( بقلم : طالب الوحيلي )
من أهم توصيات تقرير بيكر هاملتن وركائز الخطة الإستراتيجية الأمريكية في العراق،هو التحرك نحو المحيط الدولي والإقليمي ولاسيما دول الجوار ،بما فيها الطرفين المختلفين مع الإدارة الأمريكية ،إيران وسوريا ، وقد تحركت الدبلوماسية المتمثلة بكونداليزا رايس بهذا الاتجاه من اجل التأثير على مصر ودول الخليج والأردن ،واهم دواعي ذلك التحرك هي ما افرزه واقع الأحداث ومواقف تلك الدول في لعب دور الاسناد والتأسيس للعمق الاستراتيجي للإرهاب او المجاميع المعارضة للحكومة العراقية ،من النواحي اللوجستية والإعلامية ،فيما اعتبرت تلك الأنظمة ومعظم شعوبها باستثناء دولة الكويت ،بعد تنفيذ حكم الإعدام بالمجرم صدام حسين وبعض أركان نظامه ،ان إعدام المجرمين هو إعلان الحرب الطائفية بين سنة العالم الإسلامي وشيعته ،واتخذت من ملابسات تنفيذ الحكم ذريعة طائفية وعنصرية ،عكستها على الحكومة العراقية وعلى الشعب العراقي بأغلبيته ،لنقف على أعتاب حملة ملعونة باسم محاربة الصفويين مما يرسخ في أذهان تلك الشعوب نعرة الحقد الطائفي وتعيد الخطاب الفاشي او النازي او الصدامي الذي بررت به الحرب على إيران الإسلامية ،تلك الدولة التي طالما تآلبت عليها بالتحالف مع القوى الدولية بقصد إجهاض النظام الذي اكتسح الإمبراطورية الفارسية !!لتحل بدلها دولة تؤكد قواعد الحكم الإسلامي وتدعو إلى محاربة الاستبداد والعولمة الرأسمالية التي هيمنت على المنطقة برمتها ايديلوجيا او عسكريا ،وبعيدا عن الدفاع عن إيران اوغيرها ،فان القوى الوطنية العراقية التي تصدت للعملية السياسية قد أتت بأطروحات سياسية تنأى عن الطبيعة الراديكالية لإيران وقد أسست لنظام ديمقراطي متوازن عبر دستور تبنى المبادئ الأساسية التي احتوتها كل دساتير العالم ،الأمر الذي يتيح حيزا كبيرا من الاطمئنان لمستقبل العراق أرضا وشعبا ،وبالرغم من جريان الانتخابات العامة ونجاحها باعتراف القاصي والداني ،الا ان القوى الحاقدة على تحرر الشعب العراقي وهم الطائفيون والتكفيريون والبعث الصدامي قد اتخذت من سوريا والأردن والإمارات واليمن ومصر وقطر مواطن لها ومراكز أنشطتها المختلفة ولاسيما تحركاتها (الدبلوماسية) التي فاقت وانتصرت على الدبلوماسية الرسمية لتتمكن من التأثير على الساحة العربية وعكس مظلومية الشعب العراقي الى مظلومية ( طائفة) اخرى الغرض منها ترسيخ الاعتقاد بان القوى الأساسية في الحكومة العراقية الحالية هي صفوية ،ولعل مطالعة مواقع الانترنت التي هي اقرب إعلاميا للضمير الجمعي الشعبي من الإعلام الرسمي الذي مازال يراوح في المواقف بين مجاملة قوى الإرهاب و تشويه الحقائق وبين التحدث بحياء عن التجربة العراقية ودعمها ،فتلك المواقع تؤكد غلو النظرة الطائفية والعنصرية اتجاه الشعب العراقي والرثاء المستمر للمهجرين والضحايا بعد ان جير ذلك إعلاميا لصالح تلك الطائفة باعتبار الحكومة من طائفة أخرى او تحت اتهام (الميليشيات)باضطهاد الآخر وهذا ما صرح به أخيرا وزير خارجية مصر على وجه التحديد ،فقد اعتبر أكثر من مليوني مهجر هم من طائفة (معينة) فيما عميت عيناه عن ان كافة سكنة المناطق والمحافظات التي تهيمن عليها قوى الإرهاب التكفيري والصدامي قد أخليت بالقوة من سكانها الأصليين من أتباع اهل البيت(وهم المليوني مهجر) بعد ان واجهت مجازر حقيقية بين الذبح والاغتصاب والقتل البشع بوسائل تندى لها الجباه عدا جبين (ابي الغيط) ،فلا اشك بانه على اطلاع بما يجري في العراق ،وقد وقع ضحية هذا الإرهاب عدد من المصريين الذين تداول متصفحوا الانترنت افلام ذبحهم من قبل ميليشيات القاعدة وغيرها من الميليشيات السنية ،فيما نسى أيضا الكارثة التي حلت بالقائم بالإعمال المصري الذي استشهد بعد ان اختطفته القاعدة ،والمخيب للآمال في الموقف المصري ان الرئيس المصري بعد ان التقى برئيس وزراء اسرائيل (القطر الشقيق) تقزز من الألفاظ التي صاحبت اعدما صدام الذي صدق وهو الكاذب ابدا بان نعته بحسني الخفيف(لو نساها حسني!!) والسخيف في الموقف المصري أيضا اتهامهم لإيران بالتدخل بالشأن العراقي واتهامهم لها باختطاف دبلوماسيها الذي قتلته القاعدة وأعلنت مسؤوليتها عن تلك الجريمة!!بهدف إرهاب الدول العربية وإجبارها على قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق.
من عجب الدنيا ان تتحول فنادق الأردن ذات الخمسة نجوم الى مكاتب ومقرات للمعارضة او المقاومة (العراقية)لاسيما وان بعض قياداتها هم من أعضاء مجلس التواب ومن الحكومة العراقية ،وهم جميعا في ضيافة جلالة الملك الذي يؤكد دائما على أن الأوضاع الأمنية الخطيرة في العراق تتطلب من العراقيين وضع خلافاتهم جانباً والمضي في طريق إعادة الأمن والاستقرار وبناء مستقبل أفضل للشعب العراقي.
فيما ينسى ان محاميي الأردن قد جعلوا من إعدام صدام مناحات وتحولوا الى ناطقين مخولين باسم قوى الإرهاب التي أخذت تفتك بشباب العراق انتهاءا بمجزرة طلبة الجامعة المستنصرية التي توجب على كل عربي شريف إعلان الحداد الدائم على دمائهم بدلا من الرثاء على صدام والانتحاريين الذين تتقيأهم شعوبهم.وعودة لتصريحات الملك عبد الله ودعواته لوضع العراقيين لخلافاتهم ،وذلك امل كبير يطمح له أبناء الأغلبية وحكومتها لأنهم وحدهم الراغبون بذلك والساعون والداعون في تصريحاتهم وفي خطاباتهم وخطبهم ومناسباتهم معتبرين ذلك بابا لنجاح التجربة العراقية ،ولكن ما قول جلالته في قول مجيد الكعود الذي نشرته صحيفة الرأي الأردنية من عمان عاصمة جلالته الخميس بان ضباطا وجنودا عراقيين سابقين يقفون وراء هجمات مسلحة في العراق مستمرة منذ أربع سنوات يخططون لتصعيد الهجمات بعد إعدام زعيمهم صدام.وقال (الكعود) الذي تربطه علاقات بقادة وضباط الجيش في عهد صدام والذين كانوا يتمتعون بنفوذ قوي ويشكلون الان العمود الفقري للهجمات المسلحة التي يشنها السنة ان الرسالة جاءت من عزة الدوري'' حثهم على تصعيد عملياتهم لتحقيق النصر باذن الله على المحتلين وطردهم وأعوانهم من الخونة والمتآمرين''.لكنه قال ان المسلحين مستعدون لان يعرضوا على واشنطن ''هدنة'' وتخفيف عملياتهم المسلحة ضد القوات الأميركية اذا اتخذت إجراءات صارمة ضد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
ومضى يقول ''المقاومة مستعدة لتخفيف هجماتها ضد القوات الأميركية المحتلة مقابل إنهاء دعمهم اللوجستي والمالي للميليشيات التي تقف وراء عمليات القتل والعنف الطائفي وتهجير الاف العراقيين من مناطقهم''.وقال الكعود وهو أمين عام تنظيم ''وهج العراق'' ومقره بغداد ان رد المسلحين على اعدام صدام سيكون بشن المزيد من الهجمات العسكرية القاتلة التي يستخدمون فيها صواريخ أبعد مدى وقنابل أشد قتلا. وأضاف ''انهم ينفذون وعدهم بإشعال الأوضاع.. وقراءة لهذا التصريح تعني
اولا ـ ضلوع البعثيين الذين يسعون للعودة الى الحكم في العراق ويجدون من يقف معهم من داخل الحكومة في إلغاء قانون اجتثاث البعث وانتقاد الغاء الجيش السابق ،ضلوع هؤلاء بأبشع جرائم القتل التي تجاوزت حدود الخيال ،لأنهم يشكلون العمود الفقري حسب اعتراف الكعود،وتلك جرائم ضد الإنسانية يقع عبؤها على الدول الحاضنة والتي تؤوي قيادات هكذا زمر.ثانيا ـ ان عمليات التهجير قد وقعت في الأماكن التي تسيطر عليها قوى الإرهاب في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى وفي ابي غريب والطارمية والتاجي والدورة والعامرية واليرموك والسيدية واللطيفية واليوسفية وغيرها .فيما شكل المهجرون أعباء ثقيلة على المحافظات الوسطى والجنوبية وفي منطقة بغداد الرصافة .ثالثا ـ وذلك هو الأهم حيث يفضل البعثيون والطائفيون الاحتلال الأمريكي على ان تحكم العراق حكومة ديمقراطية على أساس الاستحقاق الانتخابي ،بقصد العودة الى الحكم الاستبدادي التعصبي وإرجاع ماكنة القتل والمقابر الجماعية التي لم يعبئ بها أبناء الأمة العربية ويبررها عقلاءهم .بقية تصريحات مجيد الكعود كلها تنم عن اهانة واضحة للشعب العراقي وتحرض صريح على معاداة أبناء العراق بحجة كونهم (صفويون)وتلك وقاحة ممن يؤيدها او يسكت عنها وأولهم رؤساء الأنظمة العربية التي مازالت تعيش على خيرات العراق ونعمه.
الخلاصة هي ان الأنظمة العربية التي زارتها وزيرة الخارجية الأمريكية ،أعلنت تأييدها للخطة الإستراتيجية في العراق،لكنها أظهرت مواقف مريبة فيها نوع من الوصاية والتدخل بالشأن العراقي والنظر الى المسألة وكأنها بداية لحرب طائفية واسعة النطاق ،ولم نلمس من هذه الأنظمة ما يدل على دعم وإسناد للحكومة العراقية على وفق علاقات أخوية متكافئة...
https://telegram.me/buratha