( بقلم : طالب الوحيلي )
يا كل المظلومين والمقهورين من بطش الطاغية صدام وجلاوزته الساديين ،ويا كل أبناء شعبنا الطيبين الذين تكبد كل واحد منكم كل الوان الذل والاضطهاد الذي اختصر ذل العصور كلها في شخص واحد وعهد واحد هو صدام وزمانه الدموي أتقدم بأحر التهاني وأجمل الأمنيات لكم ولتقر عيونكم وعيون كل أمهاتنا اللائي فقدن أبناءهن في زحمة الخوف المستبد عبر مداهمات زمر الحزب الفاشي والأجهزة الأمنية على اختلاف ألوانها ،حين رأين الطاغية وهو يقف في منصة الإعدام ولكي يضع المنفذون بكل أدب انشوطة المشنقة في عنقه المتكابر الذي طالما اطل على ابناء العراق وهو يعدهم بالموت بدل الحياة او بمشاريع القتل اليومية،وليميل هذا الجيد بعد ثوان فينحدر جسد الرذيلة الى قاع الحفرة المعدة له وليبقى متدليا ،اذ قد تمر في ذهنه صور ملايين الشهداء والضحايا الذين ازهق هو ونظامه ارواحهم الطاهرة دون ادنى سبب او حق او وجه قانوني حتى ولو كان هو الذي سنّه ،ولابد انهم يحضرون الان حفل القصاص فيتلقفون روحه الآثمة وليسحلونها بعد ان نجا جثمانه الممدود وسط الكيس الابيض من السحل في شوارع بغداد كما كانت رغبة كل ابناء وادي الرافدين الذي لعنوه في حياته وفي ذروة طغيانه .
منذ اعدام الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم عبر محاكمة صورية لم تستغرق ساعة واحدة ليمطر جسده الطاهر بوابل من رصاص القوميين والبعثيين ،دون ان ينال عشر معشار ما حظي به الطاغية من احترام ومن محاكمة عادلة جدا لم يألفها حتى القضاء في ارقى الامم وطيلة تأريخها ،ودون ان يستدل احد على قبر الزعيم بعد ان دفن خلسة في منطقة الباوية ومن ثم اخرج رجال الامن جثمانه الطاهر ليرمى به من على جسر ديالى فيكون قاع النهر قبره ،منذ ذلك الوقت وضحايا البعث والقومجية لم ينالوا أي حظ في محاكمة عادلة او لم يسلم منهم احد من سيل العذاب او الاهانة وانتهاك الكرامة فيما تجري تصفيتهم بأساليب بشعة كالثرم بمكائن خاصة او الإذابة بأحواض التيزاب او الدفن وهم أحياء في اسطوانات (دنك) الكونكريت او الحرق بالنار او الذبح او تهشيم رؤوسهم بالضاغطات (المنكنات) وبالإعدام بواسطة الصعقة الكهربائية بوسائل خاصة حلت محل المشانق او بالقتل الجماعي بالأسلحة الكيماوية او الأسلحة الثقيلة وكل ادوات القتل الذي يؤدي الى المقابر الجماعية،و لعل الاستاذ صاحب كتاب (دولة المنظمة السرية) يلم أكثر بأساليب القتل التي ابتكرها صدام ومؤسسته ومع ذلك تثور ثائرته اليوم عبر قناة الحرة بأسلوب يذكرنا بحبه البعثي المتجذر في نطع الدم العراقي لايمكن ان يخبو ابدا ،فقد اكد على رفضه بان يعدم الطاغية بدعوى انه قد سقط سياسيا يوم 9 نيسان 2003 فيما يغمض عينيه وضميره كاي من جيله من ابناء (الامة العربية)عن التأريخ الاسود لصدام وما يجري في العراق من جرائم إرهابية من قبل أيتامه ،فهل قارن بين (عدالة) صدام وبين ما عومل به اثناء محاكمته وإعدامه الذي كان ينبغي ان يقع علانية كما جرت محاكمته علانية ؟ ام ان الخطاب العربي المتمثل ببعض الامعات من دعاة القانون الدولي او محاميه قد خدع (منظرنا الالمعي) الذي نكب كثيرا بالقصاص من رفيق دربه وقد رأى بام عينه كيف التف حبل المشنقة على عنقه!!
ابارككم يا كل الشهداء بساعة تحقق الثأر الذي جاء متأخرا بعد ان جف دمع أحباءكم من الحزن عليكم وطول الصبر ،وبعد ان ذبلت خدود تصاويركم ،وأبارك رعيل الخالدين من مجاهدين ومراجع دين واساتذة وعلماء وعباقرة وأدباء ،أباركك يا عبد الحسين فرج يابن السابعة عشر ربيعا حين سقوك سم الثاليوم في أقبية الأمن العامة وقد رويت لي كيف ساومك الجلاد في تناول اللبن (المسموم) او في البقاء رهين ادوات التعذيب وقد سردت لي كل اساليبهم التي لم يستطع جسدك الغض من تحملها بعد ان استشرى السم في شرايينك ومسامات جلدك فتلاشيت رويدا رويدا خلال عشرة ايام وبقيت عيناك في صورة على الجدار ترنو دامعة وضاع قبرك بين القبور.
واباركك يا ابا زكي وقد خرجت من بين اسرتك مطاردا وانت تحمل كتيبك السري لتضيع عنا أكثر من عشرين سنة فيباغتني اسمك (قاسم فرج سعيد) اعدم عام 1983 وتركت في مدينة الثورة الف ذكرى للحب وللتوهج .وانت يا ابا قتيبة حين اعتقلك زبانية الأمن كان معك والدك وشقيقك الحدث ،لقد روى لي شقيقك كيف اقتلع ضابط الامن عينك ،وعميت عينا والدتك من الحزن واعترى جسد ابيك الهزال بعد ان رايناك مرقوما في قائمة المعدومين،وانت ياحميد كاظم كانت امرأتك مسرورة حين أعطتك علبة سجائر في مقابلتك الأخيرة حين دعوها لتواجهك ،لكنها وجدت في اليوم التالي جثمانك وهو منخور بالرصاص الذي اجبرت على دفع ثمنه للقتلة ووجدت ان علبة سجائرك قد نقصت سيجارة واحدة ،أي مابين مفارقتها اياك وبين اعدامك رميا بالرصاص فقط تناولك تلك السيجارة،وانت يا محسن الدراجي تتذكر كيف غاب عنكم شقيقك ابي علاء وانتهى الأمل في عودته بعد ان كان مصيره الإعدام ،وعبد الزهرة شامخ وسيد محسن و علي ياسين واسماء طويت مع انطواء الأرض على الأجساد وذكريات يشعلها وهج الثورة على كل جلاوزة صدام الذين مازالوا اليد القاسية والظالمة على شعبنا المبتلى بهم وبمن يدعمهم من عرب تحول عيدهم السعيد الى نكبة ووعيد .حين يعلن فالح حسون الدراجي بان عينه قد شفيت من علتها لحظة رؤيته للطاغية وهو رهين المشنقة ،اقول قرت عينك بالثأر لشقيقك الخالد خيون الدراجي ولتقر عيون جميع العراقيين بالأمن والأمان والسلام..
https://telegram.me/buratha