المقالات

الإمام الصادق (ع) يعيد الأمة الى الطريق القويم

861 07:49:00 2012-02-09

خضير العواد

لقد عاش الإمام الصادق (ع) في ظرف صعب للغاية تموج فيه الفتن وكثرت فيه البدع وأبتعد الناس عن سنة رسوله الكريم (ص) بعد أن عاث بني أمية الفساد في الأرض فقتلوا كل سنة سماوية ورعوا كل بدعتٍ جاهلية حتى يعيدوا العرب الى جهالتهم وينصبوا هبل على الكعبة من جديد , فقتلوا من طهرهم الله في كتابه الكريم وأرادوا قطع نسل الرسول (ص) وإمحاء إسمه من الذكر بل جعلوا السيوف على رقاب كل من يميل قلبه حباً لرسول الله (ص) وأهل بيته الأطهار, فملئت صدور الصلحاء بغضاً وحقداً على بني أمية وما فعلوه بعترة الهادي البشير ورسالته السمحاء , فأستغل بني العباس الأمر فخرجوا مسرعين لأعلان الثورة ضد بني مروان تحت شعار الرضا من أل محمد , فكان الشعار يجري في النفوس كما تجري النار في الهشيم فخرجت الأمة على بكرت أبيها لنصرت آل محمد والأخذ بثأرهم فقتلوا خليفة بني لأمية مروان الحماروأتباعه أشر قتلة في عام 132 هجرية , وبعد زوال ملك بني أمية وإنتصار الموالين لأهل البيت عليهم السلام سرق بني العباس نتاج الثورة وأستحوذوا بالملك وقتلوا كل من يعلن الولاء لأهل البيت عليهم السلام , وأول من تقلد الحكم من بني العباس هو أبو العباس السفاح حيث بقى في الحكم أربع سنين وستت أشهر ومن بعده سيطر على الحكم أخيه أبو جعفر المنصور الذي قام بقتل قائد الثورة الحقيقي وصاحب الفضل على بني العباس لأنه أوصلهم الى الملك ولكن أصحاب العروش أكثر الناس خيانةً وغدرا , فعندما شعر أبو جعفر المنصور في نفسه عدم الراحة من أبو مسلم الخرساني قام بخداعه وجلبه الى قصره ومن ثم غدر به وقتله , هكذا يقدم الملوك الشكر لمن أسدى لهم بالفضل ( فكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ) وقد أستمر أبو جعفر المنصور في الحكم حوالي 22 سنة أي توفى في عام 158هجري , وقبل وفاته ببضع سنين قام بدس السم للإمام الصادق (ع) وقتله بعد أن قتل المئات بل الألاف من العلويين لا لشئ فقط لأنتمائهم لهذا البيت المطهر , ففي هذه الفترة العصيبة من حياة الأمة الإسلامية التي مزقها الجهل وكثرت الأفكار المشككة بمبادئ الإسلام الحق وإنتشار البدع , وقد دعم حكام السوء قيادات هذه الأفكار إن كانوا من أتباع الديانات السماوية كاليهودية أو المسيحية بعد أن دخلوا في قصور الحكام والأمراء أو من المسلمين الذين ابتعدوا عن طريق الحق الذي وصى به رسول الله (ص) عندما قال ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي آهل بيتي لن تضلوا ما أن تمسكتم بهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ).....(1) فتركت الأمة الآل وخدعت نفسها بأنها متمسكة بكتاب إلله , عندها تفرقت الأمة الى فرق ومذاهب كل مجموعة تقاد من إمام خلقته المجموعة لنفسها وقد دعمت الحكومات هذه المجاميع وأئمتها فتارة تقرب لها هذه المجموعة وإمامها وتضطهد الأخرى وهكذا حتى يستتب الأمر لصاحب الحكم أما هذه المجاميع وأئمتها ما هي إلا وسائل لكي يسطر الحكام على رقاب الناس , وقد أستمر الإمام الصادق عليه السلام بالطريق الذي بدأه والده الإمام الباقر عليه السلام بنشر علوم آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ومنذ إستلامه لمقاليد الإمامة في عام 117 هجرية والإمام يدافع عن حياض الإسلام وتعاليمه الإلهية , فقد واجه الإمام الصادق (ع) البدع والأفكار الضالة التي أنتشرت في أنحاء الأمة الأسلامية من خلال المناظرات مع أصحابها أومن خلال خلق جيل من العلماء وظيفته الدفاع عن العقائد الحقة وتثقيف الناس إسلامياً , وهذه بعض الروايات التي تبين كيفيت تصدي الإمام الصادق عليه السلام لأصحاب الضلال والإنحراف وتثبيت عقائد الحق , ومن ضمن المواجهات ذات الطابع ا لسياسي الديني هي قضية الإمام الحسين عليه السلام فلقد منع حكام الجور زيارة الإمام الحسين (ع) ووضعوا مختلف الضرائب على الزائرين لقبره ثم أمروا بسجن أو قتل كل من زار أبا عبد الله الحسين(ع) وقد أكد الإمام الصادق (ع) على زيارته وأن زيارته تدخل الجنة وأكد على البكاء عليه وكذلك لبس السواد ونشر أهداف ثورة الحسن عليه السلام حيث قال الإمام الصادق (ع) ( من أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحد كتبت له الجنة ) ...(2) وكذلك قال (ع) (لكل شئ ثواب إلا الدمعة فينا )...(3) وكذلك قال (ع) ( من أحب الأعمال الى الله تعالى زيارة قبر الحسين) .......(4), وقد خرَّجَ الإمام الصادق (ع) الكثير من العلماء الذي يحملون علوم آل محمد صلوات الله عليهم آجمعين يقول هشام بن سالم : كان عند ابي عبد الله (ع) جماعة من أصحابه فورد رجل من الشام فأستاذن بالجلوس فاذن له فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله بالجلوس ثم قال له ( ما حاجتك أيها الرجل) , قال بلغني إنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأُناظرك , قال أبو عبد الله (ع) فبماذا ؟ قال في القرأن فقال أبو عبد الله (ع) يا حمران بن أعين دونك الرجل فقال الرجل إنما أريدك أنت لا حمران , فقال أبو عبد الله (ع) إن غلبت حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وحمران يجيبه , فقال أبوعبد الله (ع) كيف رأيته يا شامي ؟ قال رأيته حاذقاً ما سألته عن شئ إلا أجابني , ثم قال الشامي أريد أن أناظرك في العربية , فألتفت أبو عبد الله (ع) فقال يا أبان بن تغلب ناظره , فناظره حتى غلبه , فقال الشامي أريد أن أناظرك في الفقه فقال أبو عبد الله (ع) يا زرارة ناظره , فناظره حتى غلبه , فقال الشامي أريد أن أناظرك في الكلام فقال الإمام (ع) يا مؤمن الطاق ناظره , فناظره فغلبه ثم قال أريد أن أناظرك في الإستطاعة , فقال الإمام (ع) للطيار كلمه فيها , فكلمه فيها فغلبه ثم قال أريد أن أكلمك في التوحيد فنادى الإمام (ع) يا هشام بن سالم كلمه , فكلمه فغلبه , ثم قال أريد أن أتكلم في الإمامة فقال الإمام (ع) لهشام بن الحكم كلمه , فغلبه أيضاً فحار الرجل وسكت وأخذ الإمام يضحك فقال الشامي له كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال ؟ فقال الإمام (ع) هو كذلك ....(5), وفي أغلب ألاحيان كان الإمام (ع) يناظر قادة الأفكار المنحرفة عن طريق أهل البيت (ع) بنفسه لكي يصحح أفكارهم , ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاماً مع الإمام الصادق (ع) فلما رفع عليه السلام يده من أكله قال ( الحمد لله رب العالمين اللهم إن هذا منك ومن رسولك ) فقال أبو حنيفة يا ابا عبد الله أجعلت مع الله شريكاً فقال ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ).....(6) ويقول في موضع آخر ( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله )...(7) فقال أبو حنيفة والله لكأني ما قرأتهما قط في كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت فقال ابو عبد الله (ع) (بلى قرأتهما وسمعتهما ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك ( أم على قلوب أقفالها) ...(8) وقال ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ).....(9) , فقد ثبت الإمام الصادق عليه السلام قواعد مذهب أهل البيت عليهم السلام من خلال محاضراته في مسجد الرسول (ص) ومناظراته وقد توافد عليه طلاب العلم من كل أرجاء المعمورة وفي مقدمتهم ابو حنيفة ومالك بن أنس .فقد تخرج من هذه الجامعة العريقة اربعة الاف عالم في مجالات شتى من العلوم كلهم يقول حدثني جعفر ابن محمد الصادق (ع) واحصى طلابه ما يقرب من اربعمائة مؤلف اضف الى دوره البارز وفضله على علماء المذاهب الاربعة حتى قال ابي حنيفة لولا السنتان لهلك النعمان ويعتبر الامام الصادق ع المصدر الاوحد للفقه الاسلامي لانه استاذ جميع أئمة المذاهب الاربعة لان مالك وابي حنيفة قد درسوا على يد الامام (ع) والشافعي قد درسة على يد مالك واحمد بن حنبل قد درس على يد الشافعي وهذا يثبت مقولة عباس محمود العقاد كل مالدينا من علوم , من علي بن ابي طالب (ع ) مباشرةً او احد تلامذته .من هنا نعرف ان الامة متى ما اقبلت على هذا النبع الصافي لتنهل منه فانه سيفيض عليها بعلوم شتى قال الامام على (ع ) علمني رسول الله (ص) الف باب من العلم فتح لي من كل باب الف باب.....(10)قال امامنا الصادق ع ليت السياط على رؤوس اصحابي ليتفقهو بالدين حثا منه على اهمية العلم والتفقه بالدين كما قال ايضا بادرو اولادكم بالحديث قبل ان يسبقهم اليكم المرجئة من هنا نستشعر اهمية غرس العقيدة الصحيحة في عقول ابناءنا وشبابنا قبل ان يسبقهم الاخر ومن ثم ندخل في متاهات تصحيح المسار التى ربما تاتي متاخرة وتوصلنا الى نتاجات غير محمودة .وقد ولد الامام الصادق (ع ) في زمن الخليفة الاموي ابراهيم بن الوليد في 17 ربيع الاول سنة 83 هجرية واستشهد في زمن الخليفة العباسي المنصور الدوانيقي سنة 148 هجرية حيث دس له السم ومات شهيداً مسموماً فسلام عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا .

(1)فضائل الخمسة في الصحاح الستة ج2ص43,الحدائق النضرة للمحقق البحرانيج14ص17 (2) كامل الزيارات لأبن قولويه ص211(3) كامل الزيارات لأبن قولويه ص211(4)كامل الزيارات لأبن قولويه ص277 (5) تنقيح المقال ج3ص298(6) سورة التوبة آية 57 (7) سورة التوبة آية 60 (8) سورة محمد آية 25 (9) سورة المطففين آية 15(10) أعلام الورى بأعلام الهدى للشيخ الطبرسي ج1ص267

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك