( بقلم : علي حسين علي )
أثار العديد من النواب الكويتيون نقاشاً واسعاً في مجلس الأمة..ومحوّر النقاش كان باتجاهين: الأول، اعتبار يوم الثلاثين من كانون الأول من كل سنة عطلة رسمية في البلاد، ويوم الثلاثين من الشهر الماضي هو يوم اعدام الطاغية صدام في بغداد..وكان هذا رأي أغلبية النواب الذين عدّوه يوم سعد عليهم بعد أن رأوا الطاغية الذي غزا بلادهم وقتل أبناء شعبهم وحرق آبار نفطهم وشردهم من ديارهم وآهانهم وأذلهم وهو يتدلى بحبل المشنقة..فالنواب الكويتيون ومعهم الشعب الكويتي كانت سعادتهم لا توصف يوم سقط نظام الطاغية في نيسان من عام 2003 ويوم اعدام الدكتاتور المستبد في نهاية عام 2006.. وهم-كما نقل عن كثير من المواطنين الكويتيين-يعتبرون يوم اعدام صدام عيداً ما بعده عيد، وقصاصاً من الله تعالى للجرائم التي ارتكبها صدام بحق العراقيين والايرانيين والكويتيين..اما الاتجاه الثاني، فهو طلب العديد من مجلس الأمة الكويتي مقاطعة الدول التي (حزنت) وتباكت على صدام بعد اعدامه، واشار عديد من النواب في مجلس الامة الكويتي إلى القذافي تحديداً وصنيعة صدام العريف عبد الله صالح ومسؤول جزائري كبير تباكى على صدام وكأنه من أهله!!. الكويتيون أحرار في ما يرون ويقررون، فقد نكبهم صدام بغزوه لبلاده مع أنهم لم يكونوا خصوصاً له..وأياً كان قرار مجلس الأمة النهائي فان النواب قد أدوا ما عليهم تجاه ناخبيهم الذين أوصلوهم الى مجلس الأمة وتجاه مئات العوائل التي قتل صدام أبناءها، والأسرى الذين دفنهم في صحارى العراق.
وإذا كان ما قام به النواب الكويتيون عملاً يقدر لهم جراء اعمال صدام الاجرامية خلال سبعة شهور..فكيف الحال وقد كان صدام هو وعصابته الإجرامية يحتلون بلادنا لأكثر من ثلاثين سنة؟! قد يقول قائل أن صدام قد انتهى وصفحته قد طويت، لكن صدام أن انتهى بجسده فروحه الشريرة ما تزال تصعد وتنزل في صدور اعوانه واتباعه الذين مارسوا كل جرائمه حتى وأن كان هو في حفرة نتنة أو يتدلى من حبل المشنقة.. وصدام، إذا كان قد أعدم فان أمثاله في الخارج من الحكام المفزوعين من منظر المشنقة المرتزقة من جماعات الاحزاب والمنظمات في الاردن وسورية ومصر وفي بلدان أخرى سيظلون يعلنون علينا الحروب إن لم تكن مباشرة فعن طريق التحريض..وإذا كنا نتهيأ لملاحقة الصداميين والتكفيريين ونتعقبهم ونوقع بهم فان ذلك من حقنا، فصدام لم يكن شخصاً لوحده، بل كان نظاماً له أدواته، وكان فكر شوفينياً ينبغي اجتثاثه، وكان روحاً شريراً تلبسها أتباعه بعد تفوقه!.
أما امثاله من الطغاة المستبدين من الحكام العرب، فلا ينبغي أن ننسى ما فعلوه خلال سنوات صدام الطويلة الظالمة، كانوا يدعمونه ويدافعون عنه ويغطون على جرائمه ويشجعونه على ارتكاب المزيد..أيا كان هؤلاء حكاماً أم أحزاباً أم حركيات سياسية ارتزاقية ظل صدام يغرف عليها من أموال الشعب العراقي الجائع لسنوات طويلة.
ولهذا، فحري بمجلس النواب العراقي أن يتخذ قراراً بمقاطعة أو تعليق العلاقات مع الانظمة التي تباكت أو حزنت أو أهانت الشعب بعد اعدامه للطاغية..فهؤلاء الحكام وان كانوا يخشون عافية صدام وتمثل لهم حتى في الاحلام، إلا أنهم سيظلون سادرين في ايذائنا من خلال دعم روح الشيطان صدام المتلبسة في اجساد اذنابه..سيظل هؤلاء الحكام يقدمون للمجرمين الصداميين الملاذات الآمنة، ويوفرون لهم وسائل اعلام تحرض على الفتنة وتحث على الاحتراب بين العراقيين وتدفع بالجميع، جميع مكونات الشعب العراقي إلى التمزق والاقتتال لتثبت لشعوبها بأن أي تغيير في أي بلد عربي لن تكون نتائجه أفضل مما هي عليه الآن..وتلك لعبة قذرة القصد منها ايذاء العراقيين في حياتهم وثرواتهم ومستقبلهم وفي تجربتهم الديمقراطية من جهة وتخويف الشعوب العربية من تجربة العراق الديموقراطية التي يحاول الحكام المستبدون كل جهدهم بأن تتوقف او تنحرف, ولكن هيهات ان يكون لهم ذلك.
وما نأمله من مجلس النواب اصدار قرار يمنع التعاون مع ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني العربي, ليس جميعها بالطبع, ولكن من وقف منها مع الطاغية المستبد في حياته.. وحزن عليه واثار حفيظة العراقيين بالاتهامات الظالمة ضدهم بعد نفوق الطاغية.. هذه المنظمات التي تسمى نفسها بمنظمات المجتمع المدني، العربية منها على وجه التحديد، ما هي الا جماعات كانت- وربما ما زالت-تعتاش على مكارم صدام في حياته,وبناته بعد اعدامه.. فهل يجوز، والحال هذه، ان تكون لمنظماتنا المجتمعية المدنية صلة بها؟!.
https://telegram.me/buratha