هشام حيدر الناصرية
مع حالة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة , وحالة التسيب وانعدام الرقابة تقريبا, وانعدام الخوف من المتبقي من الرقابة بالنسبة لذوي النفوذ , ثم انعكاس هذا الحال المتردي على واقع التعليم في العراق,لاسيما التعليم العالي فيه , كان لابد من اتخاذ بعض القرارات لمعالجة هذا الخلل الفادح!ولعل الصورة تكون اشد ظلاما وسوداوية اذا ما نظرنا لواقع معظم الجامعات الاهلية ,وفي مقدمتها في المنطقة الجنوبية جامعة شط العرب كمثال على ذلك ,حيث تحولت الجامعة الى دكان لبيع الشهادات لاسيما على السادة المسؤولين ,ولعل ابناء الناصرية يعلمون ان معظم المسؤولين هنا هم في ذات الوقت طلبة في كلية القانون في جامعة شط العرب التي تناديهم بحسرة(تزوروني في السنة مرة حرام,تنسوني بالمرة )!اما في جامعة حسين الشامي (الامام الصادق سابقا) فان الامر اقل تدهورا, وان لم يكن واقع الحال يبشر بخير لاسيما وان فرع الجامعة بالناصرية مثلا قد تحول الى (جامعة الحصونة) مع التحاق افراد الاسرة الحاكمة للفرع هنا عن بكرة ابيهم مع بعض الاقارب والاصهار ,رغم انه ينتسبون للجامعة كموظفين ادرايين في ذات الوقت , بل وحتى في فترة الامتحانات التي لايكلفون انفسهم عناء الحضور الشكلي لاداءها مع الطلبة !وكنا قد نوهنا في مقالات سابقة ,كما فعل بعض الزملاء, الى الكثير من حالات الخلل المزرية في هذه الجامعة !والامر ذاته ينطبق على جامعات اخرى في محافظات اخرى في الوسط والمنطقة الغربية حيث يتبارى البعض للزج باكبر عدد ممكن من حملة الشهادات لاسيما العليا منها مدفوعا بدوافع طائفية مقيتة !لم اقف على قرار رسمي حتى الان لما بثته بعض القنوات الفضائية حول قرار لوزارة التعليم العالي يحول الامتحانات للمراحل المنتهية في الجامعات العراقية الى امتحانات عامة , ولكنه ان صح فانه قرار صحيح وسليم وخطوة جريئة اولى لمكافحة هذه الظاهرة وللحفاظ على السمعة الطيبة لواقع التعليم العالي في العراق التي اخذت تتدهور مع فرض الحصار الاجرامي على العراق عام 90 مما حول اساتذة الجامعات الى طبقة معدمة اجبرت البعض على بيع الاثاث المنزلية لسد الرمق ,واجبرت البعض الاخر على بيع الضمائر وشرف المهنة!لكن صدور هذا القرار جاء متاخرا عن بدء العام الدراسي الحالي ومتزامنا مع امتحانات الفصل الاول تقريبا وهذا يعني انه لم يتبق على نهاية العام الدراسي الا ثلاثة اشهر تقريبا, وهذا الوقت غير كاف اطلاقا للتعامل مع متطلبات هذا القرار !من المعلوم ان المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية تتعامل مع الصفوف المنتهية فيها تعاملا استثنائيا مراعية واقع ان هذه المراحل مشمولة بالامتحانات العامة لذا نرى ان طلبة هذه المراحل يلتحقون وينتظمون بالدراسة قبل غيرهم ,كما ان الادارات في تلك المدارس لاتقبل منح الاجازات لمدرسي تلك المراحل ايضا فضلا عن اختيار اكفا الاساتذة لها, والتشديد على الاسراع في اكمال المنهج ومراجعته قبل انتهاء العام الدراسي !كما ان من المعلوم ان المراحل غير المنتهية لاتهتم عادة باكمال المنهج , فضلا عن قيام بعض الاساتذة باعتماد ملخصات للكتاب المقرر , او اعتماد كتاب اخر يرى استاذ المادة انه افضل او لانه سبق ان درس في جامعة اخرى تعتمد كتاب الاستاذ الفلاني ولاتعتمد هذا,او قد يقوم الاستاذ بترك بعض المحتويات لاعتبارات مختلفة ....ومع الفترة القليلة المتبقية للعام الدراسي الحالي ارى ان من الصعوبة بمكان على كل الجامعات تقريبا ان تعالج الاشكالات الواردة انفا خلالها ,الامر الذي سينعكس سلبا على النتائج العامة!ومن وجهة نظر قانونية , فان اصدار القانون او القرار يتطلب وقتا لنفاذه ولايمكن ان يكون له الاثر الرجعي الا اذا كان لمصلحة من صدر القرار لصالحه بصورة لاتقبل الشك, وهذا ما ينص عليه عادة في دساتير الدول المتقدمة ومنها الدستور العراقي النافذ,لذلك جرت العادة على ان ينص في القانون على (ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية) وهي الوقائع العراقية,حيث ينشر بعد فترة من صدوره !او قد ينص على (يعتبر هذا القانون نافذا اعتبارا من تاريخ...) ويحدد تاريخ لاحق قد يمتد لعدة اشهر او سنة كاملة حتى بحسب طبيعة القانون , وكل ذلك لتمكين المعنيين بالامر من جهات حكومية او مواطنين من التكيف مع القانون الجديد وان لايكون القانون مفاجئا او ان يكون وقعه على طريقة (سبق السيف العذل)!عليه فاني اشد على يد وزارة التعليم العالي ان اتخذت مثل هذا القرار فعلا ,واحثها على اصداره ان كان قيد الدراسة , وارى ان يكون خاصا بكل المناهج الرئيسية للمرحلة لاان يكون خاصا بمادة واحدة مفاجئة كما يقال , فضلا عن ذلك كله , فان القرار يجب ان يشمل العام الدراسي المقبل لا الحالي للاسباب المبينة انفا, تداركا لسمعة الجامعة , والشهادة , العراقية !
هشام حيدرالناصريةhttp://husham.maktoobblog.com/
https://telegram.me/buratha