( بقلم : سعد البغدادي )
نقف كثيرا حول السؤال لماذا وقفت الانظمة الرجعية ضد التجربة العراقيةالواعدة في نظام ديمقراطي في الشرق الاوسط الذي ظل اسيرا للانظمة الاستبدادية والقمع والحرمان منذ عهد الاستقلال والتحرر من الاحتلال الاجنبي فبعد خروج الانكليز والفرنسيين من الاراضي العربية خضعت هذه البلدان للتجربة القومية العربية ولانظمة حكم توليتارية استندت جميعها وفي كل البلدان العربية على ايدلوجية العنف والكراهية والقتل ومارست هذه الانظمة اقسى انواع الاظطهاد ضد الافراد وحولت الفرد الى مسخ ومن ثم مارست عليه اشكالا من تجارب العدوان الخارجي لتحوله فيما بعد الى خاضع لا حول له ولا قوة حدث هذا وسط تهميش لقوى التحرر الوطني واليسار الديمقراطي .وفي عام 2003 سقطت اعتى فاشية في الشرق الاوسط واحد اهم مرتكزات الفكر الايدلوجي لهذه الانظمة مما سمح للديمقراطية في العراق ببذر اولى بذورها في المنطقة واصبح العالم برمته يتطلع الى هذه التجربة الوليدة وما سيتمخض عنها من نتائج لعل اهمها ارتفاع درجة الوعي الديمقراطي في الشرق الاوسط كما دلت هذه التجربة على هشاشة الانظمة القمعية وانه بالامكان ازاحتها بكل سهولة وما القوة البوليسية التي تتبجح بها الا قوة كارتونية امام الجماهير. هذه اهم الاسباب التي دعت الانظمة الرجعية تشترك في حلف غير مقدس ضد العراق واهل العراق من خلال تجنيد الارهابيين وتدريبهم وارسالهم الى العراق لنقل المعركة او تاجيل السقوط الحتمي الذي ينتظرهاكان اول النتائج التي حصلت عليها هذه الانظمة هي الاساءة الى التجربة العراقية من خلال منظر العنف الدموي والدمار وتاخير الاعمار لينعكس ذلك سلبا على المواطن العربي الذي اشمئز كثيرا من مناظر العنف اليومي في العراق وتمنى ان يبقى تحت انظمة القمع على ان يتحرر من قيودها ويكون مصيره مثل مصير العراق .ولم تكتفي هذه الرجعية بهذا القدر بعد ان حققت انتصارها بل تمادت اكثر في الطعن في التجربة العراقية وتصويرها بانها تهدف الى تقسيم العراق وتحويله الى دويلات متعددة يسهل مهمة اسرائيل؟ ساعده في ذلك بعض الخطاب المتشنج والغير مسؤول من بعض الشخصيات السياسية العراقية التي انجرت الى شراك الرجعية العربية وبدءت تنفذ جزء من مخططاتها بوعي منها او دون وعي في حالة دفاع يومي عن مصالحها.
التجربة العراقية فريدة من نوعها فقد شهد العراق عودة لكافة الاحزاب الدينية واليسارية والقوميية والليبرالية لم تكن هناك خطوط حمر ضد اي توجه والجميع يعمل علانية وانتهى عصر الاحزاب والتيارات السرية واصبحت بغداد اهم مركز سياسي وثقافي فلاول مرة في الشرق الاوسط يتم انتخاب رئيس جمهورية من غير القومية الرئيسية في البلاد ولاول مرة يشترك الشعب في خيارته بغض النظر عن تلك الخيارات لكنه بدء فعلا يتلمس طريق التحرر. امر غير مالوف في الشرق الاوسط والاكثر من هذا ان المكونات التي كانت فيما مضى تحت سوط القمع استلمت الحكم من خلال المؤسسات الديمقراطية وارادة الجماهير. يبدو ان مثل هذا الخيار غير مرغوب فيه بالنسبة للشرق الاوسط عموما فتجربة حماس هي الاخرى شكلت ضربة قاضية لللانظمة الاستبدادية بغض النظر عن موقفنا من حماس حديثنا فقط عن الخيار الديمقراطي لماذا هو مرفوض في الشرق الاوسط واكثر تحديدا في المنطقة العربية . فيما نرى هذه الانظمة تدافع وبكل قوة عن نظام مرفوض شعبيا وتحاول ان تجد له المسوغات من خلال دعمه اقتصاديا كحالة لبنان. هذا الامر يجعلنا نتوقف مليا لماذا تقف الانظمة الرجعية ضد التجربة الديمقراطية في العراق ولماذا تسعى جاهدة لعرقلة اداء هذه الحكومة من خلال دعمها الصريح والواضح لقوى الارهاب الاقليمي .
ان التحليل الديالكتيكي للانظمة الرجعية يؤشر ان بنية هذه الانظمة قائمة على اساس الصراع الداخلي لمجتمعاتها والتي تساهم فعليا في قمع جماهيرها وسحقهار وتهميش القوى الوطنية في تلك البلدان من اجل المزيد من الاحتكارات وايجاد اسواق للراسمالية العالمية مثل هذه الامور جعلت الرجعية العربية تستنفر قواها الامنية لتصدير الارهاب الى التجربة العراقية من اجل افشالها .ربما نجحت هذه الرجعية في تحقيق اهدافها لكن الصحيح ايضا انها بفعلها هذا سلطت الضوء اكثر على عمق الازمة التاريخية التي تعيشها الرجعية وهشاشة انظمتها التي لن تصمد كثيرا امام تطلعات الشعوب العربية في الخلاص من قمع الاستبداد ونير الديكتاتورية.
https://telegram.me/buratha