( بقلم : الشيخ هيثم السهلاني )
ليس غريباً ان نشاهدَ المئات من أولئك الذين تسابقوا في النحيب والعويل واظهار الحزن الشديد على مقتل صدام حسين الذي حكمت عليه محكمة عراقية بحكم الاعدام على الجرائم التي اقترفها طيلة خمسة وثلاثين عاماً بل اكثر من ذلك وبدءًا من محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم ومروراً بوزراء حكومة احمد حسن البكر ومن قبلهم البكر نفسه. وبلغ الغاية في أن أغتال المراجع العظام وفي مقدمتهم الشهيد الصدر الاول والغروي والسبزواري والشهيد الصدر الثاني ومواكب الشهداء من ال الحكيم وغيرهم والقائمة تتوالى كل هولاء غير الذين ذهبوا في اتون الحروب بدا من حرب الشمال ومروراً بالحرب العراقية الايرانية ثم الكويتية ثم القتل والإعدامات التي شملت شهداء الانتفاضة مضافا لماسبق تلك النفوس التي أزهقت في الحرب الامريكية والى مابعد سقوط نظامه كل ذلك ادى بحكم الاعدام عليه وهذا من ابسط الاحكام التي يحكم بها مثل هذا الرجل الذي فاق في اجرامه إجرام المجرمين عامة .
نعم هذا هو الحاكم الذي جعل العراق يعيش في بؤس وحزن ودمار وقتل فقد كان لايتورع في قتل كل من يظن به انه معارض لحكمه بل كان يجري هذا الحكم الى الدرجة السابعة من افراد عائلة هذا المتهم. نعم صدام عادل في أمر واحد فقط وهو انه وزع ظلمه على مختلف الطوائف وشرائح المجتمع واتجاهات العراقيين فلم يترك عدله في هذا الأمر بيتا من بيوت العراقيين الا ونال نصيبه من جرائم صدام .
ومع ذلك كله فقد نفذ الحكم بحقه بكل احترام حيث جاءت به الحكومة العراقية بعد محكمة علنية وقضاة عراقيين ومحامين وجلسات ومداولات في الدفاع والطعون ثم صدر الحكم العادل بحقه واستأنف محاموه كل هذه الإجراءات الى ان جيء به الى غرفة الاعدام وهو بملابس انيقه فلم يلبسوه الثوب الاحمر المخصص للمحكوم عليهم بالاعدام ، ولم يقاضوا اهله من اي درجة كانت بل صب الحكم عليه فقط ولم يؤخذ احد غيره بجريرته كما كان يفعل هو مع معارضيه ، كما ان حكومة دولة الرئيس المالكي سلمت جثمانه بكل احترام الى ذويه ودفن في مقبرة عائلته من دون اي سرية او حتى اخفاء قبره خلافا لماكان يفعل مع معارضيه ، وهذا كله يحسب لعدالة القضاء ولصالح حكومة المالكي .
اما هؤلاء المتباكون والذين اسرفوا في العويل متجلببين بالملابس السوداء حزنا على طاغية عبث بكرامة الانسان العراقي فأباح الدماء وهتك الأعراض وسلب الأموال وأيتم الأطفال ورمل النساء وهدم البيوت وشرد الناس وضيق عليهم في رزقهم لبناء القصور إنما هؤلاء مساكين بحق ، فكنا نتسائل كيف استطاع الحكام العرب من السيطرة على شعوبها فعرفنا هولاء بحزنهم على صدام أن الحكام يمسخون عقول أمثالهم ويجعلوهم يفكرون بالمقلوب فيصيرون الابيض اسود والاسود ابيض فكل مايقال لهم من حكامهم حتى ولو خالف ذلك العقل والمنطق والشرع فإنهم يسلمون به تسليما مطلقاً وهذا ما قراناه في تاريخ المسلمين فكان معاوية يقتل اهل بيت النبوة فيصفقون له لانه قتل غير المسلمين طاعة لما قال معاوية .
وقد نقل في كتب التاريخ ان معاوية قال لرجل من أهل الكوفة ابلغ عليا أنني أقاتله بمئة ألف رجل لا يفرقون بين الناقة والبعير. فكنا نستغرب على تلك العقول ، لكن التاريخ يعيد نفسه فان هؤلاء الجهلة من اولئك وهذا ليس بالغريب ان يقفوا هذه المواقف ويجعلوا صدام مثلهم الاعلى فهنيئاً لهم مثلهم الاعلى .
الشيخ هيثم السهلاني
https://telegram.me/buratha