( بقلم : علاء الزيدي )
كان مقررا أن أكتب في هذه الليلة الحزينة عن عاشوراء . الساعة الآن تقترب من الثالثة من بعد منتصف الليل ولم أكتب حرفا ً واحدا . ماذا أكتب في غمرة هذا المحيط الجارف من المعلومات والأخبار والآراء والتكهنات الآتية من أرض الحسين ؟
جند السماء الوحيدون الذين أعرفهم ، هم جند الرسالات ؛ أولئك الباحثون عن خير الآخر قبل خير الذات . أولئك الواضحون ، الذين لخـّص قائدهم ، سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي ّ ، عليهما السلام ، رسالته بوضوح مابعده وضوح : طلب الإصلاح ( ألا وإنـّي لم أخرج أشـِرا ً – مرِحا ً- ولا بطـِرا ً و لا ظالما ً ولا مفسدا ، بل خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ) . والذين مثـّلوا بموزائيكهم وتنوّعهم كل أو معظم قطاعات الأمـّة ، بإيجاز واختصار وقلـّة عدد وعدّة . فكان فيهم الشريف الهاشمي والنبيل العربي والوضيع ( بحساب الأرض لا السماء ) من العبيد والموالي . وكان فيهم العلوي والعثماني ، والمسلم والنصراني ، والأرضي والرباني ، لكنهم اجتمعوا حول محور الخير المحض ، وحول إرادة الخير البحتة ، فلا عدوان إلا على الظالمين . ومن هنا كان عروجهم الدامي إلى السماء صبيحة هذا اليوم الأغبر والمشؤوم مهما قيل فيه من مرويات من خزعبلات وموضوعات وإسرائيليات ، عنوانا ً للتصويت الدائم لصالح الخير على حساب الشر . فأين جند " الحسن " من جند الحسين !
كان المدعو " أحمد الحسن " وجنده الإرهابيون ، جند الحضيض ، جند أحط ّ ما في الأرض من نوازع شريرة ، عنوانا ً للشر ّ وراية للإضلال والفتنة ، وكان يكفي لإدراك هذه الحقيقة مقدما ومسبقا الإطلاع على بياناته وآرائه ومنشوراته . وكان يمكن للحكومة العراقية وأجهزتها الإعلامية والأمنية والسياسية الوقوف بالتفصيل على طبيعة " دعوته " وخطورتها من خلال مصادره هو ، التي مازالت منشورة على موقعه على الإنترنت ، فما للحكومة وأجهزتها تلكأت وتأخرت في التعامل الحازم معه ، قبل أن يزهق معه أرواح العديد من الأبرياء من عوائل أتباعه ، وقبل أن توشك أنباء فتنته أن تطغى على جلال وقدسية ذكرى الشهادة الحسينية في عاشوراء ، وتبعث القلق في نفوس المشاركين في المراسم والشعائر ، في مدينتي كربلاء والنجف الأشرف ؟كان يمكن ببساطة التنبؤ بأحداث اليوم الماضي ، من خلال قراءة بيان للمقتول يتوعد فيه أهل العراق ، أهل الفتن ، حسب تعبيره ، بالسيف ، إذا ما رفضوا دعوته ووقفوا في وجهه . وكان يمكن إدراك حجم خطره ، من خلال قراءة نصوصه التي يطالب فيها جميع حكومات العالم بتسليم السلطة إليه ، على اعتباره اليماني الموعود ، أحمد الحسن ( ع ) ( كذا ) ابن الإمام المهدي المنتظر ( محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام بالنص ّ ) وأول أوصيائه المهديين الإثني عشر ، وأول أصحابه الثلثمائة والثلاثة عشر ! وكان يمكن تقدير حجم السوء فيه وفي بدعته ، من خلال الإطلاع على وصفه علماء الإسلام العاملين بـ " بالوعات القذارة " ! هل رأى أحد منكم " وصيّـا ً " بهذه الدرجة من البذاءة ؟
كل ّ هذا الكلام في كفـّة ، وتخبـّط الناطقين الرسميين العديدين للحكومة ( وعذرا ً دكتور علي الدباغ فقرار الحكومة بحصر الناطقية بك لم يعبأ به أحد ! ) في محاولة إعلامنا كبشر نريد معرفة الحقيقة بهوية هذا الشخص الذي قتل ، على رأس جيش جرّار أجاد الاستعداد والاستحكام والتعبئة والتهيئة ، في غفلة من الحكومة وأجهزتها ، في كفـّة أخرى .
فوزير الصحـّة الدكتور علي الشمري " أوضح " أنه " تم التعرف على جثة القائد "العسكري" للتنظيم المسلح ويدعى ضياء عبدالزهرة كاظم وهو من أهالى الحلة " .وعبد الحسين عبطان نائب محافظ النجف " أكـّد " مقتل زعيم " جند السماء " خلال الاشتباكات، وأضاف أنه تم التعرف على جثته من خلال بعض الاشخاص المقبوض عليهم".وتابع " ان الشخص المعني عراقي الجنسية اسمه الحقيقى سامر ابو قمر من نواحى الديوانية لكنه اتخذ لنفسه اسم علي بن علي بن ابي طالب". وقال احمد دعيبل " الناطق باسم محافظة النجف " أن "مصير زعيم الجماعة المدعو احمد ابن الحسن ما يزال مجهولا أو بين المجموعة التي فرت من المكان". مؤكدا أن "زعيمهم واسمه الأصلي ابو قمر اليماني متحدر من نواحي الديوانية لكنه اتجه نحو البصرة حيث اتخذ لقبا جديدا هو احمد ابو الحسن". وقال "يدعي ابو الحسن انه نازل من السماء مباشرة".
فيما أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ " مقتل زعيم جماعة "جند السماء" في النجف، المدعو احمد ابو الحسن " . أما وزير الأمن الوطني شيروان الوائلي فقد " أكـّد " هو الآخر " ان زعيم الجماعة والذي يدعي انه "المهدي المنتظر" قتل في المعركة ايضا.
واوضح الوائلي ان زعيم الجماعة من مدينة الديوانية ذات الاغلبية الشيعية وان عمره 40 عاما " .يضاف إلى هذا وذاك أن محافظ النجف أبو كلل أو نائبه أو شيروان الوائلي أو علي الدباغ ( ولله الحمد أن الدكتور موفق الربيعي مستشار الأمن الوطني لم يدخل على الخط ) أعلن أن أبو قمر لبناني الجنسية !وبكلمة أختتم بها كل وجع الرأس هذا ، وبدون تهكـّم غير مناسب لجلال مصاب هذا اليوم بسبط النبي المصطفى ( ص ) أطلب من السادة الناطقين الرسميين جميعا ً أن يتأكدوا ، من أن الذي قتلته القوات العراقية يوم أمس على رأس عصابته الإرهابية والتكفيرية ، هو الشخص ذاته الذي كان يدعو نفسه بـ " أحمد الحسن " ( ع ) ( كذا كان يرد في أدبياته التي مازالت منشورة على الإنترنت ) " وصي الإمام المهدي مكـّن الله له في الأرض " ولست أدري هل كان يقصد بدعاء التمكين هذا نفسه ، أم الإمام المهدي ّ عليه السلام . ومبعث هذا الجزم ، أن صورة الرجل قتيلا ً ، وصورته حيا ً وملوّحا ً بيده ، منشورتان على هذا الموقع المبارك ( وكالة أنباء بـُراثا ) ، لاشك ّ في أن الجميع رآهما فيه الآن .عيون الدعاء : دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة : أللهم ّ اجعلني أخشاك كأنـّي أراك ، وأسعدني بتقواك ، ولا تـُشقـِني بمعصيتك ، وخـِر لي في قضائك ، وبارك لي في قـَدَرك ، حتى لا أحب ّ تعجيل ما أخـّرت َ و لا تأخير ما عجـّلت َ .
https://telegram.me/buratha