( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
لعلنا لا نبالغ عند قولنا بان ما عاشه العراقيون خلال تسعة عقود من الزمان لم يعش مثله او ادنى منه بدرجات أي شعب من شعوب العالم من ظلم وقهر واستبداد وحكام دكتاتوريين قساة ومتوحشين اخرهم صدام.هذه العقود التسعة التي سبقت سقوط اعتى نظام استبدادي شهده التاريخ بطوله وعرضه، قد رسخ فيها الحاكمون الدكتاتوريون ثقافات ومفاهيم خاطئة استئصالية لا تتقبل الاخر، ولا تعترف بالشراكة، ترفض الحوار وتعده هرطقة، لا تستمع الا الى صوت الحاكم الذي لا يرى غيره وان رآه فيبعث به الى باطن الارض في احسن الاحوال.. والعقود التسعة المنصرمة قد جذرت الممارسات الاقصائية والتهميشية حتى جعلت منها واقعا مفروضا على معظم المكونات الاجتماعية العراقية.
في كل الاحوال، لايمكن لاي تجربة خاطئة ان تعيش او تجبر الناس على العيش تحت عنوانها، او سقفها الى ما لا نهاية.. وعلى اساس كهذا، فقد انتهت التجربة العراقية الخاطئة والمدمرة بالنهاية الدراماتيكية التي انتهى بها صدام ونظامه. لكن نهاية صدام ونظامه لا تعني نهاية شخص حاكم لوحده او حتى نظامه معه، انما تعني سقوط ظاهرته تماما.
ولقد تجسد البديل لهذه الظاهرة الساقطة في المفاصل التأريخية الواقعة بين نيسان 2003 وحتى يومنا هذا، مثل تجربة مجلس الحكم، والحكومة المؤقتة والانتخابات الاولى والحكومة الانتقالية والاستفتاء على الدستور والانتخابات الثانية وحكومة الوحدة الوطنية التي تمخضت عنها.. واذا ما كان لكل تجربة عيوبها فقد رافقت تلك المفاصل بعض العيوب، لكن ما هو عقلاني ومنطقي ان لا تعيدنا تلك العيوب اوالاخفاقات غير المقصودة الى المربع الاول، أي الى عهد المعادلة الظالمة وحكم الاستبداد. واذا ما كنا الان نعمل لبناء دولة جديدة وعصرية متحضرة، فاننا بالتأكيد لن نمارس التهميش ولن نقبل لغيرنا ما كنا نرفضه ونحاربه، ولن نعمد الى اقصاء أي طرف او الغاء أي مكون عراقي.. فالتعددية والشراكة مبادئ ومرتكزات اساسية لنا، وهي ليست شعارات لاغراض التسويق الاعلامي.. انها ما يمكن ان تقوم عليها التجربة الجديدة التي نقودها في هذا الوقت.
وعندما نصر على انجاح تجربتنا، فاننا لن نقبل اية ممارسات او سلوكيات تهدف للاطاحة بالتجربة الرائدة هذه في ظل القتل والخطف والمفخخات.. وبالتأكيد ان من عاش طوال تسعة عقود من الزمان على ايقاعات الطغيان والاستبداد الرسمي وتجاوزه نحو الحرية والتحرر فانه اقدر في هذا الوقت على التصدي لذاك الاستبداد ، ودحره ايضا.
https://telegram.me/buratha