اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
عزيزي القارئ اليك اصول الحرية في العقيدة الاسلامية في حلقات من اعداد الشيخ حيدر الربيعاي / مدير مركز البحوث والدراسات الانسانية في النجف الاشرف ومن تاليف الدكتور الشيخ عباس الانصاري ومن اصدارات المجمع العلمي للدراسات والثقافة الاسلامية في النجف الاشرف
الخاصيّة الثانيّة: المفهوم الحقيقي للحريّة في الإِسلام:قال تعالى: (إِنّا هديناه السبيل إِما شاركاً وإِما كفوراً) .وقد أوجز الإِمام الصادق (عليه السلام) هذا المعنى بقوله: «اللهُ يحتج على الناس بما آتاهم وعرفهم».فمَنْ اتاه مالاً يسأله هل أدى ما فيه من حق؟ومَنْ آتاه علماً، هل عَمِل بموجبه؟ومَنْ آتاه جاهاً وسلطاناً، هل أقام به حقاً، وأنصف مظلوماً من ظالمه؟ويقول لكلِّ عاقل قادر: منَحتُك العقل والقدرة والحريّة والإِرادة وأُوضحت لكَ طريق الخير والشر بأدلة العقل والوصي، ونهيتك عن هذا، وأمرتك بذاك، فهل عَملتَ بطاعتي أو بأهوائك؟مِنْ هنا يتضح لنا أَنَّ الله سبحانه وتعالى جَعلَ الانسانَ حرّاً مختاراً; بل أعطاه الحقّ بأن يتمتع بكامل حرّيّتهِ في جمعِ أَفعالهِ، وذلك بعد أَنْ بيّن له هذه أَبعاد الحريّة، وأرشده الى كيفية التميّيز والاختيار، فهداه الى معرفة طريق الحقّ والهداية من الشرِّ والضلالة، فمَنْ أطاع الله تعالى باختياره، فقد فازَ برضوانه، وجنات عرضها السموات والارض أُعدت للمتّقين، ومَنْ عَمِل بهواه ـ بعدما قامت عليه الحجّة لله تعالى ـ فقد خسرز وله نار سُعِرت للعاصين والكافرين; وذلك إِنّما حصل لهؤلاء نتيجةً لسوء اختيارهم، وحرّيتهم الشاذة، وكل مَنْ يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، ونال جزاءه العادل.وعليه، فأنَّ المفهوم الحقيقيّ للحرّيّة في الإِسلام العزيز، والذي يقرّه لكل فرد من البشرية، ضمن سلوكه الإِجتماعي المُعيّن في المجتمع الإنساني، هو حقّ الحرّيّة الذي يتميّز بضوابط أخلاقيّة، واجتماعيّة، وحدود شرعيّة مؤطرة باطار الشّريعة الإسلاميّة المقدسة; والذي لايمكن التعدي عليه; وذلك حفاظاً على سلامة المجتمع، وهذا الحقّ ثابت الى مدى يجب أنْ تكون فيه حريّة الانسان هي الهدف المنشود في إِيصاله الى الكمال، الذي اراده الله (عزّوجلّ) لهذا النوع البشري من الخلق.إِذاً، فالحرّيّة في الدّين الإسلاميّ الحنيف هي التي أعطاها الله تبارك وتعالى للبشر منذ أَنْ خلقه واعطاه العقل، ثمَّ جعله مختاراً في أفعاله وتصرفاته ـ سواءٌ كانت بينه وبين خالقه الواجب المتعال، أو كانت بينه وبين سائر المخلوقات الممكنة ـ حيث «لاجبر فيها، ولاتفويض يسودها، لكي لايعم الظلم، أو تنتشر الفوضى بين الناس، فينتشر الفساد في الأرض.
https://telegram.me/buratha