حسن الهاشمي
ها هي الأهداف المتعالية كيف إنها تصقل النفوس وتهذبها وتسمو بها إلى مصاف القيم السامقة، وها هي الفضائل والكرامات كيف إنها تأخذ بأيدينا إلى سبل النجاة والصدق والإخلاص، وها هي الحشود المليونية التي تتقاطر وفي مناسبات متعددة لزيارة المولى الإمام الحسين عليه السلام كيف تتلقى نفحات الفيض الإلهي من لدن أولياء الله ومصابيح الهدى في كل زمان ومكان؟!.نقل لي أحد الثقاة المؤمنين من أهالي طويريج الموالين لأهل بيت العصمة والطهارة، إن أحد الأهالي ولديدنهم وعادتهم في استقبال زوار الإمام الحسين عليه السلام في زيارة الأربعين المليونية، بعد أن استقبلهم بكل حفاوة وترحاب، وقام بواجب الضيافة خير قيام من إطعام وإسكان وتوفير لسبل الراحة، ذهبوا إلى قاعة النوم استعدادا لإستئناف المسير لصباح الغد، وإذا بصاحب البيت يسمع نداء وهو في المنام بإخبار فلان بن فلان بالرجوع إلى من حيث أتى. تمتم في نفسه كيف أصرح بذلك وهو ضيفي! وما أن عاود النوم حتى إذا به يسمع نفس النداء أن بلغ فلانا الرجوع إلى محافظته، تجاهل الطلب مرة أخرى وما أن سبر غور النوم حتى بالنداء الثالث يصك سمعه بأن أبلغ فلانا بالرجوع إلى بيته!. هنا قرر الذهاب إلى قاعة الزوار لإيقاضهم لأداء صلاة الصبح ونادى في أوساطهم: من فلان بن فلان فأجاب أحدهم أنا، أخذه على انفراد وقبل أن يصرح بما سمع ورأى في منامه أخذ الضيف يقص عليه بأنك سمعت هاتفا يقول بلغ فلانا بالرجوع إلى بيته. فأجابه صاحب الدار مستغربا، وما أدراك أنت بمضمون ما رأيت؟! فرد عليه الضيف إن هذا الهتاف قد تكرر علي منذ ثلاث سنوات قد خلت، فقاطعه صاحب الدار وما السبب في ذلك؟! فقال الضيف قبل أربع سنوات حدث شجار بيني من جهة وبين والدي ووالدتي من جهة ثانية عندما كانا يعيشان في بيتي، قررت على إثره طردهما من البيت.طفقا والديّ يهيمان على وجوههما في الآفاق مغتمين كئيبين منكسري القلب مخدوشي الخاطر، وبعد مضي مدة من الزمن يتنقلان من بيت إلى آخر حتى فارقا الحياة كمدا وفقرا ومرضا وهما غاضبان علي أشد الغضب، ومن ذلك الوقت وكلما قمت بالسير لزيارة الأربعين يأتيني أحد أصحاب البيوت التي ننزل فيها ويطلب مني الرجوع وعدم الاستمرار في المشي، وقال هذا الكلام والدموع تنهمر على خديه وإنني لا أدع زيارة المولى حتى يرضى عني عن سوء ما بدر مني حيال والدي...هكذا يعلمنا الإمام الحسين عليه السلام أن نلتزم بمكارم الأخلاق وإنه يفرح ببرنا وأعمالنا الحسنة ويغتم بانحرافنا وأعمالنا السيئة، إنه يدعونا إلى طاعة الله سبحانه تعالى وإكرام الوالدين والإحسان إليهما وتقديم الاحترام والتبجيل والتقدير لهما جزاء لما بذلاه من أجل تربية الأجيال، وطالما يؤكد إمامنا المفدى على ضرورة الالتزام بالآداب الإسلامية التي تقوّم سلوك الفرد وتجعله آدميا محترما يسير على نهج الإسلام، وبسيرته العابقة يكون زينا له عليه السلام لا شينا عليه، وأما المسيرة الخالدة لإحياء أمره عليه السلام فهي بالرغم من أهميتها ومرجوحيتها تبقى هي الوسيلة للعروج الروحي وليس هدفا بحد ذاته، وهنيئا لمن اقتبس من نبع الحسين عليه السلام نبل الكرامة والشهامة ليظفر بالكمال والسعادة في الدارين.
https://telegram.me/buratha