علي الشيخ حبيب
القمة العربية التاريخية المزمع عقدُها في بغداد العروبة والسلام وبغداد التاريخ والامجاد في 29مارس المقبل والتي سوف تعتبرنقطة تحول فارقة في الوضع العربي الراهن، لما يمثلة العراق من عملاق اقليمي مرتقب له ثقل كبير في الساحة العربية والعالمية، بعد ان تجاوز العراق مرحلة الدكتاتورية ونيل السيادة والاستقرار السياسي، حيث يعول العرب والعالم على قمة بغداد في رسم مستقبل العلاقات العربية - العربية وتغيير نمط الاصطفافات وموازين القوى الاقلمية الفاعلة في الشرق الاوسط بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص، اضافة الى اضهار قدرة القيادة العراقية على ادارة تلك القمة وطرح افكار ورؤى من شأنها تغيير المعادلات المتشنجة في العالم العربي ، وتهدئة اجواء دعوات امراء الحرب والفتن الى الحروب والتدخلات الاجنبية في البلدان العربية .
حيث قال نائب الامين العام للجامعة العربية احمد بن حلي ان القمة العربية ستنعقد في 29 اذار المقبل، في بغداد واضاف بن حلي "اتفقنا على جميع الترتيبات، وسيكون اجتماعا لوزراء الاقتصاد في يوم 27 اذار واجتماع وزراء الخارجية 28 اذار ، واجتماع القادة العرب في 29 اذار/مارس". نقدم تلك الدراسة حول الانعكاسات الايجابية والسلبية لتلك القمة على العراق والمنطقة العربية في تلك الظروف البالغة التعقيد.
وعند البحث في اسباب عدم انعقاد القمة العربية في بغداد العام الماضي وجدنا الاسباب الاتية :
1- الظروف التي فرضها الربيع العربي على البلدان العربية، وتغيير الخارطة السياسية العربية، وسقوط اكبر الدكتاتوريات العربية الهرمة في مصر وتونس وليبيا واليمن، وقبلها في العراق وتأثر الدول الخليجية بنسيم التغيير التي رافقت الربيع العربي.
2- الحرج الذي كانت تعاني منه الدول العربية التي كانت تزايد اوتدعي انها ضد الاحتلال، من انعقاد تلك القمة في بلدٍ تحت الاحتلال الأمريكي.
3- القلق الأمني لدى بعض الرؤساء والملوك والمشايخ العربية الذي جعل البعض منهم يقترح عقد القمة في أربيل، لكن هذا الإقتراح ما لبث أن استُبعد وقررت الجامعة انعقادها في بغداد،هذا العام رغم اعلان بعض الدول العرية عدم مشاركتها فيها، علما ان تلك بعض الاسباب المعلنة التي كانت وراء تأجيل انعقاد القمة العربية في بغداد العام الماضي رغم استعداد العراق لاستضافتها.
ماهي الاسباب التي دعت الجامعة العربية الى قبول الدعوة لعقد القمة العربية في بغداد هذا العام ؟
1- انسحاب القوات الامريكية من العراق وزوال ذريعة الاحتلال.
2- وضع السلطات العراقية خطط امنية محكمة لحماية مكان القمة والمشاركين فيها، في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العراق .
3- تحقيق مراهنات الجامعة العربية على هذا الحدث لإعادة ارتباط العراق بالعرب والمكانة المرجوة للعراق لاعادة هيكيلية المنطقة العربية بعد الربيع العربي.
4- محاولة بعض الانظمة الفتية العربية التي قامت على انقاض الدكتاتوريات المقيته، والاستفادة من اسخدام التجربة الديمقراطية العراقية في البلدان التي تحررت من الدكتاتوريات التي حكمت البلدان العربية لاكثر من ثلاث عقود من الزمن.
5- سقوط قناع الارهاب وأصبحت طائلة العدالة تنال اكبر رؤوس الجريمة ودمى الاقليم واطراف الفساد السياسي في العراق.
6- تنوع المشهد السياسي العراقي وتمثيل جميع المكونات والاقليات في العراق في الحكومة والبرلمان، رغم تشكيك الانظمة العربية الخليجية في ذلك ومراهنتهم على الاحتقان الطائفي وتقسيم العراق.
الإشكالات السعودية والخليجية على انعقاد القمة العربية في بغداد هذا العام؟
1- الأزمة السياسية الراهنة في العراق بعد اتهام الهاشمي وانسحاب العراقية من البرلمان والحكومة، حيث جددت طرح علامات استفهام عربية وخليجية كبيرة حولها على العكس من العام الماضي حيث شكلت مشاركة جميع الكتل البرلمانية في الحكومة عاملاً مشجعاً للعرب لدعم التوافق الوطني في العراق، أما الآن فيبدو هذا التوافق موضع شك خليجي، لذا يستحسن أن ترتب بغداد خروجها من هذه الأزمة قبل موعد القمة.
2- ليس سراً أن العديد من العواصم العربية خصوصاً المملكة السعودية وبعض الدول الخليجية لم تنفتح على رئيس الوزراء نوري المالكي ولا ترتاح إلى نهجه في إدارة الحكومة، رغم الانجازات الكبيرة التي قام بها المالكي في تحقيق الامن وفرض القانون وتوقيعة على الاتفاقية الامنبة التي كانت وراء خروج القوات الامريكية من العراق وأنسحابها الى قواعد في الكويت وقطر والسعودية.
3- المناخ الملبد بالغيوم الذي فرضته الأزمة السورية، حيث ان الرؤية العراقية التي ترى الطريقة السلمية لتداول السلطة في سوريا ، وأصرار السعودية وقطر وبعض الدول العربية والاقلمية في الدعوة الى لجوء الجامعة العربية إلى تدويل القضية السورية في مجلس الأمن.
4- شعور دول الخليج العربية وبعض محور الاعتدال أن التهديد الأكبر للعرب هو إيران التي يعتقدون انها لا تزال تملك أطماعاً بالسيطرة على الخليج ، ومحاولة اشاعة ثقافة الاعتقاد ان أهل السنة في العراق يتعرضون للتهميش السياسي على يد الحكومات التي يسيطر عليها الشيعة.
5- أعتبر بعض العرب بقيادة السعودية ان قرار الجامعة العربية عقد قمة في بغداد الشهر المقبل ضرباً من الجنون،لأن الحكومة العراقية تتمادى في مساندة طهران ضد إرادة غالبية الدول الأعضاء في الجامعة العربية؟.
6- تؤدي بغداد دوراً حيوياً في دعم نظام الأسد، الذي يعتبرة العرب انه حليف إيران في سورية، والذي يدينه أعضاء الجامعة العربية بشدة ويعملو على عزلة واسقاطة.
7 – لهجة العراق الندَية مع تركيا حتى إن بغداد مستعدة لخسارة علاقاتها التجارية الأساسية معها،عندما قال المالكي على تركيا ان تكف عن التدخل في الشان العراقي ، وتركيا التي يعول عليها المحورالسعودي القطري ان تتخذ موقفا حازماً ضد الأسد والذي كانت تجمعها به يوماً روابط ودية، لقد دعت القيادة التركية الأسد إلى التنحي، وتستضيف مخيمات للاجئين السوريين قرب الحدود واصبحت ممرا لعبورالمرتزقة والارهاب الى سوريا.
8 - عمل القيادة العراقية على إحباط العقوبات الدولية على إيران، لان بغداد لا تنوي التقيَد بالعقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على طهران حيث طلب العراق رسميا اعفاءة من تلك العقوبات،.ولان إيران هي حالياً ثاني أكبر شريك تجاري للعراق، حيث تصل قيمة التبادلات التجارية إلى نحو 10 مليارات دولار أميركي سنوياً، وتعمل حالياً على تطوير مزيد من التعاون الصناعي والاقتصادي.
9 – دعوة السعودية حكام دول مجلس التعاون الخليجي في الامتناع عن حضور القمة العربية التي ستنعقد في مارس المقبل في بغداد أو أية قمة أخرى قد تنعقد هناك مستقبلاً، وعدم إرسال ممثلين عنهم إليها، وزيادة الضغوط على الحكومة العراقية الى التخندق مع السعودية والدفاع عن البوابة الشرقية في وجة عدوها الاكبر ايران كما فعل جنديها المطيع سابقا في العراق في حرب الثمان سنوات العبثية.
10- غياب النظرة العقلائية عن محور المؤمرات الخليجي ان بغداد كانت ولازالت وستبقى رمزاً للحضارة والثقافة والعروبة والشهامة العربية الاصيلة، وسيبقى العراق القلب النابض للعالم العربي، فقبل الخلافة الاسلامية في عاصمتها الكوفة ثم خلافة بنى العباس في بغداد، والشعب العراقي يتميز بأنه الأوسع علماً والاكثر ثقافة وتحضرا وتاريخا وتأصلا من باقي البدان العربية. وإذا قدّر لقمة بغداد أن تنعقد، ستكون الفرصة الأولى بعد الانتفاضات الشعبية لوضع الجامعة والقمة العربيتين على سكة رؤية جديدة للعمل العربي المشترك، تأخذ أكثر في الاعتبار ضرورة الاهتمام بمصالح الشعوب اكثر من قمم امن الانظمة والتحالفات لديمومة بقاءها.
علي الشيخ حبيب
مدير- مركز الرافدين للدراسات والبحوث الاستراتيجية
https://telegram.me/buratha