سعد البصري
من المعلوم ان الشعب العراقي بكافة أطيافه وأديانه ومذاهبه ، تمكن من العيش على ارض العراق الغالي لآلاف السنين ، وضرب بذلك أروع الأمثال في المواطنة الصالحة وفق المصالح والأرض المشتركة التي هي قواسم ربما لا توجد عند الكثير من بلدان العالم .. وبالتالي فان هذا التعايش فرض حالة من التأقلم بين الجميع وخصوصا في أيام المحن التي لم تكن تفتأ ان تميط ظلالها على هذا الشعب الكبير بتاريخه وحضارته وثوابته الإسلامية والعربية .وبعد ما جرى من أحداث في نيسان 2003 وتحول الخارطة العراقية بكل معانيها السياسية والاقتصادية وحتى الديموغرافية منها بات الشعب العراقي يعيش حالة من الصراع الأيدلوجي سببت الكثير من الإرباك في خلخلة المنظومة التي كان يتعايش بها العراقيون جميعا من الشمال الى الجنوب ، وأصبحت المصالح الضيقة هي العرف السائد لدى اغلب السياسيين العراقيين ، الذين هم بالتالي يمثلون مختلف الشرائح والطوائف والمذاهب في العراق .ومنذ تلك اللحظة بدأ العراقيون وبسبب التقاطعات والمناكفات التي تحدث يوميا بين السياسيين يدورون في حلقة مفرغة لا يعلمون متى يمكنهم ان يخرجوا منها ، بل حتى أنهم فقدوا بصيص الامل في الوصول الى نهاية النفق المظلم ..؟!ومن هنا كانت التدخلات الإقليمية سواءا العربية منها او غير العربية تلقي بظلالها على المشهد العراقي ككل ، بحيث أثرت هذه التدخلات على طبيعة إدارة أمور الدولة وراح ( كل حزب بما لديهم فرحون ) لتحقيق أجندات معينة وضعتها هذه التدخلات التي لم تكن لو ان العراقيين بصورة عامة والسياسيين على وجه الخصوص لم يسمحوا بهذه التدخلات منذ البداية الأمر ، الذي بات واقع حال أينما ذهبت وحيثما وليت وجهك ( أيها العراقي ) . وألان ونحن على أعتاب السنة التاسعة من سنوات ( الحرية والديمقراطية والتعددية ) تزداد الأمور ضبابية ويزداد المشهد السياسي في العراق تشويشا وغموضا ، إذ لا يمكن لأي عراقي فضلا عن السياسيين ان يتوصل الى نتائج يمكن من خلالها معرفة مفاتيح حلحلة الأزمة ، بالرغم من المبادرات الكبيرة والكثيرة التي تم طرحها من قبل شخصيات عراقية لها أثرها في المشهد العراقي ككل ..؟! والسبب هو عدم وجود أذان صاغية لتحقيق تلك المبادرات بشكل يضمن إدارة الأمور في البلاد نحو الوجه الصحيح الذي يجنب الجميع الوقوع في الأخطاء المكررة .على كل حال فنحن اليوم في العراق بأمس الحاجة الى وقفة وطنية تعيد للأذهان المواقف العراقية الكبيرة التي اثبت بها العراقيون أنهم يدا واحدة وقلبا واحدا ومصيرا مشتركا واحدا بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق والقومية وحتى التوجه الحزبي .نحن بحاجة الان الى تجديد المواقف التاريخية للعراقيين جميعا في ثورة العشرين الكبرى والانتفاضة الشعبانية المباركة وغيرها من المواقف البطولية والحازمة والبعيدة عن المحاصصات والتقاطعات والامتيازات والكراسي والأيدلوجيات والأجندات والمساومات والصفقات وغير ها من المصالح الضيقة الدخيلة على أخلاقنا وأعرافنا الإسلامية والعربية والعراقية الأصيلة .
https://telegram.me/buratha