• بقلم: علي لطيف الدراجي
من المؤسف جداً ان تتحول مباراة لكرة القدم تجمع فريقين من بلد وتجري في عروقهم دم واحد الى مأساة كبرية راح ضحيتها العديد من المشجعين الذين كانوا على غير موعد مع مسك ختام حياتهم في مكان تقاسم فيه المصريين من قبل الأفراح والابتسامات بأهداف هزت الشباك ولكنها لم تهز القلوب وتدمع العيون.المشهد الحزين الذي يؤلم القلوب في بور سعيد والقاهرة كان باعثاً على الأسى في الوقت الذي كان من المفترض ان يبدأ فيه ابناء مصر بترميم ماضيهم بكل معاناته وتطبيق مفردات ثورتهم الكبيرة على ارض الواقع من خلال التكاتف والحوار ونبذ العنصرية والتمييز والتحلي بالقليل من الصبر لتجاوز هذه المرحلة الحرجة من عمر البلاد ، فبعد ان بدأ البعض ممن لايروق له ان تحيا مصر وتعيش في اجواء مفعمة بالأمن والأمان بتهديد مستقبل الثورة بتحريك ورقة الصراع بين ابناء مصر من المسلمين والمسيحيين وسعوا جاهدين لتحقيق المواجهة بين طائفتين عاشت على ارض مصر وشربت من نهر النيل قروناً طويلة وستبقى تعيش وتدافع عن تراب ارضها ابد الدهر ، التجأت هذه المرة الى تصدير الفوضى من ملاعب كرة القدم مستغلين جموع الجماهير وغير ابهين بمستقبلهم والى اين هم ذاهبون ؟ دون شك الى الفتنة التي لن تجلب لمصر سوى المشاكل والأزمات كما جلبت للعراق مشاكل جمة لازلنا ندفع ثمنها غالياً حتى هذه اللحظة.مصر اليوم بحاجة الى وقفة للتأمل والتهدئة والكشف سريعاً عن بصمات الفاعلين الحقيقيين ومن يقف خلفهم من الذين يتحركون في دائرة العبث والشغب لإشغال السلطة وارباك عملها وبالتالي هدم كل ماحققته ثورة مصر في يناير.ماحدث في ماسبيرو وبور سعيد والقاهرة هي احداث متلاحقة والعامل المشترك الأكبر فيها هو الإضرار باسم مصر وحق شعبها في العيش الكريم في ارض يجب ان تعود كما كانت تنعم بالأمن والأمان وهي من قال بحقها البارئ عز وجل في محكم كتابه المجيد(ادخلوها بسلام امنين).لاوقت الان لخلط الأوراق ولاوقت الأن لتبادل التهم ، فالطريق طويل وبحاجة الى عمل دؤوب من رجال يحملون في قلوبهم الحب لتراب مصر وعزتها والوقوف بقوة بوجه الأجندات الرامية الى اجهاض ثورة الشباب التي ارتقت بدماء احرارها فوق النيل كنوارس بيضاء حملت معها الأحلام والألام والقت من اجنحتها قلوباً داعبها الخوف.تذكروا شادية وهي تقول(ماشفشي الأمل في عيون الولاد وصبايا البلد ، ولاشاف العمل سهران في البلاد والعزم اتولد) ، ولاتنسوا مسحة اديم الأرض التي تغنت بها وردة عندما قالت( حلوة ابلادي السمرة ابلادي الحرة).مصر اليوم تتوق لكلمات حافظ ابراهيم ومحمود سامي البارودي وقلم نجيب محفوظ وابداع يوسف شاهين وتجليات اسامة انور عكاشة لتنهض من جديد وتنفض عن القها غبار الزمن وتحياته وترتدي النيل ثوبها الناصع وهي تغني بهدير مائها.. ياحبيبتي يامصر.كل العزاء لشعب مصر من قلب مواطن عراقي ، والرحمة لشهداء ارض الكنانة الذين سقطوا في ساحة التحرير والإسكندرية وأسوان والسويس وبور سعيد ، والشفاء لكل جروح مصر التي ستندمل قريباً ، فكلما ضاقت ارجاء الدنيا بمصر فأنها ستعود اقوى من صرخة الموت ، وستخرج مصر من ازمتها هذه متعافية كما عرفناها.
https://telegram.me/buratha