( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
اهم ما يميز الدول المتحضرة وخصوصاً الاوربية انها تمنح مواطنيها مساحة واسعة من الحرية الفكرية والسياسية والتربوية والثقافية والاجتماعية وغيرها من انواع الحريات الاخرى، ولهذا السبب فان الذي يزور بلداناً اوربية او اخرى تتمتع بدرجات متفاوتة من الحريات فانه سيخرج بانطباع مقارناتي بين ما يعيشه الفرد الاوربي والافريقي او الاسيوي بل وحتى العربي وبين ما يعيشه الفرد العراقي الذي كان السبب الاساس في وصوله الى تلك البلدان، انتفاء هامش الحرية في بلده.
الشيء المهم الذي لا ينبغي مغادرته في كل الاحوال ان الحريات التي يتمتع بها الاوربي او غيره انما هي نتيجة منطقية وطبيعية لتمظهرات وتمخضات دموية وديكتاتورية عاشتها اوربا دونما استثناء لكن ارادة تلك الشعوب ونزوعها نحو التحرر الحقيقي وباتجاهاته كافة أهَّلتها لان تبني تجاربها التحررية التي نقف مدهوشين ازاءها، وعندما نقترب اكثر الى الواقع الاوربي وتمظهراته السياسية والفكرية والاجتماعية سنجد ان هذه الحرية التي نتمناها لنا انما هي حالة قانونية غير مسموح لها على الاطلاق ان تُمارس خارج سياقاتها الرسمية التي حددها لها المشرع الاوربي سواءً أكانت هذه الحرية ذات اتجاهات اجتماعية او سياسية او تربوية بل وحتى ما يدخل منها تحت عناوين اخلاقية.
من هنا نستنتج ان المرتكز الاساسي لجميع الحريات التي تعيشها الشعوب الاخرى انما هي مرتكزات قانونية بل هي ممارسات قانونية مكفولة برقابة دستورية برلمانية صارمة لا تجيز الخروج على النصوص والمواد والفقرات القانونية مثلما انها لا تسمح بحجب الحق القانوني عن اية شريحة اجتماعية او ممارسة فردية.
لذلك فاننا وبعد كل تلك التجارب القاسية والمريرة التي عشناها كعراقيين ابان الحقب الغابرة والتي عانينا اشدها مع حقبة الثنائي (البعث-صدام) مطلوب منا ان نسارع ببناء تجربتنا التحررية، سياسياً واجتماعياً وثقافياً وفكرياً، وبما يتناسب وواقعنا البيئي والاجتماعي على ان يكون ذلك مكفولاً ايضاً بحزمة من القوانين التشريعية الدستورية القادرة على انتشال العراق من تلك الحقب السوداء الى حقب جديدة تنسجم وارادتنا في بناء حياة حرة كريمة لا سيادة فيها لأحد عدا سيادة القانون الذي نريده ان يكون خيمة يستظل تحتها الجميع.
https://telegram.me/buratha