( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
منذ التاسع من نيسان عام 2003 والعراق بعهده الجديد يخضع لاختبارات عديدة وهامة، وكنا كشعب وكقوى سياسية واجتماعية نسجل الانجاز تلو الانجاز امام أي عملية اختبارية ان كانت انتخابية ام دستورية ام امنية ام اقتصادية ام دبلوماسية.
لا نريد الخوض هنا في الحديث عما شهدته الاعوام 2004 – 2005 من كوارث عراقية ادهشت العالم المتحضر الذي طأطأ راسه اجلالا واكبارا الينا ونحن نعبر شلالات الدم نحو التأسيس لبلد الديمقراطية والتعددية والشراكة الحقيقية وتكريس مفاهيم ونظريات حقوق الانسان، فالمحيط والعالم معا ادركوا حقيقة الارادة العراقية وهي تصنع اول برلمان ودستور وحكومة وحدة وطنية عجز التقويم السياسي العربي وربما الدولي ان يأتي بما يشابهها ، الا ان هذه الارادة كانت تدرك تمام الادراك ان ما انجزته من تلك الاملاحم الاسطورية يبقى معرّضاً للسطو او السرقة اوالاغتيال ما لم تنتهي الظاهرة الصدامية من الحياة السياسية والاجتماعية للدولة والفرد في العهد العراقي الجديد، لذا فأن تلك الارادة التي حققت الملاحم الاسطورية لم تغفل الاستحقاق الاهم الذي يضمن لها تعضيد التجربة الجديدة والانطلاق بها نحو كل من يرغب بالانضمام اليها.
لهذا السبب ولاسباب انسانية وقضائية اخرى تشكلت المحكمة الجنائية العليا التي اخذت على عاقتها مقاضاة الجريمة وشخوصها وظواهرها وتمظهراتها، وقد افرزت هذه المحكمة انماطا اخرى غير الظاهرة الصدامية، منها مثلا المقدرة الفائقة للقضاء العراقي على استيعاب الماضي بحقائقه ووقائعه وربطه بالحاضر وتزويره وانقلاباته، فضلا عما اظهرته هذه المحكمة من نمط سحري فريد في الصبر والشجاعة والتعددية كذلك، اذ انها المحكمة الاولى في التاريخ العراقي التي تتشكل من خمسة قضاة ، ثلاثة منهم من العرب السنة وآخر من العرب الشيعة وبرئاسة قاضي كردي.
الافرازات والانماط عديدة هي الاخرى، لكنها تتوجت بكل تأكيد في القرار الانساني التأريخي القضائي الجريء باعدام صدام وظاهرته انصافا للفطرة البشرية البريئة. قرار اعدام صدام صحيح انه شأن عراقي داخلي لكنه بالنواميس الاخرى يرقى ان يكون شأنا انسانيا بشريا قدمه العهد العراقي الجديد هبة للبشرية باجمعها ، كما قدم العراقيون في اول العصور البشرية ذاتها الابجدية والحضارة والتاريخ.
https://telegram.me/buratha