( بقلم : عباس الامامي )
صدق أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام بحكمته الرائعة القائلة: ((أن أمرتكم هذه لا تسوى عندي عفطة عنز إلاّ أن اقيم حقا أو أبطل باطلا))، وهكذا يطوي الزمان نفسه بحقه وباطله ولكن الفرق شاسع بين المقولتين، فالحق يبقى طول الدهر ممجّدا على لسان الشرفاء كل الشرفاء وحتى على لسان الذين وقفوا بوجهه موصوفا بأنه الحق، ولكن الباطل تلحقه لعائن التأريخ على لسان البشرية أجمع، لأنه ضد العقل البشري والقوانين العادلة والشرائع الالهية والاديان السماوية.
فان نظرة خاطفة لحياة الدكتاتور المعدوم صدام منذ ولادته حسب ما هو منشور بصورة رسمية أو ما يعلن من خلال الاعلام المحلي والدولي والعالمي بأن الرجل قد أولع بالجريمة منذ نعومة أظفاره، وأن الجرائم التي قام بها أبان تسلمه السلطة وتحكمه على مقدرات العراق والشعب العراقي تبدو طبيعيا للذات الخبيثة الاجرامية التي كان يحمله في طيات نفسه من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تدرب على تحمل هذه المسؤوليات الخطيرة من تأريخ العراق وشعبه، حيث الاشتراك في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم، والانقلاب العسكري لاستلام السلطة وتصفية المعارضين أبان كونه نائباَََ لرئيس الجمهورية، وشنه الحرب على الجارة ايران، وحرقه لدولة الكويت، وإقامته للمقابر الجماعية لأبناء شعبه أبان تسلطه على رقاب هذا الشعب المسكين وغدره بالوطن وأبناء الأمة، لتنفيذ خطط معدة له سلفا تحت شعارات خاوية وأطماع أقليمية ودولية وغايات شخصية، ولم يفكر قط بمصالح شعبه وبلده يوما واحدا بصورة عقلائية متزنة مسؤولة عن مستقبل بلده وشعبه، وهدركل إمكانات الوطن المادية لتنفيذ المخططات المشؤومة والمعادية لمصالح العراق وأهله التي أريد منه إجرائها كذلك، وترك شعبه يتظوّر بالجوع والمرض بكل أنواعه حيث لا دواء ولا طعام، وتشرّد الكثير من أبناء هذا الشعب الأبي في المهجريتخطفهم الجوع الموت واحدا تلو الآخر في المهاجر وبقي الوطن حسرة في نفوسهم.
والعجب كل العجب نرى مَنْ يدافع عن هذا الشرير الذي جلب الهلاك والدمار للعراق والمنطقة أجمع، وأنني على يقين بأن هؤلاء المغرر بهم لا يملكون أية حجة لمعارضة رأي الشعب العراقي لاقامة العدالة والقسط والديمقراطية بحكومة منتخية من قبل الشعب غير أنهم يبررون الأخطاء بأخطاء أعظم مما سبق، وكأن صدام وبفرض المحال ليس بمحال لو عاد الى كرسي الحكم لقام الى نفس أو بأبشع مما قام به من الاجحاف والظلم والدمار والهلاك بحق الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب، وبحق دول المنطقة أجمع غير آبه مما شاهده من الذل والعار في جلسات محاكمته، وأن هذه اللحظات من تأريخ العراق لحظات مصيرية لأتباع صدام بصورة خاصة بأن يراجعوا أنفسهم وينبذوا العنف ويعتذروا من اليتامى والأرامل من أبناء الشعب العراقي مما قاموا به من جرائم وحشية بحقهم، ولا يبرروا الجرائم التي يقومون بها بإسم مقاومة المحتل بقتلهم الأبرياء بحجج طائفية و دينية والدين منهم ومن أعمالهم براء، وهم مسيّرون من قبل قوى إقليمية ودولية لتنفيذ خطط وسياسات طُلب منهم تنفيذها كسيدهم المعدوم الغير المأسوف له صدام، وأن من يراجع كتاب صدام الذي كتبه ونشرته له وزارة إعلامه حينها بعنوان ((الدين والتراث)) حيث يقول فيه بالحرف الواحد: [[أن الاسلام تراث عربي وصل الينا وتطور ووصل الى مرحلة البعث وأن ميشيل عفلق هو نبي البعث]]، فمن يقول بمثل هذه المقولات الباطلة والملحدة والمنكرة لاسلامنا العظيم ولنبوة نبينا محمد (ص) هل يحق له أن يتكلم باسم الاسلام ويبني المساجد للغطاء على الفشل السياسي الذي اصابه طيلة عمله السياسي وإدارته للدولة العراقية، ويقتل الناس بإسمه لإدامة فترة بقائه في السلطة والتحكم على رقاب الناس بالحديد والنار. يا ترى هل سيقول صدام للمنكر والنكير في قبره أن البعث دينه وميشيل عفلق نبيه؟وإن كل ما جرى للعراق والشعب العراقي من حروب عشوائية ومآسي وجوع وموت وخوف وتهجير وهروب من الوطن والأهل والعشيرة والولد والزوجة والمال واحتلال وحرب طائفية وقتل على الهوية وتفجيرات وتفخيخ للسيارات وتمزيق للجسد العراقي سببه الأول والأخير هو سياسات صدام الرعناء طيلة فترة حكمه، ولا يتمكن كل منصف بحال من الأحوال من تناسي تلك الأيام السوداء من تأريخ العراق، ويتحمل حزب البعث العفلقي كل تلك المسؤوليات والجرائم التي أنتهكت بحق هذا الشعب العظيم والمنطقة بأسرها.
وإن نداء الغيارى من أبناء الشعب العراقي الى الدول الأقليمية والعربية عدم اللعب بالنار وإثارة الفتنة الطائفية والقومية بين ابناء العراق العظيم ضد إرادة شعبه، وعدم الوقوف أمام تحقق تلك الارادة لإقامة العدل والقسط بين مكونات أبناء العراق وتركهم ليقرروا مصيرهم بعيدا عن الظلم والاجحاف الذي لحقهم قرابة اربعة عقود من الزمان.
وهكذا لقد شاءت الأقدار الالهية أن ينزل القصاص العادل في هذا البوم الثلاثين من كانون الأول والموافق ليوم العيد الأكبر للمسلمين على المجرم صدام وتقضي على الضغينة والقهر والاستبداد والدكتاتورية والظلم والطغيان، وعلى الذي استهان بدماء وأنفس وأعراض أبناء الشعب العراقي الى درجة لا يملك ذرة من خوف من عقاب اللّـه والتأريخ، فهنيئـا لأرواح شهداء العراق العظام جميعا على حكم الله المنتقم القهّار من كل متكبر ظالم جبّار.
ورسالتنا الى كل الظالمين والجبابرة والطغاة وعلى رأسهم الطغاة الذين يبكون لمصير صدام هي مقولة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: ما أكثرَ العِبَـرِ وأقلّ الإعْتِبار. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون، والسلام على من اتبع الهدى.
https://telegram.me/buratha