( بقلم : حسن هاني زاده )
تكاثرت الاتهامات ضد الجمهورية الاسلامية جزافا بشأن التدخل الايراني المزعوم في العراق حتى بات رعاة البعران يكررون هذه الاتهامات دون ان يعرفوا من هي ايران واين تقع وما شأنها بالعراق. فالحقيقة ان الاعلام العربي وبايحاء من الدوائر الصهيونية والغربية وضع خطة لتفكيك عرى المحبة والاخوة التي تربط الشعبين الايراني والعراقي ليس حبا لمعاوية بل كرها لعلي .
ولا شك ان العلاقات بين ايران والعراق ليست علاقة طبيعية مبنية على الاسس الدولية المتعارف عليها في العالم بل هي علاقات روحية تربطها وشائج دينية بحتة لا يمكن معرفة خفاياها الا الذين ينتمون الى مذهب واحد مثل المذهب الشيعي. ولا يمكن فصل هذه العلاقات ووضعها ضمن اطر معينة وتحديد ملامحها لان المذهب خاصة مذهب الشيعة له اصول واسس وقواعد لابد من شرحها كي يستشف للقارئ العربي من الطوائف الاخرى اسباب هذا الترابط المعنوي والحب المتبادل.
فصحيح ان في العراق وايران نظامين يختلفان في الشكل والاسس والقوانين والسياسة الداخلية والخارجية ولكن الشعبين الايراني والعراقي يشربان من منهل عذب واحد الا وهو مذهب حب آل بيت رسول الله "ص".فكيف يمكن فصل شعب يقلد مرجع ديني جليل يقطن مثلا في النجف الاشرف منذ عشرات السنين وله اتباع في ايران مستعدين ان يضحوا بالغالي والنفيس بسبب ولائهم المطلق لهذا المرجع؟.
ومن ثمة هناك وجود العتبات المقدسة مثل مرقد الامام علي بن ابي طالب والامام الحسين والامامين الجوادين والامامين العسكريين والعباس بن علي ابي طالب عليهم آلاف التحية والسلام في العراق تجعل الشعب الايراني يتابع الاحداث والمجريات في العراق اكثر مما يتابع احداث بلده.
وقد لا يصدق احد ان الشعب الايراني ومنذ سقوط الدكتاتور العراقي المعدوم حتى الآن بات لايهتم بلقمة العيش ولا بارتفاع الاسعار ولا الاحداث ولا الاخطار التي تحدق ببلده بقدر ما هو يهتم بما يحدث في العراق ومما يتعرض له اتباع آل البيت من بطش و قتل ودمار على يد طائفة حاقدة تستمد قوه بطشها من امتدادها الاقليمي.فكيف يعبث هذا الشعب المسلم بأمن العراق ويقوم بتفجير المراقد المقدسة وهو يدرك تماما ان مصير الشعب العراقي والاغلبية بالذات مرتبط ارتباطا تاما بمستقبله لان اهم امنية للشعب الايراني هي زيارة المراقد المقدسة وفي ظل مناخ يسوده الامن والاستقرار.
وعلى ذكر العتبات المقدسة فان اكثر من مائتي ايراني فقدوا ارواحهم حتى الآن في ميادين الالغام الموجودة على الحدود الايرانية العراقية والتي زرعها النظام البعثي الفاشي ابان فترة الحرب حيث دخل هؤلاء الضحايا العراق بعد سقوط صدام لزيارة المراقد المقدسة وتاهوا في الصحاري ووقعوا في ميادين الالغام.ترى اي شعب في العالم مستعد الى هذه الدرجة من التفاني حتي يضحي بنفسه من اجل زيارة مرقد ما؟فكل ما قيل عن ايران وكل ما يكتبه رعاة البعران من العرب ضد شيعة آل البيت "ع" ناتج عن حقد طائفي زرعه في عقولهم معاوية وابن تيمية وابن بطوطة وابن زعطوطه!
وكان آخر التصريحات الطائفية صدرت من احد الزعماء المنتمين الى مذهب العنف والارهاب الذي يعتبر نفسه داعية اسلامي الا وهو الشيخ يوسف القرضاوي الذي حذر من تنامي المذهب الشيعي. فاذا كان المذهب الشيعي يا شيخ القرضاوي اصبح محط اهتمام الشعوب العربية المغلوبة على امرها وبات العرب "يدخلون في دين الله افواجا" فما ذنب شيعة العراق او ايران او لبنان ؟.
فما الضير اذا ما استبصر مسلم ما واعتنق المذهب الشيعي الذي يراه اكثر التئاما مع الواقع العصري واقرب الى الحقيقة المطلقة لذات الوجود؟ وهل المذهب الشيعي اصلا هو خارج عن العقائد الاسلامية ام يعتبر ضمن هذه المنظومة ذات المذاهب المتعددة ؟
فاذن هذا هو المذهب الذي بات بفضل طبيعته المسالمة والانسانية والاصلاحية ان يجتاح العالم الاسلامي ولا يوجد اي مرجع شيعي او رجل دين شيعي قد ارغم مسلما في بلد ما على الانتماء الى هذا المذهب الانساني والاسلامي المستوحى من الرسالة النبوية السمحاء.
وعلي اي حال فان المذهب الشيعي ليس له حدود جغرافية ومهما اختلفت الانظمة في التوجهات السياسية ومهما حشدت العرب جيوشها لضرب اتباع هذا المذهب ومهما انهالت التهم من قادة البعران على الشعب الايراني فان روابط الانتماء والتكاتف والمحبة ستبقى راسخة بين الشعبين الايراني والعراقي حتى وان اختلفت الحكومتان في التوجهات والاصول والفروع وهذا هو سر من اسرار المذهب الشيعي وللحديث شجون.
حسن هاني زاده – صحفي ايراني - طهران
https://telegram.me/buratha