( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
منذ اكثر من ثلاث سنوات باتت تشكل احياء ومناطق ومدن في بعض جغرافية العراق، عقداً نفسية للمواطن العراقي ربما تفوق بمستوها السيء العُقد التي كانت تنتجها او تصنعها مديريات الامن والمخابرات والامن الخاص السابقة. وغير بعيد عن الذاكرة المصطلحات التي اطلقها امراء هذه المدن والاحياء والمناطق كمصطلح (مثلث الموت وامارة كذا ودولة العراق الاسلامية)، وكم ابتلعت هذه المناطق من المواطنين الابرياء عبر المفخخات والاغتيالات وممارسات الترويع والتهجير والاغتصاب الذي وصل الى حد الفتك بالكرامات والحرمات والاعراض.
منْ يستطيع ان ينكر او يتنكر لما قام ويقوم به المجرمون في مناطق كالدورة والسيدية والغزالية والعامرية وحي الجهاد والعامل والعدل والفحَّامة وشارع حيفا على طول امتداده وصولاً الى منطقة العطيفية، من اعمال بربرية وحشية وصلت بوحشيتها واستهتار مرتكبيها الى حد تعليق الاطفال والنساء والرجال على اعمدة الكهرباء وصلبهم شنقاً، كأنهم بهذا يريدون الانتقام الى سيدهم الذين زادو عليه استهتاراً ووضاعة باحترافهم للجريمة.
نحن هنا لا نريد ان ننبش في ماضٍ اسود ونحن الذين نطرح بملئ ارادتنا ومسؤوليتنا التأريخية والاخلاقية والوطنية مشروع المصالحة الوطنية الذي نريد منه انتشال العراق من واقع الحرمان والقهر والتخلف والفقر الى حظيرة الدول المتطورة الغنية بإنسانها وثرواتها، لكن ذلك لا يعني مطلقاً ان نسكت قبالة الابواق التي تصور وكأن ما شهده شارع حيفا قبل يومين من عمليات تطهير من العناصر الاجرامية خصوصاً الوافدة وغير العراقية التي تحاول تفجير فتنة طائفية عنصرية، هو عمل ميليشياوي طائفي كما يصوره اعلام شريك شراكة كاملة في العملية السياسية والعهد العراقي الجديد.
لا نعلم هل ان هذه الدوائر الاعلامية التي تتباكى على حفنة من الارهابيين المرتبطين بالقاعدة والبعث المقبور، لم تكن تدري ماذا كان يجري بهذا الشارع والذي بدا وكأنه خارج الخارطة العراقية طيلة السنوات الثلاث الماضية؟!.
هل ان عمليات اعادة الهيبة للقانون والدولة والمؤسسات باتت عمل مليشياوي وطائفي وعنصري؟!، واذا كانت ترى تلك الابواق هذه الحقائق بعين واحدة.. فماذا تقول امام العراقيين من ابناء شارع حيفا الذين عبّروا عن سرورهم وابتهاجهم بوصول الدولة إليهم عسى ان يتخلصوا من اولئك المجرمين الذين لم يراعوا ادنى حدود الحرمة لهذا البلد الذي استضافهم طيلة الربع قرن الماضي؟!.
نتمنى من الاعماق ان ترتقي مؤسساتنا الاعلامية بشتى اتجاهاتها الى مسؤوليتها الوطنية والتأريخية والمهنية عندما تريد ان تتعامل مع احداث مصيرية فليس من الاخلاق بشيء ان يذهب البعض الى الاثر ويترك المؤثر.
https://telegram.me/buratha