( بقلم : علي حسين علي )
لم يكن مؤتمر القوى السياسية الذي انعقد قبل ايام إلا خطوة موفقة على طريق المصالحة والحوار الوطني.. وبالتأكيد فان المصالحة ليست اقل من أي استحقاق وطني اخر، مثل الانتخابات او حتى الاستفتاء على الدستور فالمصالحة الوطنية لم تكن وسيلة بل هي غاية، ولم تكن الدعوات الى تحقيقها نابعة من ضعف هذا الطرف الذي يدعو اليها ولا هي-المصالحة- محاولة لتسجيل نقاط فوز على الاخرين او لا حراجهم.
المصالحة استحقاق وطني، كما ذكرنا، واللجوء اليها لم يكن وليد الظرف الامني المضطرب الذي نعيشه.. كما ان الاطراف التي دعيت للاندماج في العملية السياسية والمشاركة قبلها في حوار المصالحة، انما دعيت لصحة وطنيتها وبعد معرفة اهدافها واليقين من انها ستكون اغناءً للحوار والمصالحة لاعبئاً عليهما.لكن ما يعتقده بعض الاطراف التي تنتاب سلوكياتها شكوكاً كثيرة وهي تدّعي الرغبة في الانخراط في عملية الحوار والمصالحة، مع انها تضع الكثير من العقبات في الطريق المفضي اليها. هذه الاطراف تريد ان تقنع نفسها بأن لا مصالحة، من دونها! وهذا حق اذا كان الاخرون يرون بانها مخلصة في ما تدعيه من اهمية دورها، واذا كان هناك قناعة لدى الاخرين وثقة بهذه الاطراف اصلاً.
اذا ما اخذنا بعض السياسيين، ولنأخذ واحداً او اثنين منهم لنطبق عليه ما تم ايراده في اعلاه وليكن هذا السياسي هو الدكتور عدنان الدليمي مثلاً.. فهذا الرجل قد انضم الى العملية السياسية طواعية وابدى رغبته امام القوى السياسية العراقية في المشاركة بالعمل السياسي وادعى بانه يمثل مكوناً عراقياً يحترمه الجميع ويحرص الجميع على انشغاله بالعملية السياسية الجارية منذ ثلاث سنوات وكان الدكتور الدليمي قد حاول اقناع القوى السياسية العراقية بانه سيكون هو وجماعته عنصر تهدئ وجمع شمل للعراقيين جميعاً.. واقر بانه ملتزم بالدستور الدائم وانه يعمل على تعديل مواده بوسيلة واحدة هي رأي البرلمان واصوات المواطنين.. كل ذلك ادعاه الدكتور الدليمي قبل ان يصبح عضواً في البرلمان ويترأس كتلة التوافق.. ولكن ماذا بعد ان حصل على(المنصبين)؟ لم يعرف عنه في خلال اكثر من ستة شهور الا التوتر واثارة المشاكل وتعطيل عمل البرلمان قدر استطاعته.. وتمادى في مرحلة من المراحل الى حد بات يحرض على الفتنة الطائفية بكلام مبطن يفهم منه هكذا.. وفي مرحلة اخيرة انكر عروبة اغلبية العراقيين، وطالب بطردهم من هذا البلد، وحرض الدول الاجنبية على اعلان حرب على الاغلبية العراقية!!
ومثل الدكتور الدليمي كان السيد خلف العليان يسلك مسلكاً مشابهاً في النتيجة ومختلفاً بالمضمون! العليان يصرخ باعلى صوته بضرورة انسحاب القوات الاجنبية من العراق؟ويتهم الاخرين علناً بانهم جاءوا على الدبابات الامريكية، في حين ان السيد العليان كان يفتخر من على احدى شاشات الفضائيات العربية بانه اقنع الوحدات العسكرية في محافظة الانبار على تسليم سلاحها الى القوات الاجنبية، وانه توسط لديها بفتح الطرق للهاربين من كبار الضباط والجنود! ثم ان السيد العليان- وهو عضو في البرلمان الحالي- ويرأس مكوناً من مكونات التوافق(جبهة الحوار) النيابية صار يطالب بعودة البعث واشراكه في العملية السياسية! في حين انه ولحسابات خاصة ولاسباب يعرفها هو، كان دليلاً للدبابات الامريكية لاسقاط نظام البعث!! من هنا، يمكن ان نقول بأن الحوار والمصالحة لن يجديا نفعا بمثل هولاء وغيرهم..
وهناك حقيقة ينبغي ان لا تغيب عن فكر أي وطني عراقي ان كان مسؤولاً او مواطناً عادياً وهي ان المصالحة والحوار لا تبغيان اعطاء فرصة او هدنة للارهابيين من تكفيريين او صداميين لانهما مستبعدان تماماًُ من هذه العملية الوطنية لاسباب عديدة منها ان الطرفين(التكفيري والصدامي) لا يؤمنان بأية مصالحة فالاول(التكفيري) لا يعترفوا بالديمقراطية او تداول السلطة سلمياً او حقوق المواطن فهو يرى الجميع-عداه- مرتدون ويحل ذبحهم! اما الطرف الثاني(الصدامي) فكل ما يريده هو العودة الى ما قبل التاسع من نيسان، بصدام او بدونه المهم ان يعودوا الى السلطة وتعود معهم آلة القتل الرهيبة وتفتح العشرات من السجون، وتحفر المئات من المقابر الجماعية وتلقى المئات من اطنان المواد الكيميائية القاتلة على الكرد والشيعة!!
فهل، والحال هذه يمكن لاي عاقل ان يفكر مجرد تفكير بالحوار او المصالحة مع هذين الفصيلين الذباحين؟! بالتأكيد لن تكون المصالحة حقيقية ونظيفة الا بعد الاتفاق على ان عدو العراقيين الاول(التكفيريين والصداميين) مقصيان من أي حوار ومبعدان من أي مصالحة.. واذا ما التزم الجميع بهذا فان المصالحة تكون قد تحققت فعلاً.
https://telegram.me/buratha