المقالات

طريق كربلاء الشهادة ... وشهامة اهل العراق

867 13:36:00 2012-01-17

رفعت نافع الكناني

وانا في طريقي نحو كربلاء المجد والشهادة ، كنت ارى تلك الحشود البشرية تزحف نحو هدفها المعلن كالطوفان ... راياتهم خفاقة تعانق السماء بشموخ متفرد ... صوت هادر متكبرعلى الحزن بأباء ( لبيك ياحسين .. لبيك ياحسين .. لبيك ياحسين ) . انها رسالة للعالم وللانسانية تفصح بوضوح ان العراقيين هم حملة راية الحرية والتضحية في سبيل المبادئ والقييم الخيرة وانهم يمثلون روح الاسلام المتسامح وجوهرة الحقيقي المتمثل بالخير والمحبة والسلام ، والرسالة الحسينية هي رسالة الامة الاسلامية في نصرة المظلوم ومواجهة الظالم والمتكبر وبث روح التسامح والمحبة بين الشعوب ... في هذة الاجواء كانت تطرق مخيلتي اسئلة عديدة ، افرد منها ، 1 - ماذا تعني هذة الحشود المليونية التي تطوي الفيافي والقفار والمسافات الطويلة ؟ 2 - ماذا لو انيطت مهمة تغذيتها وخدمتها لجهة حكومية ؟ 3 - ماهي الجهة السياسية التي اجبرت واغرت هذة الجموع لاداء هذة الفريضة وبهذا الحجم الخيالي ؟ 4 - ما نوع الرسالة التي تريد ايصالها هذة الجماهير والى من ؟

كانت هذة الحشود المليونية تعبر وبصدق لا يمكن اخفاءة من ان العراقي يتفرد عن باقي شعوب الارض بحضارتة وتراثة وارثة المميز بحبة للحرية ومقارعة الظلم ونصرة الحق ورجالة ، وانة يتوحد ويتمسك بوحدتة ووحدة ترابة مهما اشتدت المحن والمصائب علية ، لذلك عندما بدء هذة المسيرة نحو رمز كرامتة ( الامام الحسين وصحبة الابرار ) اثبت دوام استمرارتة وحيويتة وعطاءة السخي غير المنقطع، واعطى مثلا لما يكتنزة من خير وبركة كنهر دائم التجدد . كانت هذة الجموع تمثل طيف واسع وعريض من فسيفساء النموذج العراق الفريد الذي نفتخر بمواصفاتة وخصوصياتة ، وترعب الطرف الاخر بكل مسمياتهم من ارهابيين وتكفيرين وسلطويين المرعوبين من رياح الحرية والديمقراطية وقرب انتهاء عصر العبودية والوصاية على الشعوب بحجج مختلفة ، ويبذلون المستحيل لفرط عقد هذا التحالف والتكاتف والتآلف الابدي ... فكان الشيعي يتكأ على كتف السني بعد عناء السفر الطويل ... وذاك الشيعي يقدم لاخية السني ما لذ طاب من الغذاء والشراب ورأيت المسيحي والصابئي يسارع الخطى في الوصول اولا ... وتذوق الجميع كباب اربيل وكبة الموصل ودليمية الرمادي وقيمة اهل النجف وعنبر الفرات ... وارتوينا من برتقال بعقوبة وكربلاء .

كل هذة الملايين الزاحفة ، بعضها منذ حوالي الثلاثة اسابيع والباقي كان مسيرتة عدة ايام ، لبيت طلباتها من الغذاء الجيد الممتاز والشراب بانواعة وما اشتهت الانفس من فواكهة ومرطبات والدواء والتداوي والمبيت المشُرف وباقي الخدمات الاخرى بانسيابية عجيبة لاتقدر على ادارتها عدة دول !!! كانت هذة الخدمات الجليلة تشًرف بها متطوعون من اهل الكرم والجود من مختلف الملل والاعراق والقوميات وبادرت بدفع كل تكاليفها من جيبها الخاص ، وهذة سنة سنوية مستمرة تفتخر وتتبارى بها جموع العراقيين تريد الاجر والثواب خدمة لزوار الامام الحسين واخية العباس . ماذا لو انيطت هذة المهمة لجهات رسمية حكومية كما صرح بة بعض النواب والمسؤولين ... لكان الجواب الحاسم ان الملايين هذة تعطش وتجوع وتمرض بسبب طغيان آفة الفساد المالي وكثرة السراق والحرامية حتى لو انفقت الحكومة بطيب خاطر مليارات الدنانير على هذة الفريضة ... هذا الكرم والسخاء والجود العراقي اغاظ على ما يبدو قناة BBC العربية التي ذكرت اليوم 14/ 1 وعلى لسان احد مراسليها في بغداد بان بعض التيارات السياسية في الحكومة اعطت لمواكب العزاء الحسينية المكلفة بخدمة زوار الامام الحسين ما قيمتة خمسة الاف دولار لغرض حث هذة الجماهير لدعمها في الانتخابات القادمة ان صحت هذة المعلومة !!! ونسيت هذة القناة ان هذا المبلغ لايكفي لمصروف يوم واحد في اغلب مواكب خدمة الزوار الطوعية .

هذة الجموع بهذا التدفق المليوني وبمختلف الاعمار والاجناس والمذاهب والقوميات والبلدان ، لا يمكن لاية جهة سياسية او دينية او حكومية من احتوائها سياسيا او فكريا او عقائديا ، والسبب ظاهر وبادي للعيان ولكل من راى وشارك في هذة المسيرة . انها تشمل اشخاص ذات رؤى وافكار وعقائد وميول وتوجهات عديدة ومختلفة ومتباينة ، فهناك الاسلامي المتطرف والمعتدل وهناك العلماني وهناك الليبرالي وهناك الاكثرية من المستقلين وكثير من عديمي الرأي والموقف ... فترى المهندس والعامل والطبيب والمعلم والامي والعالم والموظف والاجير وهناك الطالب والفلاح والمحامي واستاذ الجامعة في باقة ازهار متناسقة في هذة الفعالية الرائعة لاتعرف التعالي او الخصوصية او الطبقية ، ياكلون على مائدة واحدة ويسيرون سوية واقامتهم في مكان واحد ، فاية جهة سياسية او حزب يقدر من لفلفة هذة الجموع بهذة المستويات المختلفة ، وما هي انجازاتة واعمالة لخدمة المواطن ليستطيع اقناع وادلجة هذة التيارات المختلفة الرأي والثقافة . هذة الحشود لايمكن ضمها تحت اية عباءة فلها افكارها واستقلاليتها .

الرسالة التي ارادت هذة الملايين ايصالها للعالم هي ان العراقي ينبذ الظلم والاستغلال والارهاب يعشق الحرية ويضحي من اجلها ... والحسين علية السلام نموذجة الدائم على مر العصور ورمزا يقتدى بة ضد الفساد والطغيان وسراق المال العام ومثيري الفتن والقلاقل ومفرقي صفوف الامة . وانة يمتلك الصبر الطويل والقرار الشجاع والعقل الناضج لمواجهة كافة الاحتمالات والتحديات التي قد تواجهه من قبل اعداء الداخل والخارج الذين يحاولون بشتى الطرق اثارة الفتن ورفع راية التقسيم والتجزئة لترابة ... وان مسيرتة تلك تعبر عن وحدتة واصطفافة خلف كل من يريد للعراق الرفعة والتقدم والتوحد والدفاع عن ترابة وسماءة ومياهه ... ويؤكد بان هذة الحشود المليونية لاتحمل رسالة تهديد لاية شريحة عراقية ولا تمثل استعراضا للقوة بل انها تحمل رسالة محبة وتعاون وغصن زيتون لكل اطياف الشعب العراقي من شمالة الى جنوبة ومن شرقة الى غربة ، ورسالة اخوة وصداقة الى كل دول الجوارالشقيقة والصديقة ... وتحذر من التدخل في الشأن العراقي بكافة اشكالة ... وان العراقي يحترم الاخر ويمد يدية لكل من يريد ان يتعاون معة بصدق ومودة وفق المصالح المشتركة للبلدين . لقد اظهرت هذة المناسبة المعدن الاصيل للعراقي باخلاقة وكرمة وشهامتة ونخوتة وبجودة الذي لايعرف الحدود وسمو طباعة ورقة وانسانية تعاملة ونبذة للطائفية والتفريق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
هيثم
2012-01-22
عن اية آلاف محقورات تتحدث الـ(BBC) لهؤلاء الزوار من فيض العطاء الوجداني ما يغرقون به كل الفقر والعوز الموجود في العالم. ان زوار الامام الحسين عليه السلام لم يقصدوه ليحظوا بوجبة طعام او قدح شاي، بل قصدوه ليواسوه بالجوع والعطش، ويعرضوا عليه تشرفهم بالنصرة والموالاة رغم انصرام الواقعة. هذه صفقة مع الله تعالى لا توازيها كل دولارات الارض لأنها لذة في الوجدان الانساني لا نظير مادي لها.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك