( بقلم : د. حمودي شهاب السباك* )
قرأت مقالة كتبها سمير عبيد يشتم موفق الربيعي. ولست مولعا بحب موفق الربيعي فالرجل له ماله وعليه ماعليه. ولكن كتابة سمير عبيد كانت لاترقى الى مستوى النقد وليس فيها مايشير الى معرفة صاحبها لا بالربيعي ولا بأصول النقد ولا حتى الكتابة، فصدق على سمير قول القائل: ياضفدعة نقي ماتنقين فلا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين. فقررت أن أكتب لأبين حقيقته وذلك لسببين: الأول هو أني أعرف من هو سمير عبيد أكثر مما يعرف هو أصابع يديه. فأنا أعرفه شخصيا لفترة طويلة من الزمن، وكذلك أعرف من يعرفونه في الماضي وفي الحاضر، وكل ما أكتبه عنه مدعم بالوثائق، ومستعد لنشرها على الملأ إذا تجرأ سمير عبيد على الإنكار.
والثاني أن الأكاذيب في مقالته لاتحتاج الى تحقيق وسؤال حتى تفتضح، فهي متناقضة بينة البطلان. ولم أستغرب من أسلوب كتابته، فهذا الشخص لايعرف أن يكتب كلاما نافعا لذلك يلجا الى الشتائم وتلفيق الأكاذيب بسبب الأحقاد، فهو ببساطة يحقد على موفق الربيعي لأن الربيعي بنظره كان أنانيا ولم يشفق على سمير بمنصب أو هدية بسيطة أو تذكرة سفر أو رد على رسائله اللزجة أو مكالمة هاتفية ترد له بعض ماء وجهه بعد كل التملق وسيلان اللعاب الذي أبداه.
والحقيقة أن هذا هو ديدن سمير عبيد، فهو قد تملق نظام صدام حسين وانتسب لحزب البعث ولكنه لم يتبوأ مكانا مهما وذلك لضعف إمكانياته ورعونته. ثم خرج خارج العراق وحاول مغازلة السفارة العراقية، بغية العمل كوكيل أمن في الخارج، ولكنهم صرفوه لعدم التزامه بالمواعيد وكثرة تناوله للكحول بحيث لايمكن الوثوق به. وخاطب السفارة الأمريكية يعرض خدماته ويتبرع لهم بمعلومات عن مشاريع صدام حسين العسكرية، فأصغوا إليه ولكن سرعان ما إكتشوا أن ليس لديه من المعلومات سوى أكاذيب ملفقة فأهملوه. وتملق السعوديين طمعا بهبة، وتملق الإماراتيين طمعا بوظيفة، وتملق الأردنيين طمعا بوجبة طعام، ولكن كل هؤلاء تجاهلوه وأمعنوا بالإهمال الذي وصل الى حد التحقير. فهذه الدول حين تريد أن تجند عملاء أو متعاونين تريد أناسا لهم قيمة ومكانة أو لهم أتباع أوقادرين على أداء وظيفة، وليست مستعدة لصرف أموالها على نكرات لايجيدون أية صنعة ويسيؤون حتى إن أرادوا أن يحسنوا ليأخذوا الأموال فيصرفونها في البارات وصالات القمار واشياء أخرى أشد سوءا. فسمير لايرتجى منه نفع، وهو مجبول على السوء والفساد ويصدق عليه قول الشاعر: أيرجى بالجراد صلاح أمرٍ وقد جبل الجراد على الفساد فمن هو سمير عبيد؟ ● الإسم الرسمي في العراق: سمير عبيد هليل منكاش الدعمي. وحقيقة الأمر أن عبيد هليل هذا ليس أبوه وإنما زوج أمه، ولا يعرف أحد من هو أبوه، وذلك لظروف مأساوية عاشتها والدته الغجرية كما سيأتي ذكره. ● إسم الأب: غير معروف حتى من قبل الوالدة نفسها وذلك بسبب طبيعة وظروف وملابسات عملها. حيث أنها كانت سيدة غجرية تقيم مع قبيلتها في منطقة الفوار قرب الديوانية، وللغجر عاداتهم وتقاليدهم المعروفة في العراق، حيث يقيمون الحفلات الترفيهية من غناء ورقص وسهر، فضلا عن أشياء أخرى. ● مكان الولادة: منطقة الفوار قرب الديوانية. ● إسم الأم: نجمة أم خزامة، وهي غجرية كانت تسكن وتعمل في منطقة الفوار التي تكثر فيها دور الهوى، وقد تعرفت الى عبيد هليل الدعمي الذي كان أحد روادها حين كان سمير يبلغ من العمر ستة أعوام. وقد ألحقه عبيد بنسبه حبا بنجمة. ومما كان يعرف عن نجمة أنها جميلة سمراء البشرة طويلة القامة حلوة الصوت لكن خشنة الطبع عصبية المزاج في نفس الوقت، غير مهتمة كثيرا بطعامها ولا بملبسها لأن حسنها أغناها عن النعومة والتجمل، يصدق فيها قول الشاعر: جارية لم تأكل المرققا ولم تذق من البقول الفستقا يؤنسها من الأمام والقفا فتح الفتوح كونه منفلقا نشأة سمير عبيد: ظهرت مشكلة بعد ثلاث سنوات من زواج نجمة أم خزامة من عبيد الدعمي حين إكتشفت نجمة أن عبيد يستغل الطفل سمير لشهواته. فتركت الجلاد وانهالت على الضحية الطفل المسكين بالضرب، وطردته من البيت وهو إبن تسعة أعوام ليذهب الى مدينة النجف ويعمل في الحي الصناعي أجيرا عند أحد الميكانيكيين نهارا ويبيت ليلا في الورشة. والحقيقة أن الطفل المعذب وقع بيد من لايرحم، فكان بالكاد يحصل على سداد رمقه ويتعرض لمختلف أنواع الإعتداءات والإستغلال والضرب من قبل صاحب الورشة والعمال الأكبر سنا، مما ترك في نفسه آثارا لاتنمحي وجروحا لاتندمل، بقيت معه وأثرت في طريقة تفكيره وفي تعامله مع الناس طيلة حياته، فكان مرتبكا إنطوائيا قليل الثقة بالنفس سيء الظن بالآخرين يعاني من نوبات عصبية متكررة، وكذلك إكتسب طبائع غير حميدة أخرى من تلك الفترة، وبقيت معه لحد الآن يحاول إخفاءها، ولكن شركاءه يسربونها بين الحين والحين، إما تحت تأثير الخمرة أو اللامبالاة أو بسبب الخلافات التي تحدث أحيانا حتى بين أكثر العشاق حميمية، فيقولون إن مابدأ في الطفولة قسرا، صار لدى سمير أعتيادا وإدمانا، وقد أسر البعض مثلا أنه يفضل مناداته بإسم (سميرة) بدلا من سمير في الجلسات الخاصة جدا، لأن ذلك يجلب له شعورا بالإرتياح والألفة. تاريخ سمير عبيد: بعد أن نشأ سمير في تلك البيئة وفي تلك الظروف غير العادية، حيث كان يذهب الى المدرسة المسائية ووصل الى الدراسة المتوسطة حيث دخل الى متوسطة كفر قاسم المسائية على طريق النجف ـ أبوصخير، ولكنه لم يكمل الصف الثاني حيث فصل لدعاية غير مؤكدة عن إمساكه متلبسا بفعل مشين في المرافق الصحية للمدرسة. وفي أثناء تلك السنوات تقلب في الأعمال ولكنه بقي في الحي الصناعي يتنقل من ورشة الى أخرى، وقلما قام بزيارة أمه نجمة أم خزامة التي كانت لها همومها في إدارة عملها مع رفيقاتها بعد أن هجرها عبيد وكان يعيش معها شخص آخر يدعى قنديل، فما كان سمير يلقى منها الحنان الذي يحتاجه كل طفل من أمه. وكانت مرحلة مراهقته مرحلة ليست بالسهلة كثرت فيها مشاكله مع الشرطة هذه المرة حيث تم توقيفه لأسباب متنوعة عدة مرات. فمرة بتهمة النشل ومرة بتهمة السطو ومرة لأسباب أخلاقية وهلم جرا. وجاء عام 1991، وحدثت الإنتفاضة، فذهب الى أمه في الفوار ليطمئن عليها، ولكنها لم ترحب بوجوده في البيت لما يسببه من مشاكل ولأن وجوده يدعو الزبائن للنفور من المكان. وفي تلك الأثناء ذهب الى الديوانية وحاول أن يستغل إنعدام وجود السلطة في فترة الإنتفاضة فقام بكسر أبواب مصرف الرافدين وسرقة مافيه من نقد تقارب قيمته الثلاثمئة ألف دولار. ولكن تم الإمساك به من قبل رجال الإنتفاضة، وتعرض للضرب، وتوسل كثيرا وبكى وأقسم أغلظ الأيمان أنه لن يعود الى مثلها، فأشفق عليه أحدهم وسهل له سبيل الهروب. وقصة خروج سمير عبيد من العراق ووصوله الى أوربا قصة طويلة مشوقة لاتستوعبها هذه المقالة وربما ذكرناها في مقالة أخرى مستقبلا. المهم أن سمير بدأ يتجه للإهتمام بالكتابة والسياسة ولا يعلم أحد لماذا، ولكن إمكانيته الذهنية والنفسية طالما خذلته، فمن الناحية الذهنية والثقافية لم يتلق التأهيل الكافي لظروفه الحياتية والإجتماعية ومن الناحية النفسية كانت النوبات التي يعاني منها عائقا كبيرا أمام طموحاته التي ماكان يستطيع التواصل معها لما ينتابه من فترات كآبة سوداء تجعله يقلع عن المشاريع ويصفح عن كل ما بدأه، حتى تهدأ النوبة فيعود يحاول من جديد. ومما فاقم الأمر سوءا مجموعة الإحباطات التي عانى منها. فقد تجاهلت السفارة الأمريكية طلباته المتكررة لقبول خدماته، فرفع رسالة الى الرئيس الأمريكي، وغني عن الذكر أن تلك الرسالة وجدت طريقها الى سلة المهملات ولم يرد عليها أحد، وهو الذي تحدث عنها وفضح نفسه. وكان من نتائج ذلك أنه بدأ يتهجم على من يسميهم بالعملاء بعد أن فشل في الحصول على رتبة عميل حتى بأبخس الأثمان. وصار يزعم أن صدام حسين حكم عليه بالإعدام مرتين، ولا يعلم أحد لماذا مرتين؟ بل لماذا مرة واحدة من الأساس، وسمير لم يقبله لا الأمريكان ولا أي من فئات المعارضة العراقية التي كانت تعمل في الخارج للعمل معهم ولم تقبله السفارة العراقية كمخبر، فلماذا يبصق عليه صدام نصف بصقة، ناهيك عن أن يحكمه بالإعدام، ومرتين؟ ثم تملق الأمريكان وقدم لهم الشكر العلني على احتلالهم للعراق في مقالات منشورة ، وتملق المجلس الأعلى وكتب الرسائل للسيد محمد باقر الحكيم دون أن يتلقى ردا، وحاول التقرب الى أحمد الجلبي وقوبل بالتجاهل التام. فبدأ بشن حملة من الشتائم عليهم جميعا. شتم الأمريكان وشتم صدام وشتم الحكيم والجلبي والسنة والشيعة والعرب والفرس وكل من لم يشفق عليه، وكان حريا بهم أن يشفقوا عليه كما أشفق عليه موسى الحسيني وهيثم الناهي، رغم تأكيد البعض أن العلاقة بين سمير وهذين فيها شيء من العمق غير العادي، فقد أطرى موسى الحسيني، مرة حين كان ثملا (مواهب) سمير الدافئة، في حين اعترض الناهي على الإطراء، ربما بسبب الغيرة. ثم بعد إعدام صدام حسين بدا سمير عبيد محتجا على إعدامه. وهذه مسألة في غاية الغرابة. فأن يحتج شخص مؤمن بصدام حسين أمر مفهوم ولكن أن يحتج شخص كان يكيل الشتائم لصدام ويزعم أنه معارض عتيد وأن صدام حسين قد حكم عليه بالإعدام (مرتين) فهذا شيء غير مفهوم إلا إذا كان في القصة كذب وإدعاء، وهذا هو ديدن سمير عبيد طيلة حياته ولن يقلع عنه. ولكن أفضل الحلول الآنية لسمير أن يكف عن مخاطبة الناس الذين هم أكبر منه قدرا على إختلاف مشاربهم، سواء أكانوا شرفاء ووطنيين أو عملاء أو خونة، فهذه كلها صفات لم يستطع سمير عبيد أن ينال أيا منها، فمن الأفضل له أن يبقى في دائرة علاقاته الحميمة مرتاحا، ويحسن الإصغاء لقول الشاعر: دع المكارم لاترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي * أكاديمي عراقي مقيم في النمسا
https://telegram.me/buratha