المقالات

المظهر الخادع وابتلاع الودائع

1019 17:10:00 2012-01-29

سماحة السيد حسين الصدر

اذا كان ايداع الاموال في المصارف والبنوك ظاهرة شائعة في المرحلة الراهنة فان المرحلة السابقة على ظهور المصارف كان الناس فيها يودعون أموالهم عند من يظنون فيهم الرعاية الكاملة لحدود الشرع في الحفاظ على الامانة وارجاعها الى أهلها عند الطلب .ومن المفارقات العجيبة ان الكثير من المخادعين ينجحون في اصطياد من يظن بهم الخير ، فاذا ما استودعوا شيئاً عمدوا الى ابتلاعه ،وانكار علاقتهم به من قريب أو بعيد وقع ذلك في الماضي البعيد ......ويقع اليوم - للأسف - في العراق الجديد ومن هنا نشأت أزمة الفساد المالي الرهيبة ، بكل ما تنطوي عليه من أبعاد التنكر للقيم الشرعية والقانونية والادارية والانسانية والاخلاقية .ولا أدري هل هي مجرد مِزْحة أم أنها حقيقة حيث ان المسموع ان بعض أصحاب المظاهر الخادعة يعمدون الى ( الوضوء ) قبل توقيعهم العقود التي يجنون من ورائها ما يجنون من السحت الحرام والمال العام !!والمخدوع هنا ليس انساناً واحداً فقط ، وانما هو جمهور من الناس وضع ثقته فيهم استناداً الى المظهر الخادع والى كثير من البراقع التي تحجب حقيقتهم عنه وفي ترجمة الشاعر حمزه بن بِيض -وهو من شعراء العصر الاموي - تذكر قصة ايداعه ثلاثين الف درهم عند ( ناسك ) ، لم يصن الأمانة وانما بني بها داره ، وزوّج بناته ، وأنفقها وَجَحَدَه ..!! هكذا بكل وقاحة ،وبكل صلف ، تصرّف في الوديعة تصرف المُلاّك ، وحين طولب بها أنكرها ايما انكار ، الامر الذي أثار الشاعر ، فاندفع يقول :ألا لا يَغُرّنْك ذو سجدةٍ يظل بها دائباً يخدعُ كأنَّ بجبهته حِلـــــبةًتُسبّحَّ طوراً وتسترجعُوما للتقى لزمتْ وَجْهَهولكنْ ليعثرَ مُسْتَودِعُثلاثون ألفاً حواها السجودفليت الى أهلها ترجِع بنى الدار مِنْ غيرِ مامالِه فأصبح في بيتهِ يرتعُمهائر من غير مالٍ حواهُيُقاتُون أرزاقَهم جُوَّعُ { الوافي بالوفيات / ج9/189 - 190 }والقصص في هذا الباب كثيرة تنبو عن العدّ والاحصاء وسنذكر هنا مثالين فقط ليعتبر بهما أولوا الالباب زارني أحد كبار القضاة العراقيين ، وكان قد اشترى شقة في لندن، وعهد الى صديق عمره ،بمهمة دفع قوائم الغاز والماء والكهرباء بعد ان خوله رسميّاً في البنك ،بسحب تلك المبالغ من حسابه الشخصي وانما عهد الى هذا الصديق بهذه المهمة ،باعتبار أنه ليس مقيماً في لندن وذات يوم يفاجئ القاضي بصدمة كبرى كادت ان تقضي عليه :لقد راجع البنك الذي أودع فيه أمواله ليسحب شيئاً منها ، فاذا به يُبلّغ بان الرصيد مسحوب بالكامل ،وقد اطلعه البنك على ورقة التخويل التي وقعّها ليتيح لصديقه ان يسحب من الحساب ما يكفي لسداد الفواتير .يقول :قلت لصديقي كيف تسحب الرصيد بكامله دون إخباري ؟ فقال :أنا أدري أنك ترضى بذلك !!!- وهو أدعاء باطل كما هو معلوم - يقول :قلت له اذا بادِرْ الآن الى ارجاع المبلغ اليّفقال :ليس لديّ الآن قدرة على الارجاع ،وقد مات دون ان يرجع الى صديقه بنساً واحداً !!وحدثني صديق آخر انه اشترى منزلاً وسجلّه باسم والد زوجته ، حيث انه كان يتعذر عليه أيام الدكتاتورية البائده ، القدوم الى العراق وتولي الأمر بنفسه ، وحين عاد الى العراق بعد سقوط الصنم ،أنكر عمّه ملكيته للدار .وحين نشب النزاع بينهما اصطفّت زوجته مع أبيها ، الأمر الذي أرغمه على طلاقها .وهكذا فَقَدَ داره وزوجته ،بفعل هذا الداء الوبيل ،داء خيانة الأمانه ان أداء الأمانة الى أصحابها يكشف عن الهوية الحقيقية للأنسان لأنه محك عملي ، ومؤشر واقعي للدلالة على الشخصيّة . انّ الحذر من الوقوع في أفخاخ المخادعين لا بُدَّ منه ومن السذاجة بمكان ، ان يتم الاطمئنان الى جنود الشيطان من أهل الزيف واللمعان .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسنين النجفي
2012-02-01
اشتريت قطعة ارض في النجف 600 متر وارسلت المبلغ مع الضرائب وارسلت مبلغ البناء واجرة العمل وبيد اخوتي وعندما عدت الى العراق وجدت 200 متر و اخواني قد سجلوا البيت باسمائهم جميعا خوفا من ان اطالب احدا فيستحي فشاركوا الجميع بابتلاعه فحمدة الله ورجعت الى الغربة وقررت عدم العودة الى الابد لانني لا استطيع جلب عائلة مكونة من اب وام وستة اطفال لاعيش بهم في هذا الغلاء الفاحش وفي وسط هكذا قوم لاكنني حبا بهم جوزة لهم صلاتهم فيه فقط هؤلاء اخوة يوسف (ع) العراق يريد بناء النفوس لانها ميته
مراقب
2012-01-31
وبالمناسبة تروي الزوجة ان هذا الشخص عابد زاهد يدفع 10 اضعاف الخمس الواجب حتى يطمن عدم الاشتباه ويحمل زوجته مصرف البيت ويصرف راتبه البسيط والبسيط جدا على الفقراء والهدايا للمؤمنين ويقرض الاصدقاء قربة لله تعالى والزوجة مهمتها ان تصرف على البيت وتدخر بعض المال لضمان المستقبل ولتنصدم انها كانت تدخر غائبها الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا ولو شاء فعل
مراقب
2012-01-31
ملايين الحالات زوجة طلقها زوجها وارسل لها الورقة وتعهد في الورقة ان يدفع غائبها الذي هو حج بيت الله فالمراة ارادت ان تقتدي بالزهراء عليها السلام في مهر قليل فما كان من الرجل الا ان قال بعد المطالبة له بالمال وكانت قد اقرضته مبلغ سرقفلية من مالها الخاص وكتب تعهد على نفسه يعترف فيها بان المال لها قال هذا هو حقك وغائبك لقد اعتبر مالها ماله امتلكه ثم ردها اليها كغائب!! اسال من اين اتى بهذه الفتوى الم يكن اسهل ان يقول لا املك او حتى لايعطي بدون تحليل ديني لا صحة له ساعد الله قلب الحجة
عراقي
2012-01-30
قل لي رجاءا من اين حصل هذا القاضي النزيه ؟؟؟؟ على الاموال اللازمة لشراء الشقة والمال الذي اودعه في المصرف؟ مال الحرام للحرام.لعنة الله على كل من سرق اموال الفقراء العراقيين ان كان عن طريق السحت او عن طريق الرواتب التي لا تقارن برواتب دول العالم او عن طريق السرقة بحجة الايفادات
الشيخ حيدر الربيعاي
2012-01-30
احستنتم سيدنا ووفقكم الله الى خدمة الاسلام والمسلمين وان يطيل في عمركم الشريف الشيخ حيدر الربيعاوي /مدير مركز البحوث في المجمع العلمي النجف
زهراء محمد
2012-01-30
في منتصف الثمانينيات!! زين هكذا شخص ماذا ينفع ان تفعله تجاه اذا القانون ضعيف جدا ويميل الى كفة المجرميين؟؟ سرقت املاكنا اراضينا واموالنا ومعاملنا وخاناتنا ومصانعنا ومعارض سياراتنا وناقلاتنا النفطية وكل اموالنا في البنوك والاسهمولحد هذه اللحظة لم نستلم فلس احمر .. ياسيدي العزيز..اليس الواجب الاخلاقي والاسلامي ان يكون في جانب المظلوم ام لا؟؟ اين الدين الاسلامي من محنتنا...؟؟ هل اطرق ابواب المحكمة الدولية لاارجع حقي ام ماذا؟؟
زهراء محمد
2012-01-30
بعد السلام لسماحة السيد حسين الصدر: اظاهر ياسيدي العزيز ان هذه تركيبة الاخلاقية كانت موجودة فيهم(يعني جينات).. لكن مع مرور الايام بانت تلك الخبايا.. وكم هو مؤلم.. في الثمانينات وعند حملة التهجير الشعواء ضدنا كنت اعتقد ان بمجرد سقوط الطاغية سوف ترجع حقوق الناس الذين ظلموا بقسوة..لكن عند زيارتي للعراق اكتشفت امورا لم نتوقعها ابدا مثل رجل (متدين) وذو اخلاق اسلامية عالية عندما طالبته بحق والدي رحمة عليه انكره بشدة ويدعي انه اشتراه من صدام؟؟فقلت له كيف ونحن هجرنا في بداية الثمانينيات والبيع وقع
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك