نوال السعيد
كل من تابع زيارة رئيس المجلس الاسلامي الاعلى العراقي السيد عمار الحكيم الى محافظة نينوى مؤخرا لابد له ان يصاب بالدهشة والاستغراب ، ويقف مذهولا من طبيعة المشهد الشاخص امامه.زعيم سياسي-ديني شيعي وفق الحسابات والتصنيفات المذهبية ، ويرتدي العمامة .. يذهب الى اكبر المحافظات ذات الاغلبية السكانية السنية-العربية المعروفة تأريخيا بتوجهاتها القومية المتشددة في بعض الاحيان، والتي كانت حتى وقت قريب تعتبر من بين اهم معاقل تنظيم القاعدة الارهابي وحزب البعث المقبور، او هكذا هي الصورة المرسومة لها في اذهان الكثير من الناس. ... طيلة الاعوام التسعة المنصرمة لم نشهد زعيما سياسيا او دينيا يمتلك ثقلا وحضورا وتأثيرا كالذي يمتلكه عمار الحكيم قام بزيارة مماثلة لزيارة الموصل.قد يذهب هذا الزعيم او ذاك الى مدينة معينة تختلف عن لونه السياسي او الديني او المذهبي او القومي ليلتقي على عجل بعض كبار المسؤولين والوجهاء والنخب فيها ويغادر.. ولكن ان يبقى فيها يومين او اكثر ويتجول في اقضيتها ونواحيها ويلتقي الناس من مختلف الالوان والتوجهات ويتحدث اليهم ويستمع منهم عن قرب ، فهذا امر نادر الحصول ان لم يحصل بالمرة سابقا.اثبتت زيارة الحكيم الى نينوى او اثبت هو من خلال هذه الزيارة انه يتبنى نهجا يقفز على حدود وخطوط الطوائف والقوميات والمذاهب والاديان وانه كشخص وكيان وتيار لكل العراقيين وانه مثلما يذهب الى البصرة والنجف وكربلاء وذي قار ، يذهب الى نينوى والانبار واربيل والسليمانية وصلاح الدين... هذا النهج هو ذاته نهج المرجعيات الدينية منذ عهد الامام الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره الشريف) ، مرورا بالشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر، والشهيد السعيد السيد محمحد محمد صادق الصدر وصولا الى المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد علي السيستاني وبقية مراجع الدين العظام حاليا(حفظهم الله جميعا) .لايمتلك عمار الحكيم سلطة تنفيذية وقد لايستطيع تلبية مطاليب الناس الكثيرة ، والتخفيف من همومهم ومعاناتهم ، فهذه مهمة الدولة والحكومة من خلال مفاصلها ومؤسساتها التنفيذية وعبر امكانياتها ومواردها الضخمة .. ولكنه قادر على التأسيس لواقع صحيح واصلاح ماخربته ودمرته السلوكيات والثقافات الخاطئة على امتداد عقود من الزمن ومازالت تفعل فعلها حتى الان .. لانعتقد ان الحكيم ذهب الى الموصل وقبلها بايام ذهب الى الاعظمية ليروج لشخصه او لحزبه ويبحث عن انصار ومريدين ويحشد الجماهير ويجمع اصواتهم للانتخابات المقبلة .. فاستنادا الى الحسابات السياسية فأن الموصل والاعظمية والانبار وصلاح الدين لها مرجعياتها وكياناتها وتياراتها السياسية ... ولكن بالتأكيد انه ذهب الى هناك ليطلق رسالة بالغة وبليغة من غير الممكن قراءتها بصورة معكوسة ومقلوبة..
https://telegram.me/buratha