المقالات

صدام رجل القضايا الخاسرة والحسابات الخاطئة

2182 18:17:00 2007-01-05

( بقلم : عراقي محايد )

المتتبع للموضوع العراقي وبالذات لتاريخ العراق المعاصر وتحديدا منذ فترة استلام صدام للحكم في العراق والى حين رحيله قبل ايام قلائل يلاحظ الكثير من السمات والمفردات والسلوكيات التي تكاد تكون ملازمه لهذا الرجل طيله فترة حكمه التي قاربت على 25 عاما ,فعند ازاحتة للبكر عام 1979 عقد صفقة مع الامريكان والعربية السعوديه وبعض الدول الخليجية على ان يهاجم ايران ويجهض الثورة الايرانية التي قامت على انقاض الشاهنشاهية ,وقد تعهد صدام وقت ذاك على اتمام مامطلوب منه في اقامة حرب شاملة مع ايران واحتلال اجزاء من اراضيها واستزاف جيشها ذو العقيده الاميركيه القتالبيه وبالتالي دحر وهزيمه الثورة مقابل استلامة لحكم العراق وتصفية خصومه السياسيون في القياده القطريه لحزب البعث والتي كانت في غالبيه اعضائها تؤيد احمد حسن البكر وقريبه من القياده السوريه .

وهو كان يدرك ان ثمن زج العراق بهكذا معركه هوثمن باهض وهو في الاساس ليس من مصلحه الشعب العراقي ولا من مصلحه الاقتصاد العراقي خصوصا وان العراق كان مقبل على ثورة اقتصاديه كبيره نتيجه للاستقرار السيلسي النسبي وارتفاع ايرادات النفط .فكان له ما اراد من تهيئه للاجواء الانقلاب على احمد حسن البكر وتصفيه خصومه السياسين واستلامه للحكم فيما بعد ,وبدا العد التنازلي لتنفيذ ماوعد به في اقامه الحرب على ايران الخميني وبدات اولى قضايا الخاسرة في باكوره حكمه حيث زج العراق بحرب لاناقه لشعب العراق فيها ولاجمل ودفع الشعب العراقي ثمنا باهضا لذلك من خيره رجاله فلقد خسر العراق مايقارب المليون من رجاله بين قتيل وجريح ومعوق وخلف مئات الاف من الارامل والايتام وافرغ الاقتصاد العراقي من العمله الصعبه وبدات الديون العراقيه تزداد بشكل مضطرد وتعطلت مشاريع التنميه والخدمات وعسكر المجتمع وبدات الافكار الطائفيه والمصطلحات التي لم يعتاد الشعب العراقي عليها مثل الشيعه والسنه تطفوا على السطح وبدا صدام بنفسه يصنف المجتمع على اساس الهويه العرقيه والطائفيه والمذهبيه فكلنا يتذكر سوال صدام المتكرر للجنود والضباط عن عشيره وفخذ واصل الضابط والجندي وبدات عمليات القمع والاعتقال وزج الناس بالسجون على اسس الانتماء الطائفي والعرقي وفتح مؤسسات الدوله الامنيه والعسكريه لكل من هب ودب من ابناء مناطق معينه دون اكتراثه بكفائه هؤلاء وتحصيلهم الدراسي ,فادخلهم دورات سريعه في الكليات العسكريه وفتح كليات اضافيه عسكريه لا تحمل اصول وتقاليد عسكريه وسلمها لرجالات غير مهنين ولا عسكرين لكي يقوموا بواجب تهيئه هؤلاء الذين لا يحملون المؤهلات الكافية لتبؤ مناصب قياديه واداريه في مؤسسات الدوله العسكريه والامنيه واهمل عمدا المؤسسات العسكريه العريقه كالكليه العسكريه الاولى لما تحمله من سياقات وتقاليد وكادر عسكري لا يقبل بهكذا مؤهلات متدنيه لقبولها في هذه المسؤسسه العريقه . لقد توقع صدام ان يحارب لسنه بالكثير حسب ما وعد من قبل السعوديه وامريكا وكانت حساباته تبنى على هذه المده وكان يتوقع ان تميل الكفه له بالصراع خصوصا وان امريكا معه كذلك كان يتوقع ان تمول خسائره العسكريه من قبل الخليج حسب ما وعد به الخليجين صدام ,فما الذي حصل لقد كانت كل توقعاته غير صحيحه فبدل السنة طالت الحرب ثماني سنوات وبدل المساعده المالية الخليجيه تحولت الاموال الى ديون واجبه الدفع وبدل ميلان الكفه له كانت حرب اللاغالب ولامغلوب وكان الطرفين خاسرين .

وبدات صفحه اخرى من تاريخ صدام الحافل بالاخفاقات والكوارث فبعيد توقف المعارك مع ايران بدا صدام حمله عسكريه واسعه النطاق على الشعب الكردي وهجر وقتل ودمر المئات من القرى وعشارات الاف من الضحايا من النساء والاطفال والشيوخ واستعمل السلاح الكيمياوي الذي كان قد استورده لقتال ايران ضد شعبه ومدنه وقراه وتوالت عملياته العسكريه في شمال العراق ,الى ان هجر وقتل مئات الاف من الشعب الكردي وافرغت مدن وقرى بالكامل من سكانها ,واثناء هذه الفترة بداء صدام مسلسل اخر من قضاياه الخاسره الا وهو التصنيع العسكري .فكانت كارثه حقيقيه للاقتصاد ولامن البلد فرصد صدام نصف ميزانية العراق للتصنيع الحربي وتسليح الجيش واعطى مسؤليه ذلك الى شخص هو خريج تلك الدورات السريعه الانفه الذكر الا وهو حسين كامل والذي لايحمل اي مؤهلات تمكنه من اداء هكذا مهمه ضخمه رصدت لها مئات المليارات من عائدات النفط العراقي والتي كان الشعب في امس الحاجه اليها في بناء بناه الاقتصاديه والخدميه المدمره نتيجه حرب ايران .فصال وجال هذا الجاهل الاحمق حسين كامل وبدا مسسل الكذب والبحوث الورقيه الناجحه وتدفقت الالات والمعدات من دول الغرب وعقدت الصفقات المشبوهه وتحولت صلات الفنادق والمدن العراقيه الى مرتع لسماسره السلاح وتجار الاسلحه الكيمياويه وتوالت الانجازات العلميه الخاويه وبدا صدام يتفاخر بصهره الجاهل وانجازات التصنيع العسكري المزيفه وتوج ذلك بمقولته الشهيره عندما حمل جهازين صغيرين ومن خلفه يقف حسن كامل وقال الان يمكننا ان نقول اننا نمتلك الكيمياوي المزدوج واعطفها بقوله اننا نستطيع ان نحرق نصف اسرائيل بهذا السلاح وهذا الذي لم يحصل حيث استخدم صدام الكيمياوي على ابناء شعبه ولم يتجراء على استخدامه ضد اسرائيل كما وعد ؟؟؟؟ .واستمر مسلسل الخسائر والدمار الى ان حانت ساعه اتخاذه لقراره النزق في دخول الكويت وكان هذا القرار هو بمثابه القشه التي كسرت ظهر البعير حيث تم الاجهاز على ماتبقى من قوة العراق الاقتصاديه والعسكريه من قبل تحالف دولي وعربي قادته امريكا وبدعم لوجستي وعملياتي سعودي خليجي مصري سوري مشترك .فلقد دمرت معظم قوة العراق العسكريه وتم تدمير المنشات العسكريه ومنشات التصنيع العسكري باتفاق معه وبرضاه حيث وقع على ورقه بيضاء واعلن استسلامه من دون شروط لقوات التحالف في موقعه سفوان الشهيره فبعد ان كلف اقتصاد العراق مئات المليارات من الدولارات لبناء تلك المنشات الخاصه بالتصنيع الحربي والتسليح دمرها في لحظه بدون ادنى جهد للحفاظ عليها وكان ثمن ذلك هو بقاءه في السلطه لسنوات معدوده اخر.ثم بدا حمله اعتقالات وقتل وتدمير على سكان الجنوب فجفف الاهوار وشرد مئات الاف من العوائل وقتل واعتقل عشرات الاف من سكان مناطق الاهوار والمحافظات الجنوبية وكانت تلك قضيه خاسره اخرى تضاف الى مسلسل الخسائر والخيارات الخاطئه .فرض المجتمع الدولي حصارا شاملا وقاسيا على الشعب العراقي كنتيجه دخوله الكويت واستمر ذلك برغم ايفاء صدام بكافه التزاماته تجاه امريكا حيث ظن صدام ان الحصار يرفع عنه في حاله تدميره لمنشاته ومؤسساته العسكريه وتعويض الكويت كان خطا اخر يضاف الى رصيده الحافل بالخطاء والحسابات الخاطئه وراهن صدام على تجويع شعبه وابراز معاناته لمساومه المجتمع الدولي على تخفيف الحصار ضده وقد اقترح المجتمع الدولي على صدام انذاك وفي عام 1992 على ضروره تجنيب المدنين العراقين الحصار المفروض عليه وذلك من خلال ماعرف لاحقا ببرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء وظل صدام يماطل في تنفيذ هذا القرار لانه يجنب وبشكل كبير الشعب من كوارث صحيه وغذائيه متوقعه الحصول اذاما استمر الحصار فرفض صدام ذلك واستمر بالمتاجرة بمعاناة العراقين وسقط نتيجه ذلك الخيار الخاسر والخاطيء وحسب اعتراف صدام شخصيا مايقارب المليونين من اطفال ونساء ورجال العراق كنتيجه نقص الدواء والغذاء .وبعد ايقان صدام ان مناوراته تلك لن تجدي نفعا وافق وبعد اربع سنوات على ذلك القرار وبدئت معاناة الناس تنفرج قليلا وبالرغم من الشروط الصارمه التي وضعتها الامم المتحده على عدم تسيس القرار والتلاعب بحصص الشعب الا ان صدام مارس سياسه التمويه والسمسره على تلك العائدات ووضفها لخدمه مؤسساته الامنيه الخاصه وقصوره الرئاسيه وراح يعقد صفقات الغذاء التالف والادويه ذات الجوده المتدنيه بغيه الحصول على نسبه الربح له وكان ذلك على حساب حياة المواطن التي تهدد نتيجه استخدامه للادويه غير الفعاله المحتوى والمواد الغذائيه الفاسده . واستمر مسلسل الخيارات الخاطئه فبعد ايقانه ان الولايات المتحده مستهدفته شخصيا وتريد تغيره وازاحه من دفه الحكم في العراق بدا صدام يقامر بمستقبل العراق ولم يتردد بان يضع العراق على مفترق طرق مفضلا بقائه في الحكم على سلامه ومستقبل العراق فلقد عرضت الولايات المتحده له صفقه بتجنيب العراق لكارئه الغزو مقابل تركه للسلطه وتسليمها الى الشعب من خلال اعلان حكومه انتقاليه يقودها البعث والتيارات السياسيه الاخرى المعارضه بعيدا عن عائله صدام وزمرته الخاصه فضل صدام تدمير العراق واحتلاله من قبل الامريكان على تسليمه للسلطه لغيره فكانت تلك نهايه المطاف له وكانت خاتمه ماساويه للشعب العراقي الذي فضل قائده الضروره مصلحته شخصيا على مصلحه العراق والامه العربيه كما كان يزعم بالدفاع عنها .

 بعد اعتقاله الشهير لم يصدق صدام ان الامريكان حلفاء الامس هم جادون بمحاكمه ونسليمه للعراقين فطيله فتره بقائه في السجن الامريكي كان صدام مقتنع تماما انه سيعود لحكم العراق ولم يكترث بالمحكمه المعده له وسخر من القضاة ومجريات المحاكمه وبلغ محاميه بان يرددوا كلمه السيد الرئيس عند مخاطبته بدلا من المتهم واكد في اكثر من مناسبه بانه الرئيس الشرعي للعراق فصدق الرجل ذلك ولا ادري من الذي اوحى له بانه سيعود للحكم هل هم الامريكان ام المجاميع التي ترتبط بالامريكان والتي تعمل لصالحه .على ايه حال ظل صدام لا يدرك مايدور حوله كالعاده واخذ خياله الخصب ونرجسيته تدفعه الى الاوهام والتي طالما حكم بها الشعب العراقي طيله فترة حكمه التي قاربت على الربع قرن .وعندما حانت ساعه الصفر في اعدامه لم يصدق صدام ذلك وهذا مابدا واضحا عليه من خنوع كامل لمقتاديه وجلاديه للاعدام وتمظهره بملابس فاخرة واضعا الشفقه على راسه وكانه في نزهه او في طريقه الى الاشراف على استعراض عسكري او القاء خطاب حماسي فلم يكن يدرك الرجل ان بينه وبين الموت لحظات قلائل الا لحظه نطقه الشهاده فلم يكمل التكرار الثاني الا وخر صريعا فكانت نهايه هذا الحاكم المهووس بنرجستيه وخياراته الخاطئه وزعامته الدونكيشوتيه وحبه لذاته وانصياعه الى نزوات داء العظمه الذي كان يتملكه فهل يتعض العراقيون ويطون تلك الصفحات الخاسره والمدمرة من تاريخهم الحديث ويبداوا حقبه سياسيه جديده مبنيه على اسس الحريه والعداله وحكم الشعب واحترام حقوق الانسان الهم امين اتمنى ذلك من كل قلبي والله الموفق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك