المقالات

الشعائر الحسينية

2414 10:54:00 2007-01-30

ابو منتظر الطالقاني

بسمه الله الرحمن الرحيملقد قام الاسلام بثورة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم واستمر بثورة الامام الحسين عليه السلام واستمرت تلك الثورة المباركة بالشعائر الحسينية التي اعتاد الشيعة اقامتها اينما وضعت لهم قدم .فخشي الاستعمار والاستكبار العالمي على مصالحه ومخططاته الاجرامية من الاسلام ومن استمرار هذه الشعائر الحسينية فجعل يهرج ضدها وحشد ابواقه لمحاربتها ولكن كل محاولاته باءت بالفشل , غير انه تغرر به اناس جهلاء لم يعرفوه ولم يعرفوا قدر تلك الشعائر فارتابوا فيها واخذوا يشككون في اصل و جود تلك الشعائر وقد طالعنا قسما من هذه الافكار التي يدعي اصحابها بانهم (دعاة تحرر) .ان هولاء اللذين يؤمنون بالديمقراطية والحرية على الطريقة الغربية يدعون ان في اقامة الشعئر الحسينية والترويج لها امر سوف يؤدي بالمجتمع الى الجهل والتخلف,ونحن لنا وقفة مع هولاء اللذين يدعون التحرر على الطريقة الغربية ونقول لهم اننا تقتدي بسنة وسيرة ائمتنا عليهم السلام والتي جاءت الينا عبر الروايات المتكررة فضلا عن الروايات التي وردت عن طريق المذاهب الاخرى.فقد ورد عن ابن قدامة المقدسي وهو حنبلي المذهب انه ذكر في كتابه المغني مانصه(البكاء غير مكروه اذا لم يكن معه ندب او نياحه) , وقال الشافعي ( البكاء يباح الى ان تخرج الروح) .وفي حديث ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه بكى على ولده ابراهيم وكان يقول في بكائه ( ان العين تدمع والقلب يحزن ولانقول الا ما يرضي ربنا وانا بفراقك ياابراهيم لمحزونون).وقد ورد في بعض روايات المجلسي ان الامام زين العابدين عليه السلام كان كلما قدم اليه قدح فيه ماء بكى حتى يملأه دما .وصادق اهل البيت يقول في حديث معتبر ( البكاء والجزع كله مكروه الا على الحسين صلوات الله عليه).والامام الحجة ارواحنا لمقدمه الفداء يقول في زيارة الناحية المقدسة (فلاندبنك صباجا ومساءا ولابكين عليك بدل الدموع دما ). ادلة وشرعية البكاء على الامام الحسينعليه السلامان من جملة الامور التي تثيرها دوائر الاستكبار العالمي هنا وهناك في كل عام وقبل ايام شهر المحرم هي مسألة العزاء على سيد الشهداء عليه السلام فيطرحون عدة اشكالات منها انه لماذا هذا البكاء النتواصل على شخصية قضت نحبها قبل عدة قرون من الزمن ؟ولماذا هذا البكاء على الحسين عليه السلام دون غيره من المعصومين عليهم السلام ؟للاجابة على مثل هذه التساؤلات نقول ان البكاء بما هو بكاء لابأس به كما ورد في القران الكريم والروايات الوارده عن اهل البيت عليهم السلام .والبكاء انواع منه البكاء من خشية الله وهذا أمر مسلم فيه, والبكاء لفوات امر ديني وهذا ماحدثنا عنه القران الكريم في قصة نبينا ادم عليه السلام عندما فاته امر ارشاديا ودينيا ورد من الله سبحانه وتعالى حين منعه من التقرب الى الشجرة وكان نتيجة تقرب ادم عليه السلام من الشجرة والاكل منها ان اخرجه الله من الجنة الى الابد , فبكاء ادم عليه السلام هنا كان لفوات امر ارشادي وديني.اما البكاء على الميت فهو من اوضح الواضحات ولاخلاف فيه بين المسلمين وقد شرعه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندما قال على مثل حمزة فلتبكي البواكي , ولابواكي له) , وفي مورد اخر قال صلى الله عليه واله وسلم (على مثل جعفر فلتبكي البواكي).وفي بكاءه على ولده ابراهيم عندما توفي خير دليل على تشريعه للبكاء اما لماذا البكاء على الامام الحسين عليه السلام دون غيره مارواه الشيخ الصدوق اعلى الله مقامه في كتابه علل الشرائع عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام :يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وحزن وبكاء دون اليوم اللذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واليوم اللذي ماتت فيه فاطمة الزهراء عليها السلام واليوم اللذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسم .فقال عليه السلام : ان يوم الحسين اعظم مصيبة من جميع سائر الايام وذلك ان اصجاب الكساء اللذين كانوا اكرم الخلق عند الله عز وجل كانوا خمسا , فلما قضى عنهم النبي صلى الله عليه واله وسلم بقي امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فيهم لنا عزاء وسلوة , فلما قضت فاطمة عليها السلام كان في امير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلما قضى امير المؤمنين عليه السلام كان للناس في الحسن والحسين عزاء وسلوة فلما قضي الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين سلوة , فلما قتل الحسين عليه السلام لم يكن بقي من اصحاب الكساء احد للناس فيه بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهابهم جميعهم كما كان بقاؤه كبقائهم جميعا . فلدلك صار يومه من اعظم الايام مصيبة).اما مسألة طول البكاء على سيد الشهداء عليه السلام فهو امر لاشبهة فيه ولاضرر فقد حدثنا القران الكريم في سورة يوسف ( وتولى عنهم وقال يااسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ).فيعقوب عليه السلام كان نبيا ولكنه بكى على ولده يوسف قرابة الثمانين عاما حتى ابيضت عيناه كما حدثنا القران الكريم .وسئل الامام السجاد عليه السلام ذات مرة انه لماذا هذا البكاء المتزامن منك ياسيدي ومولاي فيجيب عليه السلام بقوله: ان الله تعالى غيب ولدا واحد من ولد يعقوب الكثيرون ومع ذلك ابيضت عيناه من الحزن لفقده فكيف بي وقد رأيت والدي الحسين عليه السلام واهل بيتي عليهم السلام وهم مضرجون بدمائهم كالاضاحي.كما ورد في حديث عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : (البكائون خمسة هم ادم عليه السلام حيث بكى طويلا لفقد ولده هابيل , ويعقوب عليه السلام حيث بكى لفقد يوسف , ويوسف عليه السلام بكى لفقد ابيه يعقوب,وفاطمة الزهراء عليها السلام بكت لفقد ابيها المصطفى صلى الله عليه واله وسلم حتى استشهدت نفسي لها الفداء,وزين العابدين عليه السلام بكى ابيه قرابة خمسة وثلاثون عاما).وقد ورد عن الامام الرضا عليه السلام انه كان يقيم مجلس العزاء على جده الحسين عليه السلام من اليوم الاول لشهر محرم الحرام وعندما سئل عليه السلام عن ذلك قال : أما علمتم ان ملائكة السماء وسكانها يشرعون في البكاء والحداد على مقتل جدي الحسين عليه السلام سنويا من اليوم الاول لشهر محرم الحرام .كما ورد عن المحب الطبري الشافعي عن الامام الصادق عليه السلام عن اجداده عليهم السلام قال:ان الله عزوجل وكل بقبر الحسين عليه السلام بعد قتله اربعة الالاف ملكا غبرا يبكون الى قيام الساعة.وقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام حينما دخل عليه الشاعر السيد محمد الحميري وقال له عندي ابيات في حق جدك الحسين عليه السلام فقال له الامام عليه السلام انشدني ولكن قبل الانشاد امهلني قليلا فقام الامام الصادق عليه السلام ووضع ستار بينه وبين الحرم العلوي لتستمع العائلة الى مجلس العزاء الحسيني تم اخذ عليه السلام منديلا بيده وقال للسيد الحميري الان انشدنا فقال :امرر على جدث الحسين وقل لاعظمه الزكيةياأعظما لازلت من وطفاء ساكبة رويةفاخذ الامام عليه السلام يكفكف دموعه بمنديله.وقد ورد عن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ان دعبل الخزاعي قرأ تائيته المعروفة على مسامع الامام عليه السلام :أفاطم لو خلت الحسين مجدلاوقد مات عطشانا بشط فراتاذن للطمت الخد فاطم عندهواجريت دمع العين بالوجناتفاجهش الامام عليه السلام بالبكاء وصاح واجداه واحسيناه واجدتاه وافاطمتاه.نحن نعلم ان فعل الائمة عليهم السلام هو مصدر من مصادر الحجة في الاسلام حيث قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي مان تمسكتم بهم لن تضلوا بعدي ابدا ).والذي اوردناه هو دليل على شرعية البكاء على الامام الحسين عليه السلام قبل ايام المحرم وبعد استشهاده دون انقطاع وبغض النظر عن المدة في ذلك البكاء.اراء المرجعية في الشعائر الحسينية لو لاحظنا فتاوى مراجع الدين العظام( رحم الله الماضيين منهم وحفظ الله الباقين) بخصوص عزاء الامام الحسين عليه السلام , وبالرغم من الفترات الزمنية بينهم نجد ان اراءهم متفقة حول الشعائر الحسينية .فقد قال الميرزا حسين النائيني (قدس) ( ان خروج المواكب العزائية من اظهر مصاديق مايقام به عزاء المظلوم وايسر الوسائل التبليغية للدعوة الحسينية الى كل قريب وبعيد ).وايده الامام الراحل السيد محسن الحكيم (قدس) بكلامه ان ماسطره استاذنا الاعظم في نهاية المتانة في غاية الوضوح).وايده الامام الراحل ابو القاسم الخوئي (قدس) بقول ه ماافاده شيخنا الاستاذ هو الصحيح وان ذكر المصائب واظهار الحزن والتاثر لسيد الشهداء عليه السلام تؤكد هدف الامام الحسين عليه السلام , وتوضح مظلومية اهل البيت عليهم السلام من خلال اقامة العزاء).ثم كتب الامام السيد محمود الشاهرودي (قدس) انه ماحرره شيحنا العلامة النائيني هو المحق عندنا ).وايده العلامة المرحوم اية الله الشيخ محمد حسن المظفر بقوله ماافاده (قدس) لااشكال فيه).اما الامام الراحل السيد الخميني (قدس) فقد قال ان اقامة مجالس العزاء لحضرة سيد الشهداء عليه السلام من شعائر الدين ولاتختص بزمان خاص ).واعقبه السيد الكلبايكاني (قدس) حيث قال ان تعظيم الشعائر الحسينية فيه استحباب مؤكد مثل العزاء للائمة الاطهار عليهم السلام خصوصا العزاء على حضرة سيد الشهداء عليه السلام , وهذا الامر ليس فيه شك وتردد عند عموم الشيعة خلفا عن سلف , ووردت اخبار متواترة في استحباب ذلك ).كما اكد السيد المرعشي النجفي (قدس) بقوله ان نهضة الامام الحسين عليه السلام نهضة الهية ضد الظلم والاستبداد ,لذا عند حلول ذكرى سيد الشهداء عليه السلام يجب احياؤها في هذا العصر عن طريق اقامة مجالس العزاء وذكر المصيبة الواردة على بيت العصمة عليهم السلام , فان فيها اجر وثواب كبير ,حيث فيها حفظ شعار الاسلام وترويج مذهب التشيع ),وعليه فان الشعائر الحسينية من الامور التي وردت في زمن المعصومين عليهم السلام كما اسلفنا بفعلهم وقولهم .فاذن هي ليست من البدع كما يدعي البعض من المشككين .بل ان من اعظم القربات الى الله تعالى واقرب الوسائل الى المصطفى صلى الله عليه واله وسلم هي ممارسة الشعائر الحسينية حيث يحيا بها امر الائمة عليهم السلام وبها تقوم قائمة التبشير الديني والتبليغ المذهبي. اهداف الشعائر الحسينية1-تبليغ الرسالة المحمدية ونشر الاحكام الشرعية من خلال المنبر الحسيني الذي يعتبر وسيلة الاعلام الناجحة يالنسبة الى عمل التبليغ الاسلامي .2-في الشعائر الحسينية نصرة للحق وخذلان للباطل حيث الاستنكار من الظلم والظلمة والوقوف بوجه الطغاة.3-ترغيب الائمة عليهم السلام الى احياء امرهم والتحدث بفضائلهم وذلك لاجل التمسك بالعقائد الحقة والعمل بشريعتهم , ومن البديهي ان الشعائر الحسينية هي احياء لامر الائمة عليه السلام ناطقة كانت ام صامتة.4-الشعائر الحسينية هي جامعة اسلامية وناد للتبليغ الاسلامي حيث تبادل الاراء والافكار في الشوؤن الدينية والسياسية فيها .5-في الشعائر الحسينية صورة واضحة لبيان البطولة والشجاعة من خلال ذكر واقعة الطف سنويا وتسليط الضوء على بساطة رجالها وشجاعة ابطالها.6-ان الشعائر الحسينية تقوى بها شوكة الطائفة وترغم بها انوف اعدائهم حيث تتوحد الصفوف باجتماع الافراد وائتلاف الجماعات ,ونرى الاعداء كلما يحاولون تفريقهم والقاء البغضاء بينهم بشتى الوسائل تجمعهم ذكرى سيد الشهداء عليه السلام وتؤلفهم تلك المواكب .اذن ان المصلحة التي استشهدمن اجلها الامام الحسين عليه السلام واهل بيته الكرام واصحابه رضوان الله تعالى عليهم اجمعين هي احياء دين المصطفى صلى الله عليه واله وسلم واظهار افعال الطغاة .اذا فان من المصلحة ان تمارس هذه الشعائر في كل عصر وتقوى في كل زمان .فلو لم تكن ثورة الامام الحسين عليه السلام ولم تكن هذه الشعائر الحسينية المباركة ,لكانت عندنا مشكلة كبيرة وهي كيفية التعامل مع الحاكم الجائر الذي يتعدى حدود مخالفته العقائد الدينية كيزيد الاموي مثلا وصدام العفلقي في زماننا هذا .لذا كان موقف العلماء الاجلاء في كل زمان ومكان من الشعائر الحسينية موقفا بطوليا ورائعا واعتبروا وجود مثل هذه الشعائر في المجتمعات الاسلامية لها تاثير واقعي وعملي في نفوس المسلمين حيث كانوا يقفون في وجه الطغاة المارقين في كل زمان ومكان يتصدون لهم من خلال الشعائر الحسينية المباركة ويعتبرون هذا افضل تحرك عملي لنهضة الشعوب الاسلامية المحرومة .ويذكرون انفسهم بمظلومية الامام الحسين عليه السلام لانهم نذروا انفسهم الابراز حقيقة الاسلام ازاء كل شك وشبهة.ان اقامة الشعائر الحسينية تعتبر مدرسة تثقيفية عملية وليست نظرية تعلم المسلمين وجوب التصدي للقوى المعادية للاسلام والحكومات الظالمة المتسلطة على رقاب المسلمين ,وتلقن المسلمين دروسا في الصبر والصمود والاباء والعزة.النجف الاشرف ودورها الشعائر الحسينية لقد تصدت مدينة النجف الاشرف على مر التاريخ باعتبارها بلد المرجعية في العالم ,تصدت لكل التيارات المنحرفة من خلال الشواهد التاريخية التي تبين المواقف الشجاعة لهذه المدينة البطلة.ومن هذه الشواهد هي المواقف التي وقفتها هذه المدينة البطلة في عصرنا الحالي ضد الحكم العفلقي الماسوني الجائر طيلة فترة تسلطه على رقاب الشعب العراقي .ومن هذه الشواهد والصور ماحدث في ليلة التاسع من محرم الحرام عام 1969 ميلادية تلك الليلة المشهودة حينما ضيق النظام الصدامي الخناق على على الامة في ممارسة شعائرها الدينية وفرض رقابة مشددة على الهيئات والمواكب الحسينية ومنعه الكثير منها ,وقا م باغلاق ابواب الصحن الحيدري الشريف للتمكن من السيطرة على المعزيين .فانتفضت الجماهير النجفية البطلة غاضبة مستنكرة اجراءات السلطة هذه فسارت في مسيرة كبرى طافت شوارع النجف متجهة الى مقر السلطة الحاكمة انذاك والكائن في مقر القائمقامية والذي يضم دوائر الامن والشرطة والاستخبارات ,حيث اقتحمت الجماهير الحسينية الغاضبة المبنى واشتبكوا معهم حتى ساعة متاخرة من الليل وارسلت السلطة الصدامية مندوبا عنها وهو المقبور صالح مهدي عماش والذي كان يشغل وزير الداخلية انذاك ,لتهدئة الوضع في المدينة , ولكن الجماهير اصرت على مواصلة المسيرة الحسينية في اليوم التالي مما اضطر السلطة للتنازل امام غضبة الجماهير الثائرة.واستمرت السلطة الصدامية تمارس اعمالها القمعية ضد الشعائر الحسينية وفي ليلة العاشر من المحرم عام 1975 ميلادية خرجت جماهير النجف الاشرف لتعزي امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام باستشهاد ولده الامام الحسين عليه السلام ,وطافت المسيرة العزائية شوارع مدينة النجف الاشرف حتى وصلت الى الصحن الحيدري الشريف حيث اعتلى المنبر احد خدمة الامام الحسين عليه السلام وهو الشهيد جاسم الايرواني ليفضح اعمال السلطة العفلقية في منع الشعائر الحسينية .واستمر الهياج الثوري الحسيني عند الجماهير الغاضبة الى اربعينية الامام الحسين عليه السلام في العشرين من صفر من نفس العام حيث دخلت الجماهير الحسينية البطلة الى مدينة كربلاء في موكب مهيب ,وعند الوصول الحرم الحسيني الشريف مزقت صور الطاغيتين البكر وصدام وتحولت المسيرة الى انتفاضة جماهيرية تردد شعرات التحدي للسلطة الحاكمة .وفي العم التالي أي في عام 1976 ميلادية قامت السلطة الصدامية الجائرة بمنع موكب الامام الحسين عليه السلام المشاة على الاقدام من النجف الى كربلاء فاعلنت مدينة النجف الاضراب العام حيث اغلقت المحلات والمتاجر وتوجهت الجماهير الغاضبة الى كربلاء متحدية اوامر السلطة العفلقية الكافرة مشيا على الاقدام .لكن السلطات الصدامية قامت بتطويق المسيره الكبرى وحاولوا تفريقهم بشتى الوسائل فاتجهت الجماهير الى الصحن الحيدري غاضبة على اجراءات السلطات التعسفية في منعها من الوصول الى كربلاء وقامت بتمزيق صور الكافريين صدام والبكر .وفي ليلة العاشر من محرم سنة 1977 ميلادية خرجت الجماهير النجفية في مسيرة عزائية فدائية تتقدمهم مجموعة من الشباب الثوري المجاهد اللذين صمموا على الشهادة وهم يحملون السلاح الابيض تعلوهم راية بيضاء مدماة ترمز للشهادة والفداء متحدين بذلك السلطة العفلقية التي حاولت ان تمنع كل الشعائر الحسينية هذا العام مهما كلف الثمن .فاصدمت الجماهير الحسينية الثائرة مع ازلام السلطة البعثية وحدثت مواجهة عنيفة سقط على اثرها العديد من رجال الطاغية صدام .فارسلت السلطة تعزيزات امنية الى النجف الاشرف يرتدون الملابس المدنية ويحملون السلاح تحت ملابسهم حتى اصبحت مدينة النجف الاشرف وكانها ساحة معركة ,لكن الجماهير الغاضبة لم تهتم اهذا الامر خصوصا بعد ان اصدرت المرجعية الدينية امرا بمواصلة المسيرة الحسينية فسارت الجموع الثائرة الى كربلاء رغم كل الاجراءات الامنية المشددة تتقدمهم راية كبيرة كتب عليها (يد الله فوق ايديهم).ولكن ازلام السلطة اخذوا يشنون الغارة تلو الغارة على الحسينيون الابطال فاعتقلت منهم العشرات واودعتهم السجن ولكن المسيرة اخذت تزحف الى كربلاء من طرق اخرى حتى وصلت الى الحرم الحسيني الشريف وانطلقت اصوات الشباب بالهتافات الحسينية والشعارات السياسية لتتحول المسيرة الى انتفاضة حسينية جماهيرية اثبتت من خلالها الجماهير اهميتها في الصراع وبطلان الكثير من التصورات الخاطئة في الاستخفاف بقدرة الجماهير وعدم اعتمادها في الصراع.لقد عبرت الجماهير المنتفضة في العشرين من صفر انها منظمة برباط الاسلام وحب اهل البيت عليهم السلام وسائرة في درب سيد الشهداء عليه السلام ,فكان الحس الحسيني وروح الاسلام وتحدي الظالمين قويا في نفوسهم الابية ,فقد تصور النظام العفلقي في العراق انه استطاع ان يصفي التيار الاسلامي والذي يتمثل بالمرجعية الدينية وذلك بعد وفاة مرجع الطائفة انذاك السيد محسن الحكيم (قدس).لكن الجماهير الحسينية بقي التاريخ يغلي في عروقهم وشراينهم فتحركوا في هذه الانتفاضة المباركة, انتفاضة العشرين من صفر 1977 تحركا بطوليا اثبتوا فيه حبهم لسيد الشهداء عليه السلام ووفائهم للمرجعية الرشيدة وخيبوا امال النظام العفلقي الذي توهم بانه قد استطاع ان يدخل هذه الحماهير تحت سيطرته وفي مساره .لقد نجح ثوار انتفاضة العشرين من صفر نحاحا كبيرا في تحويل الموت الذي اراد به العملاء العفالقة ارهاب الثائرين الى شعار يدفع بالثائرين المزيد من العطاء ومزيد من الاصرار والتحدي.وقدمت ضحايا من اجل هذه المسيرة في تلك الانتفاضة المباركة امثال الشهيد السيد عبد الوهاب الطالقاني والشهيد عبد الامير الميالي والشهداء جاسم الايرواني وصاحب ابو كلل ويوسف الاسدي ومحمد سعيد البلاغي وناجح محمد كريم وعباس عجينه وكامل ناجي مالو وغازي خوير , ليلتحق هولاء الشهداء الابطال بموكب شهداء الطف وتبقى الجماهير دائما هي اقوى من الطغاة ولاتستسلم مهما تفرعن اولئك الطغاة .وفي النصف من شعبان عام 1998 استجابت الامة لنداء المرجعية بالتوجه الى حرم سيد الشهداء سيرا على الاقدام بمناسبة الزيارة الشعبانية في ذكرى مولد الامام المهدي ارواحنا لمقدمه الفداء.وادت الجماهير الزيارة متحدية اوامر جلاوزة النظام مما حدا بالنظام الى ان يعتقل المئات من المعتديين والشباب المؤمن والتضييق على المرجعية الدينية في النجف الاشرف وتطويق حركتها وكان نتيجة هذا الالتفاف الجماهيري للامة حول المرجعية ان امتدت يد السلطة العفلقية المتسلطة على رقاب الناس باغتيال اية الله الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) كما اغتالت اية الله الشهيد الميرزاعلي الغروي(قدس) واية الله الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي (قدس) واعلنت الاحكام العرفية في النجف .ولم يكتفي النظام بهذا الاجراء بل قام بهدم الصورة التراثية لمدينة النجف ليمحوا اثار تلك النهضة الحديثة فقام بهدم محلة العمارة ومسحها من خارطة الوجود لما تحويه هذه المحلة من معالم لها دور في تاريخ العراق الديني والسياسي والفكري حيث تضم هذه المحلة المدارس العلمية والدينية والحسينيات ,كما تضم هذه المحلة اثارا مهمة لها تاثير في نفوس اهالي النجف خصوصا واهالي العراق عموما كبيتي مرجع الطائفة ومؤسس النهضة الفكرية الامام السيد محسن الحكيم (قدس) ,وبيت مفجر الثورة الاسلامية في العراق الامام الشهيد محمد باقر الصدر (قدس).ولكن مدينة النجف البطلة تبقى كلمتها هي كلمة المرجعية الرشيدة حتى يظهر قائم ال محمد صلى الله عليه واله وسلم ليملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان ملات ظلما وجورا .لماذا تحارب الشعائر الحسينيةان الامام الحسين عليه السلام حينما صمم على الشهادة بهذه الطريقة التي تثير المشاعر وتهز النفوس والضمائر لم يرد لها ان تقف عند هذا الحد بل اراد لها ابن بنت رسول الله صلى اله عليه واله وسلم ان تتحول الى ثورة تعصف بالظلم الذي ساد على الامة الاسلامية وتنتصر للحق مهما قل انصاره .والشعائر الحسينية هي التي تحمي هذا الحس الثوري عند الامة على مرور الازمان واختلاف الدهور وتتحول المشاعر الحسينية الى رصيد ضخم لدى المسلمين يعزز عنده حالة الرفض لكل الوان الظلم واصبح المنطق الحسيني منطقا متميزا يعبر عن حالة انسانية يقوى فيها الانسان من موقع المظلومية على ظالميه .وقد تعلم قادة الشعوب غير الاسلامية فضلا عن الاسلامية من المنطق الحسيني كيف يكونون مظلومين لينتصروا على الظلمة كما صرح بذلك غاندي زعيم الهند عندما قال (علمني الحسين كيف اكون مظلوما لانتصر).والثورة الاسلامية في ايران خير دليل على تطبيق الحس الحسيني ,ولم يقتصر هذا الحس على ثورة ايران بالذات فقط بل اخذ ينتشر في ارجاء عديدة من العالم الاسلامي مثل(لبنان وفلسطين والعراق).وانتفاضة الخامس عشر من شعبان المباركة في عام 1991 ميلادية في العراق خير دليل على امتداد الثورة الحسينية التي ارعبت الطغاة في عروشهم , والدليل على ذلك ان الاستكبار العالمي قد احس بالخطر الذي يحوم حوله بعد ان رفعت الشعارات الحسينية في تلك الانتفاضة المجيدة فشعر بنهايته لو امتد هذا الحس الحسيني اكثر فاكثر ,لذا قامت امريكا ومن لف لفها باخماد هذه الانتفاضة المباركة وذلك من خلال اعطاء الضوء الاخضر لطاغية العراق صدام الارعن بقصف المدن العراقية بالطائرات والصواريخ ونزلت ميليشيات العفالقة الى الشوارع فاعتقلت الالاف من الشباب المؤمن المتدين واعدمت العديد من المفكرين والعلماء ورجال الدين وغيب اكثرهم عن عالم الوجود بطرق مختلفة استعملها النظام حتى ضاع خبرهم الى ان اهلك الله طاغية العراق فظهرت المقابر الجماعية في كل انحاء المدن الشيعية لتعلن هذه المقابر بشاعة ماكان يفعله النظام في سبيل اخماد الانتفاضة الشعبانية المباركة.ماذا بعد هلاك صدام؟ الان وبعد ان هلك طاغية العراق واودع في مزبلة التاريخ وسيطر الاستكبار العالمي على ارض العراق بحجت اسلحة الدمار الشامل , وشاء الله ان يسقط صدام في ايام لها اهمية في تاريخ الشيعة خصوصا والمسلمين عموما فكان سقوطه في ايام شهر محرم الحرام الشهر الذي انتصر فيه الدم على السيف ليقول التاريخ لصدام انك مهما تفرعنت وتحديت الامام الحسين عليه السلام فلن تجد لك مكانا سوى مزبلة التاريخ, هذا الحسين الذي حاربته طيلة فترة حكمك للعراق انتصر عليك كما انتصر على يزيد من قبل وهذا درس اخر لكل طاغية وجبار كما ان يوم سقوط الطاغية صادف نفس اليوم الذي اعدم فيه صدام المجرم المفكر الاسلامي اية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس).فالتاسع من نيسان عام 1980 كان يوما مشؤما على الشعب العراقي ولكن الله انتقم بنفس هذا اليوم فاهلك الطاغية وارانا ذله بعد ان ضاقت به الدنيا من ارض يملكها باكملها الى حفرة تعيش فيها الفئران.ياحسين بضمايرناصحنا بيك امنالقد خرجت الجماهير المؤمنة في العشرين من صفر عام 1424 هجرية وبعد سقوط العفالقة ,خرجت بمسيرة كبرى الى حرم الامام الحسين عليه السلام من كافة انحاء العراق لتعاهد الامام الحسين عليه السلام بمواصلة الدرب الحسيني حتى النفس الاخير .فاحست دول الاستكبار العالمي بالخطر الذي يداهمها نتيجة هذه المسيرات الحسينية والتجمعات الثورية , لانهم ايقنوا بعد كل هذا ان الثورة الحسينية تحولت الى ميثاق لدى الشعب العراقي واصبجت جزءا من شخصيته واصبحت مسألة الدفاع عن تلك الثورة المباركة انتصارا ودفاعا عن شخصية الانسان الرسالية وتاكيدا لها .وهذه الثورة تترجم للامة عن طريق الشعائر الحسينبية لان الشعائر الحسينية لغة يفهمها الكبار والصغار حيث تحولت هذه الشعائر بمرور الزمن الى هتافا ضد الظلم وتيارا ضد الطواغيت .فبتعميق الاحساس الحسيني في النفوس وتعبئة ابناء الامة بهذا الاحساس وحين تكون الشعائر جزءا من هذا الاحساس , عندئذ يصعب على الاستعمار ان يطوق هذا المد الحسيني فضلا عن ازالته عن وجدان الامة ومن هنا نرى ان المواكب الحسينية ومواكب المشاة على الاقدام الوافدين الى حرم سيد الشهداء عليه السلام ومجالس العزاء ظلت عقبة امام السلطات الجائرة لان اية محاولة للمساس بالشعائر الحسينية تعتبر مساسا بمشاعر الناس .لذا ان ترويج الشعائر الحسينية ينمي حالة من الاحساس المعمق بصرورة نصرة المظلوم والتضحية من اجل ذلك .كما لها الاثر البالغ في تعميق العلاقة بين الفرد واهل البيت عليهم السلام خصوصا وان احلى صوره تجسدها ثورة الامام الحسين عليه السلام هي الفداء من اجل الاسلام بالنفس والاهل والاصحاب واي نفس كنفس الحسين عليه السلام واي اهل كاهل بيته عليهم السلام واي اصحاب كاصحابه عليه السلام .من هنا ادرك المعادون لاهل البت عليهم السلام خطورة هذه الشعائر فعمدوا الى محاربتها بكل طريقة وطمس معالم المراقد المقدسة لائمة اهل البيت عليه السلام كما يذكر لنا التاريخ , وماشاهدناه في عصرنا الحاضر عندما اراد الطاغية صدام المجرم هدم ضريح سيد الشهداء عليه السلام في انتفاضة الخامس عشر من شعبان عام 1991 خير دليل على هذا العداء والخوف من الامام الحسين عليه السلام وثورته وشعائره المباركة وبعد سقوط نظام العفالقة خرجت الجماهير الحسينية في اروع موكب لها منذ اليوم الاول من شهر محرم الحرام بحموع بشرية هائلة كلها ترفع راية سيد الشهداء عليه السلام دون غيره لتثبت للاستكبار العالمي انه مهما تعددت اتجاهاتنا السياسية ومهما تنوعت افكارنا تبقى راية الامام الحسين عليه السلام هي التي توحدنا .فلم يتحمل الاستعمار هذا الالتفاف الجماهيري حول الامام الحسين عليه السلام فقام بضرب العتبات المقدسة في كربلاء والكاظمية في العاشر من المحرم محاولة منه لتحبيط عزيمة المواكب الحسينية ,ولكنه شاهد التنائج العكسية لفعلته الجبانة هذه حيث خرجت المواكب من كل صوب وحد الى مكان موقع الصواريخ واحيت فيه العزاء واللطم لتثبت للاستعمار ان ثورة الامام الحسيم عليه السلام وشعائره المباركة تبقى خالدة مهما فعل الاعداء بهم .وستبقى مأساة الامام الحسين عليه السلام ملحمة البطولة والمواجهة مع الجبابرة حتى ترتفع راية الاسلام باذن الله تعالى في كل انحاء المعمورة .وتبقى كلمتنا تدوي :لو قطعوا ارجلنا واليدين ناتيك زحفا سيدي ياجسينالنجف الاشرف
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك