صالح المحنه
كل قوانين البشرية الوضعية والسماوية تكاد تتفق على عدم قتل الطفل و المرأة و الكاهن ،بل تستثني كل من تجنّب الخصومة او القتال، فلا يعتبر من اهدافها، وكان هذا من شيم العرب في الجاهلية قبل الاسلام ، ولما جاء الأسلام عزّزَ هذا العرف البشري ،ورسّخ مفاهيمه لدى المسلمين ،وأكد على تهذيب تلك المفاهيم، وزرع فيهم القيم التي تحرّم عليهم محاربة وقتل النساء والأطفال والأوجراء والمعتزلين القتال ، وأن لايؤآخذ الولد بجريرة ابيه ولا الأخ بجرم أخيه ،كما في قوله تعالى( ولاتزر وازرة وزر أخرى) وفي كثير من المواقف جعل الله تعالى العفو والصفح سمة نبيلة للعربي وللمسلم بشكل خاص(وإن تعفوا وتصفحوا خير لكم ) والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة كثيرة في هذه الخصوص ، وكلها تدعو الأنسان الى التحلي بالمروءة والشهامة وعزة النفس والخلق الرفيع عندما يقابل عدوه ، ويتخاصم مع من كانت له خصومة معه في أمر ما، وهكذا كان شأن القادة في صدر الأسلام الملتزمين بنهجه القويم ، كعليٌّ بن ابي طالب عليه السلام الذي كان يُلزم اصحابه وجيشه بأرفع الأخلاق التي ترضي الله سبحانه ، في مجابهة الأعداء فكان يقول لهم ويوصهم: «أيها الناس لاتقتلوا مدبراً ولاتجهزوا على جريح ولا تقتلوا الصغير بذنب الكبير ،ولاتكشفوا عورةً، ولاتقطعوا شجرا ولاتقتلوا النساء، بهذه الروح الأنسانية بدأ الأسلام الذي أسسه محمد عليه الصلاة والسلام، ولقد كان العرب قبل الأسلام يسيرون على مناهج متعددة تحكمهم التقاليد الجاهلية والأعراف العشائرية ،بعضها حاربها القرآن، والبعض الآخر الذي فيه مروءة وشهامة رسخها وعمّقها في سلوكهم، أما بعد الأسلام وبعد رحيل الرسول ص ،إنبثق نهجان متناقضان يسيران بخطين متوازيين بعنوان إسلامي واحد ، أحدهما تمسّك بتعاليم الدين الحنيف الذي أراده الله ورسوله أن يسود وينظّم حياة المسلمين وعلاقاتهم بالآخرين وهو الخط المحارَب الى يومنا هذا، والخط الآخر وهو بعنوان إسلامي ايضا قد أتخذ من الأسلام وسيلة للتسلّط على الناس ، وأكتساب المغانم والأستئثار بالسلطة، وخرج من رحم هذا النهج فئةٌ ضالةٌ حرّفت آيات الله ونهج رسوله، أوّلت الحديث فكونت عقيدة فاسدة تأمر بقتل من خالف نهجها المنحرف وفكرها الأجرامي ،عقيدةٌ لاتمت للأسلام والأنسان والحيوان بصلة لامن قريب ولامن بعيد، حتى إنتهت الى مدرسة محمد بن عبد الوهاب الأرهابية التي تقتاة على فكر ابن تيمية ، وهو فكر لايؤمن بأنسانية محمد ص ولا بأهدافه وسبب بعثته (وماارسلناك الا رحمة للعالمين ) بل حول هذه الرحمة الى نقمة على العالمين،وأساؤا الى تلك الروح السامية والخلق الرفيع الذي تحلى به رسول الله والتابعين له بأحسان ،هذه المدرسة المنحرفة خرّجت رجال دين ماكرين مجرمين تصدوا للأفتاء والدعوة ، جعلوا من انفسهم كيانات مقدسة تحيي وتميت ، تكفّر من تشاء ، وتظلل من تشاء، وتمنح صك الدخول الى الجنة الى من تشاء ، فحولوا الروح الأسلامية السمحاء الى شرر يتطاير من أفواههم ، ليحرق الأخضر واليابس ويقتل الصغير قبل الكبير،في كل يوم يطلقون الفتاوى التي لاتبقي ولاتذر، لقتل أناس لاذنب لهم سوى أنهم يختلفون معهم في العقيدة ، ويخالفون نهجهم المنحرف،هؤلاء بأسم الأسلام أفسدوا الأسلام والأرض والأنسان،لأنهم جانبوا الشرف والمروءة والكرامة، وامتهنوا ممارسة قتل الأبرياء باسم الدين،فراحوا يصدّرون خنازيرهم المفخخة الى قتل الأبرياء وتخريب الجمال ،وكثير عليهم تشبيههم بالخنازير ، بل هم أقذر من فضلاتها، هؤلاء هم الخصوم الطائفيون الذين أذهب الله عنهم الشرف والحكمة والحلم وتركهم في رجسهم يعمهون ،أما الخصوم السياسيون فبعضهم لايقل قذارة وخسة عن مؤسسة التكفير الوهابية النجسة، فلايروْنَ إلا مصالحهم وأهوائهم الرخيصة مثلهم، فعندما يتخاصمون مع بعضهم يلجؤون الى قتل الفقراء والعزل من العمال وطلاب المدارس وحرق الأسواق والمحلات ،يفخخون السيارات ويفجرونها من بعيد، أو يزرعون العبوات الناسفة ويهربون،أو القصف من أماكن بعيدة وآمنة بالنسبة لهم، ولايعنيهم من يُقتل فقط إغاضة الخصم ومحاولة تسقيطه،لأنهم عديموا الشرف بل هم من سقط المتاع قد تربوا في احضان الساقطات،بهذه الطريقة الدونية وبهذه النفسيات والعقول المجرمة والبشعة تُدار الخصومات الطائفية والسياسية في بلدنا،والشعب المسكين بل الطائفة المسكينة هي التي اصبحت في مرمى هؤلاء المتخاصمين غير الشرفاء، وهي هدف سهل ورخيص في متناول مؤسسة الأفتاء التكفيري الذي ترعاه علنا مملكتهم السعودية،ولكن هل يبقى الأمرُ كما هو عليه؟ والى متى يستمر هؤلاء المجرمون في غيهم وتماديهم على دماء الأبرياء ؟ ومن هو المسؤول الذي نتوجه له بتساؤلنا؟ طبعا كل شريف وكل صاحب ضمير نقي وحي يتحمّل جزء من المسؤولية على قدر إستطاعته،وكما قال رسول الانسانية ص ( من رأى منكم منكرا فاليغيره بيده فأن لم يستطع بلسانه فأن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الأيمان)،ولكن المسؤولية الحقيقية والمباشرة تقع على الحكومة العراقية والمرجعية الدينية،فهما لهما المقدرة على مخاطبة المجتمع الدولي ورفع شكوى ضد المدرسة التكفيرية المصدرة للارهاب والتي ترعاها مملكة السعودية ، وأمور اخرى يجب أتخاذها من قبل الحكومة العراقية لحماية مواطنيها.فالدولة التي تمتلك ميزانيةً ضخمةً كميزانية العراق ، لاينبغي لها أن تعجز عن حماية ابناءها، وحتى لو أستأجرت شركات أمنية متمرسة في مكافحة شياطين التكفير. بل أستعينوا بشياطين الارض لتحموا ابنائكم، وبالاموال سوف تأتيكم طائعة..واْتركوا الهاشمي والمطلك للقضاء..
https://telegram.me/buratha