( بقلم : علي حسين علي )
بعد ايام سيناقش مجلس النواب ميزانية الدولة للعام 2007 واقرارها.. وتقول قراءة اولية للميزانية المقترحة انها قد بلغت 41 مليار دولار، وان قسماً كبيراً منها قد تم تخصيصه للخدمات. وحسب علمنا بأن الحكومة الحالية قد رفعت نسبة الخدمات في الميزانية بحيث تلبي معظم حاجات المواطنين واحتياجاتهم بحيث لا تترك عذراً لمسؤول ليدعي بان المبالغ المخصصة لوزارته او دائرته لا تكفي.مشكلة الخدمات عندنا تكاد تكون عسيرة ومعقدة، والمواطن العراقي في معظم الاحوال لا يحصل الا على نسبة متواضعة من الخدمات التي يفترض ان ينال قدراً واسعاً منها بعد ان تضاعفت الميزانيات العامة للدولة خلال السنوات الثلاث الماضية، والسنة المقبلة تحديداً قد زيدت ميزانيتها بحوالي 11 مليار دولار على السنة المنقضية(2006).. ولهذا فان ما يتوقعه المواطن العراقي هو الزيادة في تقديم الخدمات والتحسن في الاداء ايضاً.
قد يعود سوء الخدمات وترديها الى النظام البائد الذي حرم المواطن من معظم الخدمات الاساسية(صحة، تعليم، بلديات، اتصالات ومواصلات) فضلاً عن اهم تلك الخدمات وهي البطاقة التموينية التي انحسرت في العهد البائد وترددت نوعيتها مع ان المبالغ المرصودة لها كانت كافية غير ان السمسرات والسرقات التي كشفت عنها تحقيقات الأمم المتحدة بشأن برنامج(النفط مقابل الغذاء والدواء) وكذلك تحقيقات هيئة النزاهة التي تولت هي الاخرى متابعة سرقات كبار المسؤولين في النظام السائد لأموال العراقيين وحرمانهم من الغذاء الجيد والدواء الكافي .. وقد كان الحصار الاقتصادي الذي فرضته الامم المتحدة على النظام البائد من دون ان ينال هذا النظام الذي كان المسبب بعد غزوه للكويت والتعويضات التي نجمت عن ذلك الغزو.. كان الحصار الاقتصادي شماعة لكل من يحرج من المسؤولين السابقين او يكتشف أي تقصير.. كان الحصار ذريعة يرمي المسؤولون عليها كل اخطائهم واهمالهم وخياناتهم للامانة ايضاً.
وتوقع المواطنون بعد سقوط النظام البائد ان تتحسن الخدمات بعد ان استعاد العراقيون سلطتهم على اموال النفط ورفع الحصار، وبعد ان كشفت التحقيقات الدولية والمحلية الكثير من السرقات التي قام بها ازلام النظام البائد واتباعه لاموال العراقيين وحرمانهم من ادنى مستوى للخدمات.نحن هنا لا نريد المقارنة بين ما كان سائداً في عهد الطاغية وبين ما بعده، فالنظام البائد مسؤول عن معظم ما يجري الآن اولاً، لانه اورث النظام الحالي تركة ثقيلة من المشاكل، وثانياً، لان الكثير من اتباع ذلك النظام ظلوا والى وقت قريب يشغلون مناصب مهمة في الدولة وقد اداروا مؤسساتها بنفس العقلية السابقة وعلى نفس نهج اللصوص الذي كان سائداً آنذاك.
غير ان ما يقارب الاربعة سنوات كانت كافية لتصحيح الاوضاع وتقديم الاعوجاج، وحتى بعد هذه المدة-حوالي اربعة اعوام- ما تزال الخدمات الصحية مثلاً في اسوأ حالاتها، وكذلك الخدمات البلدية في بغداد والمحافظات الآمنة مع ان المبالغ المخصصة لها كبيرة جداً وتكاد تكون هائلة اذا ما قيست بغيرها من ميزانيات الدولة السابقة.. الاتصالات هي الاخرى لم يطرأ عليها تطوير الا في زيادة الابتزاز من قبل شركات النقال الجديدة والخطوط الهاتفية تكاد تكون معطلة او فاقدة لـ(الحرارة) في معظم الاوقات.. وطلاب المدارس الابتدائية يحشرون في صفوف مزدحمة ولا يحصلون على الكتب الجديدة كما وعدتهم وزارة التربية. اما النقل فقد تنحى القطاع العام عنه وترك المواطن فريسة سهلة للقطاع الخاص.. في حين لم تتحسن البطاقة التموينية كماً او نوعاً، بل صارت تسير كل شهر الى نقص جديد، ولعلها لن تبقى على قيد التداول في السنة القادمة، وان ظلت فانها ستظل مجرد ورقة تحفظ في البيوت..
كثيرة ، وعديدة ، هي الاخفاقات في مجال الخدمات، واذا ما كانت الحكومات التي تولت السلطة بعد سقوط الطاغية قد قصرت فان عمرها كان قصيراً وادواتها كانت محدودة.. اما الآن، وبعد تشكيل حكومة مستقرة ودائمة لأربع سنوات وبميزانية وصلت الى 41 مليار دولار فان من الصعوبة بمكان ان يقبل المواطن أي تلكؤ او تقصير في مجال الخدمات خصوصاً وان الحكومة الحالية، مع انها غير مسؤولة عن كل ما معنى، فانها الان واعتباراً من مطلع العام الجديد-بعد ايام- ستكون محل حساب صعب وعسير في البرلمان عن أي تقصير او اهمال لمصالح وحاجات المواطن الحياتية الاساسية، فهي أي الحكومة-قد ألزمت نفسها ببرنامج عمل وهي تعرف انها ستراقب في ادائها من قبل البرلمان والصحافة ومنظمات المجتمع المدني.. وبالتأكيد فان نجاحها او اخفاقها في مسائل حيوية سيكونا سبقاً بيدها او عليها وستحاسب بشدة في حال الاخفاق.. وستشكر كثيراً في حال النجاح.
https://telegram.me/buratha