( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
بعد ايام معدودات سنستقبل عيد الاضحى المبارك والذي سيتزامن مع بداية العام الميلادي الجديد2007م وهذا ما يحدث حسب التقويم الهجري كل ثلاثين عاماً ولعل هذا التزامن قد يحمل معه اكثر من بشارة خاصة وان اتباع الديانتين الاسلامية والمسيحية يشكلون اغلبية سكان الارض بملياراتها الثلاث او يزيدون اكثر سيحتفلون بأعيادهم التي تزامنت معاً(عيد الاضحى وعيد رأس السنة الميلادية) وستدخل الفرحة كل بيت من اقصى المعمورة الى اقصاها.
هذا التزامن بين العيدين ربما يجعل سكان الارض يتوقعون انفراجاً دولياً خاصة وانه ينطوي على الفرح والسرور وليس على الحروب والدمار، فالشعوب والامم وبعد اتساع ثورة الاتصالات وتبادل المعلومات وتعرف امم على حضارات امم اخرى بهذا الكم الهائل والوقوف على طبيعة حركة الشعوب في شتى مفاصل الحياة السياسية والثقافية والعلمية والحضارية وطبيعة الانظمة الحاكمة الى غيرها من مقومات النشاط الانساني في بناء الدول والحضارات والثقافات المتباينة والمتفاوتة وكلهم يلتقون تحت عنوان(بني البشر) سيلتفتون الى حقيقة نشوء انسانيتهم التي يتساوون فيها بالخلق والصورة، ومصاق ذلك قوله سبحانه وتعالى(يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)الا ان الاختلاف يكمن في طبيعة التكون الحضاري والقيمي وليس في الجانب الانساني.
هذه النظرة الانسانية تعني ان تعدد الشعوب وتعدد لغاتهم وثقافاتهم واديانهم هي في المحصلة الاخيرة لا تتقاطع في مشتركاتها العامة فهذه المعايير التي تحكم انسانية شعوب الارض هي نفسها التي تحكم الشعب العراقي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من هذا العالم الكبير وهذا ما يجعلنا كعراقيين نعيش على هذه الرقعة الجغرافية المباركة(العراق) وتربطنا الى جانب انسانيتنا روابط اخرى اهمها رابطة الدين الواحد والوطن الواحد ورابطة الاخوة والحضارة المشتركة والقيم والمبادى والاعراف التي نعتقد بها فكل هذه المعايير لابد ان تأخذ منا الاهتمام الواسع والحقيقي في بناء الشخصية العراقية المتميزة التي تشدنا بقوة الى وحدتنا الوطنية والدينية والانسانية والحضارية والتعايش السلمي على اساس العدل والانصاف والشراكة الحقيقية بعيداً عن الشد الطائفي والقومي او محاولة الاقصاء والتهميش.
نتمنى ان تمتد وحدة العيدين في هذا العام لتكون خيمة واسعة تسع كل العراقيين وتساعد على الوقوف الجاد والحازم بوجه العوامل التي تحاول التأثير على لحمة ابناء الوطن الواحد والوقوف بوجه النزعات الشريرة القادمة من خارج الحدود التي يروج لها اصحاب العقائد الفاسدة والمتخلفة واصحاب الاطماع السياسية، وانهاء ثقافة التكفير والاقصاء والقتل على الهوية، هذه الممارسات الاجرامية التي لم يألفها شعبنا طيلة تاريخه الطويل.
العراقيون بكل اطيافهم وطوائفهم استظلوا ولا زالوا يستظلون بخيمة العراق الواحد عاشوا متآخين موحدين تحت سقف واحد ولا يمكن لاي ثقافة طارئة ان تسلب منهم اصالتهم وهويتهم العراقية فهي موضع فخرهم واعتزازهم وهذا الذي يحصل في العراق اليوم سوف ينتهي عاجلاً ام آجلاً وستعود البسمة الى وجوه العراقيين بفضل الله سبحانه وتعالى فالعراق لهم وليس للطارئين عليه من التكفيريين والمتخلفين الذين يحاولون انتزاع هويتهم الوطنية وحضارتهم التي شيدها أجدادهم وآباؤهم بعرقهم ودمائهم الزاكية.
https://telegram.me/buratha