خضير العواد
لقد مرت المنطقة العربية وشعوبها في إنتكاسات وإحباطات ما لم تمر فيه حتى في أيام الأستعمار و السيطرة والاجنبية , بل وصل الأمر الى نزع كرامة الشعوب العربية وجعلها مغلوبة على أمرها أي بمعنى لا تحل ولا تربط بل القرارات جميعها بيد الحكّام إذا كانت الأنظمة جمهورية أو ملكية فجميعها سواء في منطقتنا العربية المختلف فيها فقط المصطلح , وقد وصل الأمر الى أن هذه الأنظمة تحاول المحافظة على المصالح الغربية وإسرائيل أكثر منهم على أنفسهم , وتلاحظهم يتنافسون ويتنازعون مع بعضهم البعض من أجل المصالح الغربية وإسرائيل حتى يحصلوا على مصطلح الصديق الوفي للغرب , وهكذا أصبحت كل إجتماعات القمم العربية أو الخليجية أو اللقاءات الثنائية ما بين العرب أنفسهم نتائجها تخرج كما خطط وأراد الغرب له , وقد ظهرت هذه الاسرار عن طريق المصادر الغربية أو طريق وثائق ويكيليكس أو المؤسسات العربية نفسها عندما تريد أن توقع أو تشّهر بعضها ببعض , وأستمر حال الشعوب العربية هكذا حتى بداية الألف الثانية عندما بدأت تظهر من هنا وهناك إنتصارات المقاومة بكل أصنافها وخصوصاً في لبنان وفلسطين ومحاولة الغرب وإسرائيل كبح جماح هذه المقاومة المتصاعدة طبعاً مستعينةً بالحكومات العربية , ولكن هذه القوى جميعها لم تستطع بل على العكس وبسبب تعطش هذه الشعوب في إرجاع شخصية وكرامة المواطن العربي , نلاحظ قلوب الشعوب العربية جميعاً بدأت تتفتح للمقاومة وإنجازاتها التي تعتبر عظيمة وكبيرة مقارنةً بفترة الإنكساروالإذلال والإنهزام , فبدأت الهوة تتسع ما بين الحكومات وشعوبها ومشاعر الضجر والبغض والكراهية تتعاظم يوماً بعد أخر, ووصلت قمة الهوة بعد الأنتصارات العظيمة التي قام بها حزب الله في حربيَّه ضد إسرائيل التي لم يهزمها العرب قط مثل هكذا هزائم , وأجتمع العالم الغربي ومعهم جميع الحكّام الخونة من العرب لتغير نتيجة الحرب وأستعملوا جميع الوسائل المادية والأعلامية والدينية والسياسية فلم يستطيعوا , وحاولوا السيطرة على سلاح حزب الله أو تحجيمه على أقل التقادير من خلال أستخدام مرتزقتهم الذين صرفوا عليهم مليارات الدولارات من آجل وصولهم للحكم , ولكنهم لم يستطيعوا بل حصل العكس عندما قلب حزب الله الطاولة عليهم وأخذ الحكم منهم وسيّطر على القرار اللبناني وبذلك أنتهت كل أحلامهم في أفشال مشروع المقاومة والتصدي للكيان الصهيوني , كل هذه الأحداث كانت تنعكس على الشارع العربي وجعلت منه جمرة مغطات بالرماد ما أن أتتها بعض الرياح حتى أشتعلت النيران في معظم الأقطار العربية التي كانت حكوماتها على علاقات جيدة بالغرب و حرقت هذه النيران كل المشاريع الأستسلامية التي طرحتها الحكومات العربية وفي مقدمتها السعودية ومصر , أي بمعنى برنامج المقاومة والتحدي وتقرير المصير بالإضافة للديمقراطية كانت أهم شعارات الثورات العربية أي منهاج المقاومة قد أنتصر في الساحة العربية , وأصبحت المصالح الغربية وإسرائيل في خطر, فكيف سيكون التصدي لهذا الأمر المتعاظم إذا كان حزب واحد لم يستطيعوا هزيمته أو أضعافه فما بال الشعوب العربية , هنا جن جنون الحكومات الخليجية وخصوصاً السعودية التي خافت وصول نيران التغير الى أراضيها , لذا قامت السعودية بالتصدي لجميع الثورات بدون أستثناء لأنها تكره كلمة أسمها (التغير) وأما الثورات التي نجحت في تغير الأنظمة فقد قامت بالتدخل في تغير إتجاه الثورة وبالفعل هذا الذي حدث في مصر وتونس وليبيا , ولكن التحرك الوحيد الذي لقى الدعم اللامحدود من قبل السعودية بالإضافة لقطر وبقيّت البلدان الخليجية هو التحرك الذي حدث في سوريا , وهذا الذي كانت تتمناه السعودية وجميع البلدان الغربية وإسرائيل فجميع هذه البلدان تلتقي مصالحهم في تغير النظام في سوريا , الغرب وإسرائيل سيتخلص من النظام الذي بقية عصّي عن جميع مخططاتهم والداعم الأكبر للمقاومة بشكل عام التي أفزعتهم وأفسدة أحلامهم , وأما السعودية وبقيّت دول الخليج وكذلك الدول التي لا تقدر أن تعيش بدون الدعم الغربي فيجب أن تقضي على المصدروالنبع الذي مد الشعوب العربية بكل الطاقات الثورية التي جعلتها تنهض في مواجهة الأنظمة العربية الفاسدة , لذا فهذه فرصتهم الذهبية للقضاء عليها من خلال القضاء أو تغير نظام الحكم في سوريا الداعم الأكبر لهذه المقاومة , فكرّست السعودية وقطر وبقيّت بلدان الخليج كل طاقاتها المادية والإعلامية من أجل القيام بهذه المهمة التي لم تستطع كل دول الغرب القيام بها بسبب الكثير من العوامل التي تمنعها من إنجازها لذا تبنت المشروع هذه الدول من أجل الحفاظ على عروشها أولاً من رياح التغير التي ستهب عليهم إن تركت المقاومة تستنهض الشعوب العربية من أجل المطالبة بجميع حقوقها المسلوبة من قبل الحكّام , بالإضافة للمصالح الإسرائيلية والغربية ومن ثم تأتي المصلحة الإقتصادية للدولة قطرعندما تمرر إنبوبها لنقل الغاز لأوربا عن طريق الأراضي السورية لكي تضرب الأقتصاد الروسي بالصميم , أما حرية الشعب السوري وحقوقه كلها عبارة عن عناوين تطرح للتسويق لأن فاقد الشئ لايعطيه فأين حرية شعوبهم حتى يتباكوا على حرية الشعب السوري , فالمحافظة على عروشهم هي التي تبكيهم وتجعلهم يخسرون مليارات الدولارات من أجل تغير النظام في سوريا .
https://telegram.me/buratha