حسن الهاشمي
أي إرادة وأي عزيمة وأي إصرار وأي إقدام قادر على أن يحرك ملايين المحبين لا يعبأون بذلك من إرهاب أو برد شتاء أو حر صيف، ولا يألون جهدا إلا ويبذلوه ولا يزدادون إلا إيمانا فينساهم التعب والنكد وربما الآلام لاسيما لأهل الزمانة والبلوى منهم، أي طاقة يستمدونها وأي قدرة يكتسبونها من ذلك الإصرار المتواصل لتجديد العهد مع إمام الهدى والفرقان؟!.ينقل لي أحد الإخوة الموثقين بأن امرأة مع ابنها الشاب انطلقا مع جموع المنطلقين لزيارة الحسين عليه السلام في اربعينيته الخالدة، وفي الطريق وبينما كان ابنها يسبقها في المسير وإذا بالانفجار المدوي يحصد عشرات المشاة بين شهيد وجريح وكان ابنها الوحيد من بين الشهداء، وما أن أخبروها بنبأ استشهاد ابنها حتى تلألأ وجهها فرحا بأن ابنها ذهب شهيدا على درب الحسين عليه السلام، وقالت بضرس قاطع بأن ابنها فداء لأم البنين إيفاء ولو بالنزر اليسير لتضحيات تلك المرأة الصابرة المجاهدة عندما افتدت الإمام المفترض الطاعة بأولادها الأربعة، وعندما طلبوا منها الرجوع إلى بيتها لتشييع وتأبين ابنها الشهيد فإنها أبت ذلك قائلة: لابد من تكملة المسير والذهاب إلى القبر الشريف للمولى لتجديد العهد وإبلاغ سلامي وسلام ابني الشهيد لإمام الشهداء والصديقين، ودعت من كان معها من معارفها بترتيب شأن الجنازة!!أي نوع من الإيمان هذا، أليست هذه المرأة المؤمنة الصابرة جديرة بالتأسي والإقتداء؟! أليست هذه المرأة هي من تتشفع للمؤمنين في يوم الجزاء؟! أليست هذه المرأة هي من تعطي البشرية دروسا في الجهاد والفداء والإباء؟! أليست هذه المرأة هي من ترد كيد الفجار والإرهابيين إلى نحورهم بسبب ما تحمله من روحية عظيمة معطاء؟! ماذا يظن أولئك الذين ختم الله على قلوبهم بعملياتهم الجبانة ضد زوار الإمام الهمام؟! هل يستطيعون الوقوف أمام السيل العارم من كل تلك المناقبيات والأخلاق والهمم العالية ولا علو الجبال الشاهقات؟! أين هم من تلك الروحيات المفعمة بالإيمان والمسترسلة بالمعنويات التي تهب الجسد والروح طاقة معنوية خالدة لا يمكن لأي قوة في الأرض النيل منها ولو استخدموا بذلك كل آلات التقتيل والإبادة والتهجير والتهميش؟! أنى لهم مقارعة الفكر النير بالمكر والخداع والوقيعة؟! وأنى لأساليب الشيطان أن تنال من هكذا عزائم راسخة وشوق للقاء الحبيب لا يعبأ بشيطنة المجرمين بل لا تزيده إلا إصرارا وعزيمة وتوكلا على مواصلة الدرب، درب الشهادة والشهامة والإصلاح.
https://telegram.me/buratha