سماحة السيد حسين الصدر
منذ ان بزع فجر الخلاص من الدكتاتوريه البائدة في نيسان 2003 ، أطلعت الازمات رأسها ،وابتدأت التحديات والمشكلات تتفاقم يوماً بعد يوم وأول هذه الازمات موقف بعض الدول الشقيقه التي فجعت برحيل (القائد الضرورة ) واستكثرت على العراقيين ان يكون لهم برلمان منتخب ، وحكومه عراقيه تستند في شرعيتها اليه ، فابتدأت عمليّة ( التصدير ) للارهابيين حتى أضحى العراق حقلاً لعملياتهم المستمره ،في التفخيخ والتفجير والقتل والاباده ،في مسلسل دموي كارثي ،استهان بكل القيم الدينيه والانسانيه والحضارية والسياسية والاجتماعية والاخلاقية وأطرف الطرائف في هذا الباب أنَّ علة برودها في التعاطي مع الملف العراقي كانت بسبب ( الاحتلال ) مع أنَّ قسماً من تلك الدول الشقيقه هي التي قدّمت لقوات الاحتلال كل التسهيلات وما زالت تحتضن العديد من قواعدها العسكرية المهمة في المنطقة !!وتزامناً مع هذه المواقف الغريبة ،طُرحتْ مسألة النفوذ الايراني في العراق ،وجعلتْ عائقاً آخر أمام العلاقات العربية - العراقية . إنَّ ذَنْبَ العراق هو اصراره على الانفتاح على كل أشقائه وجيرانه ،بل على المنظومة الدولية بأسرها ،وكان على الاشقاء العرب امتلاك زمام المبادرة وتفعيل العلاقة العربية - العراقية لو كان الأمر كما يزعمون..!!وحين شاركوا بدرجة أو أخرى في ارباك الساحة العراقية ،بأوضاع أمنية محزنة ،أصبحوا يعتذرون عن فتح سفاراتهم لتردي الاوضاع الامنية وكأنهم ليسوا من صُنّاع تلك التداعيات الامنية الخطيرة ..!!ان بعض العواصم العربية أصبحت ( محطات تجميع ) لأيتام النظام البائد، ورموز المعارضة للعراق الجديد ،ونترك الحديث عما بعد ذلك ،لأنه معروف لا يخفي على الفَطِنِ اللبيب ..!!ولم تكن الجهود العراقية لعقد القمة العربية في بغداد ،الاّ لكسر هذا الطوق ، وفتح صفحة جديدة ، يقوم فيها التعامل الايجابي مقام الفتور والبرود ، الا أنَّ الربيع العربي بأحداثه الملتهبة، أدّى الى تأجيل عقد القمة العربية الى آذار من هذا العام .أما على الصعيد الداخلي فهناك أزمات عديدة :أبرزها الازمة السياسية ، والامنية ، وأزمة الخدمات ، بما في ذلك مشكلات الكهرباء والماء والسكن والنقل والصحة والتعليم والبطاقة التموينية مضافاً الى أزمة البطالة ...وكل هذه الأزمات ترجع في الحقيقة الى أزمة واحدة انها أزمة ( المواطنة ) المعترف بها ( نظرياً ) والمنسيّه ( عمليا ) ان المواطن أصبح وقوداً للمعارك الانتخابية فقط .وأصبح مصباً للوعود الكاذبة والضحك على الذقون ..!!وثمة نسيان كامل لهذا المواطن الغارق في همومه ومشكلاته ...!!!لقد أصبحت الدولة دولة ( المسؤول ) لا دولة ( المواطن ) فالمسؤول هو الذي يحظى بالحماية الكاملة ،والامتيازات المتعدده ثم ان ( المحاصصات ) أصبحت مقابر جماعية ( لكفاءات ) المواطنين ، ولم يعد المواطن - بما هو مواطن - قادراً على تحقيق طموحاته ،بعد ان استحوذ السياسيون على الكعكة بكاملها ان الصراعات السياسية ، التي تعاظم حجمها ، وبرزت جلية واضحة للعيان ، كانت السبب في التداعيات الأمنية الخطيرة ، حيث لا أمن ولا أستقرار في ظل الاحتقانات والتشنجات السياسية الفظيعة التي تلقى بظلالها على اداء مختلف الاجهزه والمؤسسات في الدولة ، وتقود في النهاية ، الى تردي الأداء والعجز عن تغطيه حاجات المواطنين ان المليارات المنهوبة من خزانة الدولة ، كانت كفيلة بانجاز كل المشاريع الخدمية المطلوبة لأنعاش المواطن ان فرسان الفساد المالي والاداري ظلوا بعيدين عن المساءلة بسبب ارتباطاتهم بكتل سياسية معيّنه ..!!وهكذا تدور الأيام لتتكرر المشاهد ،بكل ما تحمله للمواطن من أعباء تثقل كاهله .قد يكون من السذاجة ان نتوقع ( انقلاب ) الغارقين الى الأذقان بامتازاتهم ،على أنفسهم ،وتحولهم بين عشية وضحاها ،الى ابطال إيثار، وتقديم للمواطنين على أنفسهم ومصالحهم ما هو الحل ان مسؤولية المواطنين أنفسهم مسؤولية كبيرة امام الله وأمام التاريخ ، وما لم يتم الالتزام الدقيق بتحكيم المعايير الموضوعية في انتخاب ممثلي الشعب ،فلن يتم التغلب على الكثير من الأزمات .المطلوب انتخاب حزمة ناصعة من ذوي الكفاءات ،والمواقف الوطنية الصادقة ،والقدرة على النهوض بالمسؤولية ،والصدق في حمل هموم المواطن والوطن ، بعيداً عن كل الاغراءات ووسائل التضليل ....ويفهم من هذا ان الحلّ ليس سريعاً ، وهو قد لا يتأتى الاّ بعد حين نعم ان هذا الأمر كان يجب ان يكون ،وحيث أنه لم يكن ،فلا بُدَّ من التوثب والاستعداد من الآن والمؤسف حالياً ان كثيراً من المواطنين ،يعلن عزوفه عن المشاركة في الانتخابات القادمة ، وهذا يعني ابتداء دورة جديدة من المعاناة والقضاء على الأمل في التغيير نحو الأفضل والسؤال الآن :وماذا نصنع قبل حلول وقت تلك الانتخابات ؟ان وسائل التعبير عن الرأي مكفولة دستورياً وقانونياً ،مادامت بالطرق السلميه ، فلا بُدَّ ان تخرقوا جدار الصمت ،وان تتعالى أصوات الجماهير مطالبة بحاجاتها المشروعة ،عبر التظاهرات والاعتصامات والمذكرات المكتوبة المحددّة للمطالب ، وعبر الوفود واللقاءات بأصحاب القرار، فضلاً عن تصدي العلماء وذوي الشأن والخبرة لتذليل الصعاب ،وتقديم النصح والمشورة بما ينفع البلاد والعباد .
https://telegram.me/buratha