( بقلم : علي حسين علي )
يعتقد البعض بان الاحداث المفجعة التي توالت بعد اسقاط اعتى نظام استبدادي في العراق قد عتمت على كل ما جرى من انجازات.. وتلك نظرة فيها تشاؤم واسع ويمكن وصفها بانها سوداوية الى حد كبير.صحيح ان العراقيين قد تعرضوا الى هجمة متوحشة بعد سقوط الطاغية وصحيح ان حالة غربية لم تكن معروفة قد فرضت نفسها بالقوة على الساحة الامنية في العراق وهي وسائل القتل الجماعي وخصوصاً المفخخات.. وصحيح ان الازمات في المجالات الخدمية كانت كثيرة.. كل هذا وقع فعلاً ولا مجال لانكاره.لكن الصحيح من الجانب الآخر هو ان العراق قد انتقل من النظام الدكتاتوري الاستبدادي القمعي الى النظام الديمقراطي.. وان عمليتين انتخابيتين قد اجريتا في ظرف عام واحد وكذلك جرى استفتاء على الدستور الدائم.. وحتى يومنا هذا لم يشكك أي طرف مشارك في الانتخابات بنزاهتها. هذا اولاً.. ثم ان الحرية الشاملة قد عمت الحياة العراقية بشكل واسع ومع ان الاعتياد على هكذا حال امر يحتاج الى دربة ووقت الا ان العراقيين قد وضعوا انفسهم على طريق الحرية والديمقراطية ولن تتوقف مسيرتهم او تتعثر حتى وان صاحب العملية السياسية التي هي واحدة من نتائج التحول السياسي من النظام الشمولي الى النظام الديمقراطي بعض العثرات او الكبوات.
وفي هذا الصدد يقول سماحة السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد ورئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية: "لقد صوّت العراقيون للدستور وشاركوا في الانتخابات من اجل تنظيم الحياة في العراق على اساس دستوري والمجيء بحكومة من اجل ان ترعى مصالحهم وتسهر على امنهم وتدافع عن حقوقهم وهذه امور لن تتحقق اذا غاب القانون وعجزت الحكومة عن تطبيقه".
وحتى تنجح الحكومة في مهامها يؤكد سماحته: "ونحن هنا نشدد على دعمنا الاكيد والى ابعد الحدود للحكومة في مساعيها من اجل بناء دولة المؤسسات وتطبيق القانون والاستمرار بتنفيذ خططها في مجال حفظ الامن وبسط سلطة الدولة".
واذا ما كانت العملية السياسية قد ترصنت حتى بعد تعرضها الى عواصف وهزات شديدة فان ذلك لم يكن امراً عابراً او عادياً بل هو يؤكد على تمسك المجتمع العراقي بالعملية السياسية وبالمعادلة الجديدة التي لا تهمش أي مكون من مكونات الشعب وتعطي الغرض لمستحقيها لا لسالبيها.
ان الحياة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية قد شهدت كثيراً من التطورات مع قصر الزمن المتاح.. فمجلس النواب واحد من مؤسسات الدولة التي تشرع القوانين وتراقب مؤسسات الدولة وادائها.. وهذه حالة جديدة اذا اتيح لممثلي الشعب ليس اصدار القوانين ولكن متابعة تطبيقها بما يخدم المواطن ويؤمن كرامته ويحمي حقوقه من السلطة الحكومية التي تعسف احياناً.. وحتى هذه (الاحيان) لم يعد بمستطاع أي مسؤول ان يجيرها لحسابه.
والعراق.. بعد سقوط النظام استعاد دوره ليس بالكامل ولكن وضع العراقي الاقليمي والدولي هو افضل بكثير عما كان عليه في العهد البائد.. فالعراق اليوم لم يعد محاصراً اقتصادياً وسياسياً وعلمياً كما كان في عهد صدام.. وعلاقات العراقيين مع دول الجوار ودول العالم الأخرى تحكمها المصالح المشتركة وليس أي شيء اخر مما كان يجري في السابق.. وعن هذه العلاقات يقول سماحة السيد الحكيم: "ان قضية العراق قد تم تدويلها منذ سنوات طوال وهي قد حصلت نتيجة للسياسات الاجرامية للنظام المقبور واليوم هناك عدد من القرارات الدولية ذات العلاقة المباشرة بحكم العراق وامواله ولذلك ينبغي ان تكون هناك علاقات دولية قوية مع الدول والمجتمع الدولي ودول الجوار بشكل خاص من اجل توضيح ما حققه الشعب العراقي ازاء التحديات والدفاع عن مصالح هذا الشعب..".
وبالفعل لقد قطعنا شوطاً لا باس به في بناء علاقاتنا الدولية حتى الآن ولكن امامنا اشواطاً كبيرة اخرى علينا ان نقطعها في بناء هذه العلاقات فنحن نسعى ان نبني علاقاتنا مع المجتمع الدولي ومنه الدول الاقليمية والمجاورة للعراق على اسس التكافؤ والتوازن وتبادل المصالح المشتركة.اما المنجز الآخر فهو صمود وحدة العراق بوجه تحديات التمزيق والتشظي التي عمل التكفيريون والصداميون على فرضها لكن كل تلك المحاولات والاعمال الخسيسة التي قاموا بها قد ذهبت ادراج الرياح..يقول السيد الحكيم: "لقد انصب جهد الارهابيين والصداميين على تمزيق وحدة العراقيين عبر تأجيج الفتنة الطائفية وقد صمدنا الى الآن وسنستمر بالصمود باذن الله تعالى من اجل المحافظة على وحدة العراقيين.. وهنا لابد ان ننبه القوى الاقليمية على خطورة ما ينطلق من اراضيهم من جهود خطيرة لتأجيج الفتنة الطائفية في العراق، سواء بالاعلام والفضائيات او من خلال المؤتمرات التي تجري على اراضيهم او من خلال ما تصدره بعض (الشخصيات) من خطب وفتاوى او تصريحات، اننا نعتبر ذلك تدخلاً صارخاً في شؤون العراق وعدواناً واضحاً على كرامة العراقيين".
كثيرة هي الانجازات التي تحققت بعد سنوات اربع من سقوط النظام الاستبدادي الصدامي واذا كانت التحديات التي تعرض لها شعبنا شديدة عليه فانها زائلة ومرحلية ولن تستمر طويلاً.. اما الانجازات والمكاسب فهي الباقية.. لانها تنفع الناس.
https://telegram.me/buratha