( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
لا شك ان اهم المواقف التي ينتظرها المتابعون السياسيون للاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق تقع حصراً بموقف الحكومة العراقية من هذه الاستراتيجية لاسباب عديدة منها.1-باعتبار ان ما تقوله الحكومة او تراه مناسباً من المواقف انما هو موقف معبر عن جميع الاطراف السياسية او معظمها باعتبارها حكومة وحدة وطنية تتكون من تسعة وثلاثين حقيبة وزارية فضلاً عن المواقع السيادية وهذه الحقائب موزعة توزيعاً دقيقاً على اهم الكتل ككتلة الائتلاف العراقي الموحد وكتلة التحالف الكردستاني وجبهة التوافق العراقي والقائمة الوطنية العراقية وقوائم اخرى وهذا ما يمنح الموقف الحكومي ازاء اية موضوعة شرعية الرفض او القبول بنفس الوقت.
2-ان الحكومة العراقية تعتبر السلطة التنفيذية المعنية بصياغة القرار السياسي والاداري والامني والعسكري والاقتصادي العراقي وبالتالي فانها المسؤولة مسؤولية مباشرة عن تنفيذ الاتفاقات ومجمل السياسات الاخرى وبما ان الملف الامني يعتبر الملف رقم واحد في اهتمامات الحكومة ومتابعاتها ومعالجاتها الاساسية فان أي موقف دولي او اقليمي او عربي وحتى المواقف المحلية انما هي مواقف تخضع في قراءتها لشروط ومعايير الحكومة وبرنامجها السياسي الذي قدمته للسلطة التشريعية كخريطة طريق لزمنها الدستوري.
3-المواقف السياسية غير الحكومية كالمواقف المستقلة للكتل المنظوية في العملية السياسية بالتأكيد ستكون اشبه بالبارومتر الذي يقيس كم تقترب او تبتعد المسافة الفاصلة بين تلك المواقف وموقف الحكومة الرسمي وهذا ما يزيد موقف الحكومة وضوحاً ان كان ينسجم مع تلك المواقف ام ان يكون خارجها وهذه حالة صحية في كلا الاحتمالين على اعتبار ان الموقف الرسمي لا يلغي الموقف السياسي المعارض وهذا تعبير مباشر او غير مباشر للهوية الديمقراطية لنظامنا السياسي الجديد.
من خلال ما تقدم يتضح ان الموقف الرسمي وحتى السياسي من الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق هو موقف يتسم بالايجابية لاسباب اهمها:1- ان واشنطن ركّبت استراتيجيتها سياسياً وعسكرياً وامنياً على ضوء رؤى عراقية سياسية وعسكرية وامنية واقتصادية مقابلة وهذا يعني بشكل لافت الى ان مستوى العلاقة او تصنيفها بين بغداد وواشنطن قد انتقل من دائرة الاملاءات واستحقاقات الاحتلال الى دائرة الشراكة في ادارة الملفات.2- الاستراتيجية الامريكية الجديدة كشفت لاول مرة تفهماً امريكياً من ان المسألة الامنية في العراق ترتبط بجذور سياسية واقتصادية وهذا ما احتوته بعض فقراتها التي تؤكد على ضرورة تفعيل مشروع المصالحة الوطنية والشروع بعملية اعادة الاعمار وتخصيص الادارة مبالغ ضخمة لتحريك الشارع العراقي اقتصادياً.3-الاستراتيجية تحدثت لاول مرة عن اتجاهين اساسيين الاول يمنح الحكومة العراقية القرار اللازم لقيادة العملية الامنية بطاقم عسكري امني عراقي على ان تبقى القوات متعددة الجنسيات قوات داعمة وتعمل بامرة رئيس الحكومة. في حين تحدثت الاستراتيجية في الاتجاه الآخر عن رؤية الادارة الامريكية في مسألة سحب قواتها من العراق ابتداءً من نهاية 2008.
نستخلص ان توصيف الحكومة العراقية للاستراتيجية الامريكية الجديدة باعتبارها رؤية عراقية امريكية مشتركة بانه توصيف ايجابي وبالتالي فان المواقف الاولية من هذه الاستراتيجية هي ايجابية ايضاً، لكن ذلك غير كاف ما لم تتحقق هذه الشراكة عملياً خارج اطار التنظير والاحتقانات السياسية.
https://telegram.me/buratha