتهدوا في محاربة هؤلاء الشياطين اليوم وغداً.
https://telegram.me/buratha