( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
القراءات السياسية والاعلامية التي تلت انعقاد مؤتمر القوى السياسية منتصف الشهر الحالي في العاصمة بغداد بعد الاعلان عن التوصيات التي تمخضت عن هذا المؤتمر والتي تؤسس للمصالحة الوطنية جاء البعض منها مشوشاً او مغلوطاً عندما ذهب هذا البعض على ان هذه التوصيات هي بمثابة تنازلات للطرف الاخر دون الالتفات للمصلحة الوطنية العليا. والانكى والامر ان تسأل بعض وسائلنا الاعلامية ضيوفها هذا السؤال المغالط (ما الذي تغير؟).
هذا التساؤل اجاب عليه اكثر من طرف فاعل في المكونات والكتل التي شاركت بأنها-التوصيات- جاءت تلبية للمصلحة الوطنية العليا وتحقيقاً لمبدأ المشاركة الفعالة لكل الطيف العراقي في البناء الجديد والترفع فوق الاصطفاف الطائفي والعنصري الذي اراد له البعض ان يحكم به العملية السياسية الجارية وصولاً لتحقيق الاهداف الكبيرة للشعب العراقي في الامن والاستقرار ودفع عجلة النهوض والتطور الى امام.
من المعلوم ان الضعفاء هم الذين لا يملكون العزيمة والاصرار ولا يملكون قاعدة جماهيرية عريضة وواسعة لذلك فهم لكي يصلوا الى ما يريدون لابد ان يقدموا تنازلات وهذا ما لا ينطبق على المشاركين من الكتل والاحزاب في العملية السياسية ولما استطاعت هذه الاحزاب من استقطاب اكثر من اثني عشر مليون عراقي ليخوضوا الانتخابات في 15/12/2005 ولما تحققت اهداف الثورات البنفسجية الثلاث وفي عام واحد فقط اذ لم تحصل مثل هذه الممارسة الديمقراطية في اكثر دول العالم تطوراً.
ان مقولة العراق للعراقيين تعني قبل كل شيء ان هذا التغيير الشامل هو لم يحصل لمصلحة فئة دون اخرى او لكتلة دون سواها او لمكون دون غيره، فالعراق بأرضه وثرواته ومياهه هو ملك العراقيين فهم شركاء في هذا الوطن ومن حقهم ان يمارسوا العمل السياسي والحكومي والبرلماني باستثناء المجرمين الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين من الصداميين والتكفيريين وهذا المبدأ او الثابت قد أعلنته كل الاطراف والمكونات علناً نهاراً جهاراً كما اعلنت ضرورة التصدي الجاد والحازم لكل اشكال الارهاب ودفع عجلة التطور والنمو الى الامام واسناد حكومة الوحدة الوطنية والدفاع عنها بكل قوة.
الذي تغير هو الاستمرار والاصرار على المنجزات التي تحققت ودعم حكومة الوحدة الوطنية. والتوصيات التي ترشحت هي عينها التي تبنتها الكتل المشاركة في الحكومة والبرلمان منذ تشكيلها وحتى يومنا هذا ولكي نضع النقاط على الحروف- وهذا بيت القصيد- ان البعثيين الذين دعوا الى المؤتمر هم ليسوا صداميين ولم تتلطخ ايديهم بدماء الابرياء وهم كانوا ولا زالوا على استعداد للمشاركة في العملية السياسية بصفتهم الشخصية وليس الحزبية كما قد يتوهم البعض وهذا ما نص عليه الدستور، اما دعوة كبار ضباط الجيش السابق فهي الاخرى تخضع لشروط ومعايير يجب ان تتوفر بالضابط الذي يعاد الى الخدمة في القوات المسلحة او ان يحال على التقاعد وهذا من الانصاف والعدل فهم اصحاب عوائل والعراق مسؤول عنها.
لكي نسد الطريق على مثل هذه التساؤلات المقصودة او غير المقصودة لابد للاخوة السياسيين ان يوضحوا بشكل شفاف هذه المواقف باعتبارها تهم الشارع العراقي وتحتاج الى توضيح خاصة وان تركة النظام البائد ثقيلة جداً على اغلب العراقيين.
https://telegram.me/buratha