( بقلم : جاسم فيصل الزبيدي )
يقولون ان (سياسة الظلمة واهل الاثرة،هي التي روجت ماأُدخل على الدين مما لا يعرفه،وسلبت من المسلم املاً كان يخترق به اطباق السموات،وأخلدت به الى يأس يجاور به العجماوات..فجُلُّ ماترى له الآن مما تسميه اسلاماً فهو ليس باسلام ،وانما حفظ من اعمال الاسلام صورة الصلاة والصوم والحج ومن الاقوال قليلاً منها حُرَّفت عن معانيها.ووصل الناس بما عرض على دينهم من البِدعَ والخرافات الى الجمود الذي ذكرته وعدّوه ديناً...نعوذ بالله منهم ومما يفترون على الله ودينه..فكل مايعاب الآن على المسلمين ليس من الاسلام وانما هو شيء آخر سمَّوه إسلاماً)
صورة دقيقة..بالغة المعنى والمضمون صورها لنا المغفور له الاستاذ الامام محمد عبده في كتابه(الاسلام والنصرانية)لحال الامة الاسلامية التي اصابها(انقلاب التفكير)عن طريق دعاة غلبهم التعصب لأرائهم وقادهم الهوى الاعمى لقيادة الناس الى الاقتتال سعياً وراء المصلحة الشخصية التي اذلت رقاب المسلمين في مشارق الارض ومغاربها،حتى صار المسلم(ارهابيا)في نظر الغرب بسبب هولاء الدعاة الذين يصورَّون الاسلام سيفاً يحز رقاب الناس من خلال خطبهم التي ماقتلت ذبابة على حد تعبير الشاعر نزار قباني.
نحن لا نلوم الغرب اذا اتهمنا بالارهاب والصق فينا تلك التهمة المشؤومة مادام في العالم الاسلامي دعاة ممن يستميتون في الدفاع عن آية السيف وان الجهاد بالسيف فقط وماعداه (جبن)..هولاء الدعاة لم يتمعنوا في القران ولم يفهموه لانهم لا يعرفون الا لغة القتل والعصابات.دعاة يرون ان حقوق الانسان مجرد بدعة و مهزلة(صهيونية؟؟)...دعاة مازالوا يقبعون في الفكر الطفولي القديم والذي يرى ان بعض الفرق الاسلامية كفاراً اشد من اليهود واخطر من (الامبريالية العالمية).دعاة تسربلوا في سلك العلماء الصالحين الصادقين لِيُعدّوا من قبيله ويضعوا للبسطاء من الناس في الدين اشياء ماانزل الله بها من سلطان..دعاة يُدخلون الناس في شيء ويخرجونهم منه كما قال الامام ابي عبد الله الصادق(ع) في الرواية: ان رجلا كان له جار نصراني فدعاه إلى الإسلام وزينه له فأجابه إليه ، وجاء في اليوم الثاني عند السحر فقرع عليه بابه ، ثم قال له:توضأ والبس ثوبيك لنخرج إلى الصلاة:فتوضأ وخرج معه فصليا ما شاء الله ، ثم صليا الفجر ومكثا حتى أصبحا ، فقام النصراني يريد منزله ، فقال له الرجل أين تذهب ؟ ان النهار قصير،والذي بيننا وبين الظهر قليل ، فجلس معه إلى ان صلى الظهر ، ثم قال له لم يبق إلى العصر إلا القليل ، واحتبسه إلى إذ صلى العصر ، ولما أراد ان ينصرف إلى منزله قال له : ان هذا آخر النهار ، واحتبسه حتى صلى المغرب ، ثم قال له : لقد بقيت صلاة واحدة فسكت الرجل وانتظر إلى إذ صلى العشاء ، وتفرقا ، فلما كان وقت السحر طرق عليه الباب ، وقال له : قم فتوضأ واخرج لنصلي ، فقال النصراني:اذهب واطلب لهذا الدين من هو افرغ مني فانا إنسان مسكين ولي عيال فلا أطيق ان أتحمل دينكم)هذه الرواية شديدة الشبه بحال المسلمين مع اختلاف اللفظ ..فكل مايعرفه الداخل في الاسلام هو منطق العنف والقتال في افغانستان والعراق..والطامة الكبرى هي انقياد الشباب (وخاصة المراهقين)بصورة عمياء الى ايدلوجية هؤلاء الدعاة التكفيريين وهذا امر ينذر بالخطر من نشوء جيل سيعتمد مبدأ الاصطدام المسلح مع ابناء الفرق الاخرة المسلمة كبديل عن منطق العقل والدليل بعد ترسيخ نظرية(ان المتأخر ليس له ان يقول بغير مايقول المتقدم)في ادمغة الشباب المسلم..يقول الشيح المرحوم محمد الغزالي(رحمه الله):ـ ان هولاء الدعاة يصلحون للعمل في سوق الماشية ولا يجوز ابداً ان يتحدثوا عن اسلام لم يفهموه ،ولم يرتفعوا الى مستواه)لقد كشفت وزارة الاوقاف المصرية مؤخراً ان 90 % من المتقدمين لاختبارات الدعاة رسبوا وان (18ألفا من خريجي كليات جامعة الأزهر لايصلحون ان يكونوا دعاة؟) هذه كارثة مفزعة والخوف الاكبر هي توجه هؤلاء الى العمل خارج اطار الازهر للعمل كدعاة اضافة الى ماموجود من دعاة..على المرجعيتين السنية والشيعية تدارك الامر قبل انفلات الامر خارج الاطر الحوزوية والا فان الاوضاع على الساحة على عتبات الانفجار الطائفي بسبب قيام هولاء الدعاة باطلاق الفتاوى التكفيرية وفق الهوى والمزاج الشخصي والتاريخي وخير دليل على ذلك ماحصل من صدور فتوى من بعض الدعاة السعوديين والتي اجازت قتل العراقيين باعتبار ان (الكرد عملاء والشيعة صفويون فرس).
هذه الفتاوى انما هي نتاج فكر طفولي يتبع شيخاً واحداً عن مدرسة واحدة مرفوضة باجماع المسلمين ..هذه الفتاوى ولدت في ظروف مشابهة للماضي نتيجة تشابه في الفكر بسبب تكرار الاراء والمعتقدات من الناحيتين النظرية والعلمية كما يُشير المهتمون بتاريخ الدين عند مناقشتهم لمنشأ العقيدة الدينية على نظرية الاصالة المستقلة ان وجود مثل هولاء الدعاة على الساحة سيفتح الباب على مصراعيه للفتاوى التكفيرية واطلاق صافرة البداية في مهرجان قتل العراقيين بالسيارات المفخخة والعبواة الناسفة والقتل العشوائي ولعل مؤتمر (اسطنبول) كان صافرة البداية للعصابات الارهابية في ذلك المهرجان ..والا بما يُفسر المؤتمر في احتضانه لجماعات ترى قتل (القاعدة)للعراقيين نوعاً من الجهاد؟؟واطلاقهم صفات (كالعملاء)و(الصفويون)لكل من الكرد والشيعة ؟؟والغريب في الامر ان المؤتمر جاء متزامناً مع صدور الفتوى التكفيرية السعودية الاخيرة؟انها مؤامرة ...ومقابر جماعية جديدة يُهيئها(دعاة التكفير)لتكملة ماعجز عنه طاغية العصر وفرعونه من نيل المركز الاول في(موسوعة جينيس للارقام القياسية)للوصول الى قتل المليون عراقي..فجاء (دعاة التكفير) لتمهيد الطريق لتنظيم القاعدة الذي خسر الحرب في افغانسات نتيجة مغامراته وتهوره السياسي فاخذ يبحث في العراق عن قشة للنصر حتى لو كانت على حساب ارواح العراقيين.ان المرجعيتين السنية والشيعية مدعوتان بقوة لغربلة الدعاة واعادة تقييم امكانياتهم العلمية كون المنابر ذات تاثير اوسع واقوى من الوسائل الاعلامية الاخرى.
https://telegram.me/buratha