( بقلم : د. حامد العطية )
في القدم تقربت بعض الأقوام البدائية إلى أربابها بالأضاحي البشرية، فكان عرب شمال الجزيرة العربية يقتلون بعض أسراهم تزلفاً لآلهتهم من النجوم والكواكب، وعمد قدماء المصريون إلى قذف فتاة إلى النيل أثناء موسم فيضانه لاطفاء غضبه، ومبتدعو هذه الممارسات الشيطانية هم كهان الديانات الوثنية الباطلة الحريصون على إحكام سيطرتهم على عقول ونفوس أقوامهم من خلال ترويج هذه الأضاليل بينهم، وإلزامهم بتطبيقها، ولعل هؤلاء الكهان تعللوا في تبرير الحاجة للقرابين البشرية بأن التضحية بفرد أقل ضرراً من التفريط بمنفعة الجماعة لو حل بهم سخط آلهتهم، وهي طقوس محرمة في المنظور الإسلامي والإنساني لمخالفتها الصارخة للشرع الآلهي والوضعي الداعي إلى إحياء الجميع، أفراداً وجماعات، ولكن عندما يقدم فرد على التضحية بأرواح ومصالح شعب بأكمله في سبيل إرضاء شهوات أنانية وأهواء مريضة للعظمة والجبروت فإن من الجلي بأن ضرره على الناس أشد من ذلك الكاهن الوثني الممارس لطقوس التضحية بفرد أو أفراد تقرباً لآلهته، لقد كان صدام حسين وثناً من الأوثان وكان أعوانه أسوء من كهان الديانات الوثنية الهمجية، وكان أعضاء حزبه عبدة وثن وأتباع ضلالة، ولم يتردد هذا الطاغية الفرعوني من التضحية بالأبرياء من الشعب العراقي وبالكثير من أتباعه البلهاء في سبيل تأسيس حكم تسلطي وتحقيق أحلام هلوسة توسعية...استلب صدام الحكم مدعوماً بفتوى إبن عمر بن الخطاب وأتباعه القاضية بطاعة الحاكم الظالم ولو امتلك رقاب المسلمين بحد السيف، وكان فاسقاً فاجراً مثل العديد من الحكام المتسلطين برقاب المسلمين السابقين والمعاصرين، وتمثلت فيه كل الصفات التي دعا إبن عمر للتغاضي والتجاوز عنها في الحاكم الجائر، وزاد عليها بالبغي، وبدلاً من أن يحاربه ادعياء الإسلام من أعراب الخليج وعلى رأسهم السعودية والكويت امتثالاً للأمر الرباني وقفوا معه وأمدوه بالمال والسلاح في حربه الباغية ضد إيران، لأنهم ايضاً حكام بفضل الفتوى المضللة لإبن عمر بن الخطاب.
أدعوا جميع العراقيين لأخذ العبرة من نهاية هذه الطاغية، تتذكرون عنجهية هذا الطاغية أيام حربه العدوانية على إيران الإسلامية، وتشدقه بقدرته على تدمير إيران وإحتلال حواضرها، ألم يهدد علانية وفي مؤتمر صحافي بتقسيم دولتهم إلى دويلات على أساس عرقي إن لم يذعنوا لشروطه المجحفة لإنهاء الحرب؟ واسألكم جميعاً ألم يرتد مكر صدام حسين السيء عليه وعلى أبناءه وأعوانه، بل على العراق كله، وها نحن نرى عراقنا محتلاً من قبل القوات الأمريكية وحلفائها، وقد دبت الخلافات بيننا واستشرت حتى بتنا لا نأمن على أرواحنا من جيراننا لأنهم من طائفة اخرى، وبلادنا مهددة بالتقسيم إلى إقليم شيعي وآخر كوردي وثالث سني، وهنالك من يتخوف من إبادة جماعية للفئة التي ناصرت حكم صدام الدموي، قد يرى البعض في ذلك عقاباً ربانياً، وهو بالتأكيد تصديق للوعد الرباني بأن ما يصيب فرد أو جماعة من سوء هو نتائج شرورهم، وكل من انتمى لحزب الفساد البعثي مشارك ومشترك في جرائمه، وإن كان ذلك بدرجات مختلفة، وعليهم جميعاً الاتعاظ من مصير الطاغية، وسيطال البعض منهم نفس العقاب العادل آجلاً أم عاجلاً، ولو تعلقوا بأذيال الأمريكان وغيرهم، وعلى أعوان صدام إعلان توبتهم الآن وعلى الملأ والتبرء من أفعاله، قبل أن يأسرهم المؤمنون المجاهدون، وآنذاك سيفوت آوان التوبة ويحق عليهم الجزاء العادل.
استحق صدام حسين الإعدام لأن إزهاق روحه الشريرة إحياء للعراقيين وجيرانهم الذين وقعوا ضحية لظلمه وقهره وتعسفه لثلاث عقود من الزمن.
القضاء على صدام مثل التخلص من جرثومة، وبعدها تتحسن احتمالات تعافي الجسد العراقي الذي كان موبوءاً بهذه الجرثومة.
إعدام صدام حسين أنتصار للعدالة وإحقاق للحق وإزهاق للباطل والظلم.
عذاب صدام راحة للثكالى الذين قتل صدام حسين ذويهم وللمظلومين الذين زج بأحبائهم في السجون.
تعليق صدام على حبل المشنقة رسالة للإرهابيين والظالمين وخاطفي الأطفال ومغتصبي النساء بأن عقابهم آت عاجلاً أم آجلاً.
حياة صدام انتصار للجهل والتخلف والطغيان والعدوان وموته انتصار للمعرفة والتطور والحرية والسلام.
وأخيراً حذار حذار من مؤامرة أمريكية- بريطانية خبيثة، يدبرون فيها هروب صدام حسين، كما دبروا هروب السامرائي من سجنه والإرهابيين المحتجزين في سجن البصرة، لكي يدفعوا الشارع الشيعي إلى النقمة على حكومته ونوابه المنتخبين، ويمهدون لسقوط حكومة الائتلاف، ليثب من بعدها أياد علاوي على السلطة على رأس ما يسمى بحكومة "إنقاذ وطني"، ونصيحتي لحكومتنا أن تحذر الأمريكان من مغبة إرتكاب هذه الحماقة الكبرى، التي ستؤدي حتماً إلى إعلان الشيعة الجهاد ضد القوات المحتلة والإرهابيين وأعوان صدام.
https://telegram.me/buratha