المقالات

سوريا والعراق تراكمات الماضي في بيئة الحاضر

2044 04:29:00 2007-01-16

( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )

المتتبع لمسيرة العلاقات السورية العراقية سيخلص الى النتيجة القلقة التي طبعت هذه العلاقة التي يفترض ان تكون قوية متماسكة كقوة الحقائق الجغرافية والتأريخية والبشرية.. لكن ما يخفف هول الصدمة عندنا، كعراقيين بشكل خاص، هو ان اية جهة سياسية او حقبة دستورية حكمت العراق غير مسؤولة عن هذا التراجع والانكفاء في العلاقات بين البلدين عدا الحقب التي حكم فيها حزب البعث في العراق.

ولكي نقترب اكثر الى الصورة هذه فانا شخصياً اتذكر في مطلع الثمانينيات مشاهد السيارات المفخخة التي تتشابه الى حد بعيد ما يجري حالياً في بغداد كيف كانت تتناثر في دمشق وفي اكثر المناطق اكتضاضاً بالمواطنين الابرياء كمناطق الجسر الابيض والدوار الجنوبي وباب مصلى وكفر سوسة وكراجات نقل المسافرين، ورغم اننا كنا معارضين سياسيين ولاجئين في سوريا لكننا ومع كل عملية ارهابية كنا نشعر بخجل شديد امام المواطن السوري والحكومة السورية عندما تعرض شاشة التلفاز السوري عناصر مأجورة للنظام العراقي تقف وراء هكذا عمليات وتنفذها بدمٍ بارد وتحيل مدينة دمشق في كل بضعة ايام الى مأتم مفتوح.لا اعتقد مطلقاً ان دمشق تمارس حالياً حقها في الثأر من العراقيين على افتراض ان ما يجري حالياً في العراق تقف وراءه سوريا، وعدم الاعتقاد هذا مصدره الوجدان العراقي النزيه الذي لا يبني مواقفه على أسوأ الاحتمالات بل احسنها.

فسوريا وخلال الثلاثة عقود كانت البيت المفتوح لكل عراقي هجر بيته خوفاً من بطش عصابات وزمر المخابرات والاجهزة القمعية والحزبية التي كانت تحرس نظام صدام. كما ان لسوريا الفضل الكبير في وصول مئات الالاف من العراقيين الى مختلف دول العالم عبر مطاراتها وموانئها وحدودها، وقد تحملت سوريا ضغوطاً كبيرة من قبل بعض العواصم العربية لمواقفها الداعمة للشعب العراقي ابان حكم النظام المجرم وحروبه العبثية، كما انها تحملت مواقف ضاغطة اخرى من قبل دول اوربية باعتبارها كانت تمثل المحطة الاهم التي تنطلق منها الهجرة غير الشرعية لعشرات الآلاف من المواطنين العراقيين باتجاه منافيهم الآخرى.تلك المواقف التي تحتفظ بها الذاكرة العراقية لا ينبغي ان يُصار الى الغائها من خلال بعض المواقف غير المفهومة من بعض اروقة صنع القرار السوري والتي تشير الدلائل التي بحوزة الاجهزة الامنية العراقية الى تورط خطوط سوريَّة بالوقوف ورائها.

ان سوريا التي تمتلك اكبر رصيد علاقاتي سياسي مع الرموز العراقية التي تقود العهد العراقي الجديد يفترض ان تستثمر رصيدها هذا في الاتجاهات كافة ان كانت سياسية ام امنية ام اقتصادية، فما لسوريا في العراق ليس له مثيل لغيرها من الدول، ومن هذا نستنتج ان التيارات الاساسية التي تقود العراق الحالي والمتمثلة بالتيار الاسلامي والكردي والليبرالي هم حلفاء واصدقاء لسوريا ولا يرتضون بأي شكل من الاشكال ان يجعلوا من العراق نقطة انطلاق للتآمر على الشعب السوري وحكومته، ومثل هذا الموقف يجب ان تعامله دمشق بالمثل من خلال العمل باتجاه استثماره وتوظيفه لصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين، ولا احد يشك بأن العقل السياسي السوري يتمتع بقدرة فائقة على رسم المواقف الآنية والاستراتيجية. نتمنى ان يجد السيد رئيس جمهوريتنا عند الجانب السوري الرغبة الحقيقية لبناء علاقات سوريَّة عراقية حقيقية باتت تمثل مطلباً وجدانياً عند الشعبين السوري والعراقي في آن معاً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك