خضير العواد
لكل عقيدة أو رأي أو موقف في هذا الكون أدلة تثبت صحة أو مشروعية وجودها وإلا فهذه العقيدة تكون واهية تتلقفها الرياح من كل مكان ولايمكن لها الصمود في هذه الحياة لكثرت الأفكار والمعتقدات وما يدعمها من أدوات إن كانت مادية أو معنوية , ومن أهم هذه العقائد وأخطرها في الإسلام هي عقيدة الولاية أو الخلافة الألهية ولأهميتها لم يكتب كتاب في التاريخ الإسلامي أو يؤلف إلا وتطرق لهذه المسألة المهمة ولا يمكن له أن يتجاوزها أو يتغاضى عنها لخطرها ,لهذا نلاحظ كل فريق من فرق المسلمين جمع أدلته لكي يثبت أحقيته فيها , ولكن ليس كل دليل يقدم يجب أن يؤخذ به بل الدليل الذي يوافق كتاب الله وسنة رسوله الكريم (ص) هو المسدد والذي يجب أن يتبع ويقتدى به , وبسبب إفتقار الفريق المخالف للأدلة الشرعية المدعومة من القرآن والسنة الشريفة في إثبات أحقيته في تولي الخلافة لذا قام بأستعمال القوة والعنف في إثبات هذا الحق , وقد كان أول ضحية لأجل الولاية والخلافة الألهية هو السقط المحسن (ع) في يوم الثالث أو الرابع من ربيع الأول من عام 11 هجرية وقد لحقت به أمه الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين (ع) بأقوى الروايات بعد حوالي ثلاث أشهر, أي لم يصبر القوم كثيراً بعد وفاة رسول الله (ص) إلا بعض الأيام فقاموا بالهجوم على الدار التي كان لا يدخلها الرسول الكريم (ص) إلا بالإستئذان وكان يردد عندما يريد الدخول الى الدار السلام عليكم يا أهل البيت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)....(1) , فكانت عملية قتل المحسن عليه السلام من أبشع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية فقد تناقل العلماء تفاصيل هذه الجريمة بمختلف مذاهبهم لتواترها ومأساويتها وعظيم أثرها , فقد ذكر صاحب ميزان الإعتدال (إن عمر رفس فاطمة حتى أُسقطت بمحسن ).....(2) ,وفي المعارف ( إن محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي )...(3) ,وفي الوافي للوفيات (إن عمر ضرب بطن فاطمة (ع) يوم البيعة حتى ألقت ( المحسن) من بطنها)(4) , وفي الملل والنحل ( إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها )(5) , فجريمة بهذه الطريقة الوحشية ألم تؤذي الأم فإذا كان إسقاط عادي تحزن له الأم أشهر وما بالك بالرفس والضرب ومن تكون الأم ألم تكن سيدة نساء العالمين التي فقدت أبيها قبل عدت أيام ومن يكون الأب ألم يكن سيد الكائنات الذي كان لايقدر على فراقها للحظات ومابالك بالموت الذي فرقهما للأبد فالظرف كان بهذه الأجواء الحزينة والمؤلمة ومن ثم يأتي مباشرةً الهجوم على بيت الرسالة المحمدية وتقوم بواجبها سيدة نساء العالمين للدفاع عن الإمامة الحقة فيقوم عمر بالإعتداء عليها بالضرب وكسر ضلعها وإسقاط جنينها ,قال رسول الله (ص) ( اللهم إلعن من ظلمها وعاقب من غصبها وأذل من أذلها وخلدّ في النار من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك أمين)(6) , عندما نفكر بهذه الجريمة وكيف وقعت يطرأ سؤال مباشرةً على البال وهو ماذا كان يفعل الرسول (ص) إذا كان على قيد الحياة , يذكر أبن أبي الحديد المعتزلي (أن رسول الله(ص)أباح دم هبّار بن الأسود يوم فتح مكة لأنه روّع زينب بنت رسول الله (ص) بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملاً فرأت دماً وطرحت ذا بطنها , قال قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر , فقال إذا كان رسول الله (ص) أباح دم (هبّار بن الأسود لأنه روع زينب , فألقت ذا بطنها , فالظاهر الحال أنه لو كان حياً لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها )(7) , وبسبب إستشهاد المحسن (ع) بسبب هذا الإعتداء الآثم فأن فاطمة الزهراء عليها السلام لقد تأذت كثيرا بل أدى هذا الهجوم الى أستشهادها هي الأخرى والذين قاموا بهذا الأعتداء أستولوا على أهم سلطة في الدولة الأسلامية ألا وهي الخلافة وقد ماتت فاطمة وهي غضبانة أو وجدانة على من تولى الخلافة (8), قال رسول ألله (ص) ( فاطمة بضعةٌ مني فمن أغضبها أغضبني ) (9) ( أن ألله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضا فاطمة )......( 10) (إنما فاطمة بضعةٌ مني يؤذيني ما أذاها )........(11) , وعن مجاهد أنه قال خرج النبي (ص) وهو أخذ بيد فاطمة ,فقال : (من عرف هذه فقد عرفها , ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد , وهي بضعة مني وهي قلبي , وهي روحي التي بين جنبي , من أذاها فقد أذاني , ومن أذاني فقد أذى ألله )...... (12) وامام هذه الحقائق التي أظهرها رسول ألله (ص) من خلال أحاديثه الشريفة بحق سيدة نساء العالمين (ع) تتفجر حقيقة أعظم وأكبر وأخطر فقد أخبرنا سبحانه وتعالى في محكم كتابه المجيد (والذين يؤذون رسول ألله لهم عذاب أليم )..... (13),( إن الذين يؤذون ألله ورسوله لعنهم ألله في الدنيا والأخرة وأعد لهم عذاباً مُهينا )..... (14) , ( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى )...... (15) , فهذه الأيات المباركة الشريفة صريحة وواضحة وقاطعة في معناها وليس فيها شك فألذي أذى فاطمة عليها السلام يلعنه ألله في الدنيا والأخرة ويدخله في عذاب مهين كما صرح بذلك ألله سبحانه وتعالى من خلال أحاديث رسول ألله (ص) وأياته الكريمة , قال ألله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تتولوا قوماً غضب ألله عليهم قد يئسوا من ألأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور )..... (16) أي الذي تغضب عليه فاطمة (ع) ينهي ألله سبحانه وتعالى عن ولايته ويعاقب كل من يتولاه لآنه يعارض أرادة الله سبحانه وتعالى وتعاليمه , فألدلائل والشواهد موجودة ومعروفة لطلاب الحقيقة ورواد المعرفة وما ذلك إلا ليحيى من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة . فما على طالب الحقيقة إلا أن يتوجه الى المحسن السقط عليه السلام فمن خلاله سوف يصل الى الحقيقة ومعرفة الحق بأقصر الطرق وأوضحها التي لا يشوبها لبس ولا غبش , لهذا عندما تركت الأمة جريمة إسقاط المحسن (ع) وكسر ضلع أُمه فاطمة الزهراء (ع) غرقت في ظلمات الجهل والأبتعاد عن ألله سبحانه وتعالى وقد عصت ألله من خلال توليها الأشخاص الذين نهى ألله عن ولايتهم ولعنهم ألله في الدنيا والأخرة , فألله سبحانه وتعالى قد جعل السقط المحسن (ع) دليله الأكبر لتميز الحق من الباطل وأتباع ولايته التي أراد للعباد على توليها والإنصياع لها وجعل طاعتها كطاعته قال الله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )( 17) 1-سورة الأحزب أية 33 , 2- الذهبي ميزان الإعتدال ج1ص139 رقم 552, لسان الميزان ج1ص292 رقم 825 , 3- مناقب آل أبي طالب ج3 ص358 عن كتاب المعارف , 4- الصفدي, الوافي للوفيات ج5 ص 347 , 5- الشهرستاني , الملل والنحل ج1ص57 , 6- فرائد السمطين باب3 ح1 , 7- أبن أبي الحديد , شرح نهج البلاغة ج14ص193 , 8- صحيح البخاري ج5 ص117,البيهقي , السنن الكبرى ج6 ص300 , 9- صحيح البخاري ج5ص26 , 10- معاني الأخبار ج2ص303 , 11- صحيح مسلم ج7ص14 , 12- نور الأبصار للشبلنجي ص52 , 13- سورة التوبة أية 16 , 14- سورة الأحزاب أي 57 , 15- سورة طه أية 81 , 16- سورة الممتحنة أية 13 , 17- سورة النساء أية 59
https://telegram.me/buratha