( بقلم : هلال آل فخر الدين )
ان الدول عندما تشيخ والانظمة عندما تهرم ويبدأ عدها التنازلي بالتقهقر والافول والاندثار يلاحظ عليها وكظاهرة عامة هو الانسلاخ عن ثوابتها ومجانبة مبادئها والخروج عن نظم فلسفة سياستها في الحكم وذلك لهيمنة ثلة ممن عشعش ولحس القصاع من المرتزقة والنفعيين على توجيه مسارها ورسم سياستها بما يتفق مع مصالحهم واطماعهم والضرب بعرض الحائط بكل ما من شأنه انعاشها واخراجها من عنق بودقتها ...!ومما يزيد باستشراء الامراض في نخر تلك الكيانات المتفككة المتداعية والأيله الى الانهيار بروز حالة من ايثار الاخذ بما يجول في الردهات وما يدبر في الليل من اهواء الغلمان واطماع المماليك وعبيد البلاط مما يسرع بتدحرجها وتقاذف الامواج لها وجعلها في مهاوي السقوط والانهيار والامثلة على ذلك كثيرة، الخلافة العباسية والعثمانية والامبراطورية الفرنسية و القيصرية الروسيه والنمساوية ...
علما ان النظام العراقي الجديد لم تجف بعد بنود دستوره ولم تبلى ثوابت مبادئه ودعائم نظامه المبنية على العدالة والديمقراطية وحماية الحقوق والدفاع عن الامة وتلبية مطالبها في الحرية والسلام والحياة الامنة الكريمة وردع الاعادي واجتثاث الفئة الباغية التي نبعت من جذور ثقافة بلاد الرافدين الاصيلة وحضارته العريقة بما وشمها من دماء شهدائه وعظائم تضحياته في مقارعة اعتى الانظمة جورا وظلما التي لم تعرف البشرية لها مثيلا طوال تاريخها المملوء بالطغاة والفراعنة ..!!
لكن الذي يحصل الان في العراق من طغيان فوضى عارمة وأنفلات امني رهيب وتدهور وفساد مريع وبالخصوص ما حدث في الفترة الاخيرة من تصاعد غير مسبوق لجرائم التفجير والتهجير والقتل العشوائي الرهيب يبدو لاجل تمرير مكائد ومكر الاعادي وفرض سياسة الامر الواقع وافشال النظام الجديد وتغيب تلك القيم والسعي للطعن فيها و تشويهها التي ضحى الشعب بكل غالي في سبيل تحقيقها ..وبالخروج عن ارادة الامة ومطالب الجماهير وطعنها من الخلف وفي غفلة منها لما هي مصدومة به ومرتبكة حياله في خضم ارتفاع وتائر الموجة الارهابية وتزايد العنف ...
واذا بما رسم له من قبل من خطط مكر جهنمية قد اسفرت عن وجهها القبيح و نفذت في لحظة مفبركة نسجت خيوطها شياطين كبار واخرجت سيناريوهاتها ثعالب صغار .. فبدأت أولا بدعة (المصالحة) وظهرت من جلباب الاعراب مع من مردوا على الجريمة والارهاب ..!
واخير خوار الحكم (القرقوشي) في صرف المكافات للسفاحين في منظومة قرارات متتابعة وهذه ليست اخرها طبعا في اجواء الخواء والتسطيح الفكري وغلواء الاطماع والاستباق على الغل التي يتنافس فيها المتنافسون ويتسابق عليها المتسابقون .. لكن هذا القرار افزع الامة وأصابها بحالة من الذعر غير مسبوقة ..
والاشد والانكى من ذلك والذي ارعب الامة واصابها بصدمة فجائية وخيبة امل غير متوقعة ...هو الالتفاف الفاضح على كل ثوابتها وبهذا الاسلوب الفظ المنحط والبعيد كل البعد عن كل القيم الانسانية الرفيعة والضوابط الاسلامية الرشيدة ومجانبته حتى للاعراف البدوية الجاهلية من منح الاموال الى زمر وقادة جحافل الابادة والارهاب الصدامي (مكافاة على فضائع ما ارتكبوه من جرائم لاتعد ولا تحصى بحق الامة وعظمائها ومراجعها وقادتها واحرارها ومفكريها وعلمائها سنة وشيعة عرباً وكرداً وتركمانا وارمن واشوريين وصابئة ...!)على خلفية اوهام وتخريفات ما انزل الله بها من سلطان من استمالتهم الى الصف الوطني وما شعروا في يوم من الايام انهم ابناء له والا كيف تبرر ركام جرائمهم ..!
وقد ندد الباري سبحانه واستنكر اشد الانكار لمن يأمل في ذلك ويعول عليه قال تعالى :(يأ يها الذين أمنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ..الى ان قال سبحانه .. تسرون إليهم بالمودة وانا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ) الممتحنة :1 وقال سبحانه :(إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) الممتحنة :9
علما بان صروح الامة الرسالية ومرجعياتها الاصيلة ثابتة وباقية باذن الله ولم تهادن ولاتماري ولم ولن تنهار ضوابط قيمها لكونها نابعة من روح الرسالة واعماق ثقافتنا واصالة حضارتها المنيفة ..والمعتمدة بعد الله سبحانه على جماهيرها الصابرة الصامدة والتي كلها عزيمة واصرار في مواصلة المشوار وان طال السرى وبعدت الشقه واما النصر وأما الشهادة.
ولما كان معيار الامة في تقييم قادتها ومعرفة زعمائها ليس مبنية على رؤى عصبية عشائرية او نظرات ضيقة فئوية او اطماع دنيوية بل نابعة من معيار الحق وقيم الاسلام ومطابقة الهدى وسبيل الرشاد ...وعلى اساس عدم الاغترار بفلان وفلان وان علا نسبه او ذاع صيته او استغل تراثه ومكانته ومنصبه ..مسترشدين بقول الامام علي :(ان الحق ليس مقرونا باقدار الرجال اعرف الحق تعرف اهله )
اي ان الحق لايعرف بالاشخاص وان كبرت القابهم وعظمت مناصبهم وجلت مسؤلياتهم وتنمقت خطاباتهم وترصفت الفاظهم قال سبحانه :(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) البقرة:204 ..بل ان الاشخاص والرموز يعرفون من خلال تمسكهم بالحق والاستقامة ..
فكيف تتحول اروقة المجلس الموقر الى قبو للتامر ونسف المباديء فيما دبر في الليل وفي غرة وغفلة من الامة لتمرير اهواء ضالة متناقضة في حد ذاتها ومتناقضة مع اهداف ومقررات ومسؤليات المجلس وارادة الجماهير وطعنا للامة من الخلف في كنف الظلام ...؟؟؟!! اليس هذا هو العودة الى نهج (السقيفة )بكل ارهاصاتها وتبعاتها وأوزارها ..؟؟!!
اي مهازل هذه التي تخيم علينا وفي كل يوم يطفو منها على السطح الكثير حتى اصبح العراق عراق المهازل والنوادر والالغاز والاحاجي التي تحاك خلف الكواليس وتظهر في استغلال ردهة او مخدع اوغرفة من (البرلمان ) متلفعين قدسية المكان الذي هو مكان لسن القوانين الصالحة المجدية التي تعالج الخراب والفساد المستشري و تضميد الجراح وتامين حياة الناس والعيش بسلام والقضاء على الارهاب وكل ما من شأنه خدمة الشعب وتلبية مطالبه العادلة وما فيها تقدم العراق ورقيه لا ان ينزلق في مهاوي التردي وما يعادي الجماهير ويمنح الجناة شهادات البراءة والتقدير ويجازي القتلة باعادتهم الى ممارسة ما الفوه وجبلوا عليه من السفح والسفك للدماء.. وتذاع وبعد ذلك في مؤتمر القوى السياسية ..انها تناقضات الخواء ...ومصارع الاطماع ..
وما يديرينا ماذا يخبيء لنا الغد اذا بقت الامور على هذا المنوال والمنزلق الخطير فلا تعجب ان يعقد افراد هذه الجوقة غدا مؤتمرا وتحت سقف ( البرلمان) يزكوا فيه (صدام) ويمنحوه ليس فقط لقب (الرئيس القائد ) بل (اية الله العظمى المرجع صدام )او (الولي الفقيه صدام)او (امير الجماعة صدام ) او (الخليفة صدام ) ..وابواب التماس المعاذير واسعة واشهرها اشتهد فاخطاء ..وذلك تبعا للمصلحة وحسب الاوامر ووفق الطلب ..!! ان بقة هذه الجوقة فلا تستبعدو ذلك ابدا ..
وهنا لابد ان اذكر ببعض الابعاد لهذه المؤسسة العسكرية الرهيبة التي على صيتها في الدمار ولها في كل بقعة من ارضنا وشما لم يعفى رسمه بعد من الدمار والخراب ...وفضيع مجازر شاخصة لاتنسى مادامة السماوات والارض ..ولايغتفر جرمها حتى لو تقادم عهدها وخانتنا الاقدار .. انهم الاجرام ..والسفك ..والارهاب.. هذا هو الحق وان ما دبر في الليل ولفقتموه في السقيفة من وهب الاموال للجنات ماهو الا محض باطل حتى لو ضربتمونا الى سعفات هجر وضيعتم الحلف والدستور والميثاق ..!!!
جذور المؤسسة الارهابية فيالق الابادة والدمار :
ان جذور هذه المؤسسة الارهابية ابتنت على ان تكون وسيلة قمع ورعب وليس الدفاع عن المحرومين والمستضفين وحماية الوطن من الطامعين بل وسيلة بيد حثالات العثمانيين واوباش الصليبيين وطغام الديلم ...الذين انقلبوا على الخلافة العثمانية عندما لاحظوا ضعفها فباعوها بالثمن الاوكس وارتموا عبيدا في احضان الانكليز ولتنفيذ ماربهم امثال جعفر العسكري ونوري السعيد ومولود مخلص وتحسين بك العسكري وارشد العمري وياسين الهاشمي وطه الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني واضرابهم حتى صارت مرتعا لكل ساقط وفاشل في عهد مافيا الاجرام عصابات الارهاب الصدامي توجهها حسب حقدها ا الطائفي وتعصبها العنصري وضرب الامة وقمعها بالحديد والنار ...!!
فاذا تصفحنا تاريخها الاسود فستفتح ابوابا من الجيف واكداساً من القمامة التي ملئت جرائمها الخافقين بما أرتكبوه من شنائع وحشية قذرة حيال رموز الامة وابناء الوطن والمعارضة الوطنية ودول الجوار لرأيت عجبا ولملئت رعبا..!!
ففي بداية تشكيلات الجيش وبايعازمن الاسياد الانكليز في الثأثرلهزائمهم وقتلاهم في الشعيبة والرارنجية والرميثة والنجف ..وما استعرضه من نماذج قمعها ماهو الاغيظ من فيض ..!! فقد دشنوا قطاعات هذا المئوسسة من :
شن حملات القمع والرعب ضد عشائر ومدن الفرات الاوسط
جرائمهم الوحشية حيال الشعب الكردي (الحركة الكردية في بارزان )
جرائمهم البربرية حيال الطائفة الارمنية
ضرب عشائر زيبار وتدمير قراهم
قصف عشائر الكرع وال ابراهيم وتدمير قراهم
جرائمهم حيال الفرات الاوسط (قضية خيون ال عبيد وعبد الواحد ال سكر ..)
جرائمهم في تسفير وتهجير المراجع والعلماء ومطاردة ابناء الشعب في سنة 1927
جرائمهم في قمع عشائر زبيد
جرائمهم حيال عشائر الرميثة والسماوة
الجرائم الوحشية التي ارتكبوها بحق الشعب الكردي طوال عقود من الزمن والتي اصدر فيها الامام الحكيم فتواه الشهيرة (بتحريم الاشتراك في ضرب الاكراد والانخراط في الجيش)
الجرائم القمعية التي ارتكبوها بحق الحوزة العلمية في النجف والكاظمية وكربلاء والبصرة عندما تظاهرت دعما للمرجعيه في تصديها لعصابات البعث عند اتهامهم لنجل الامام الحكيم (الشهيد سيد مهدي الحكيم ) بالعمالة .. وهجوم جحافل الاجرام على المنزل الذي كان نازلا فيه الامام في الكاظمية ...ماذا نذكر من ماضيهم الاسود فاذا كشفنا عنه فانما نكشف عن جيف وقذارات منتنه ..!!
قمعهم الشديد لاهالي النجف في مراسم 9 محرم وتطويق النجف بالاليات العسكرية واقامة الاحكام العرفية واطلاق النار على الناس
القمع الرهيب وقصفهم بقذائف المدرعات والدبابات لمسيرة الاربعين لزيارة الامام الحسين وتصديهم للناس الابرياء والقاء القبض على الالوف من العزل وتعذيبهم في الاقبية واعدام العشرات والحكم على المئات بالسجن .
شن غارة وحشية على الدجيل والجوء الى اخس الاساليب في الابادة والعقاب الجماعي حيال الامنين بدعوا اطلاق النار على موكب صدام
افتعال الاساطير لارعاب الناس وتصفية المعارضة وتمرير المؤامرات الدنيئة بدعاوى :
( التجسس)و(ابوطبر) و(الحنطة المسمومة) و(محمد نعناع )..الخ
التهجير القسري الجماعي لالوف الاسر العراقية ومصادرة اموالهم وممتلكاتهم واعتقال ابنائهم عام 1971وفي عام 1980
بناء الكثير الكثير من المعتقلات والسجون والطوامير واقبية الاعتقال والتفنن في اساليب التعذيب والتقطيع والنشر بالمناشير حتى جعلوا من العراق سجنا كبيرا ..
تصفيات المعارضة في الخارج عن طريق الاغتيال ومنهم العلامة السيد حسن الشيرازي والاستاذ سهل والعلامة السيد مهدي الحكيم والشيخ سهيل السهيل وغيرهم
تصفيات المراجع والعلماء والقضاء عليهم عن طريق السم او افتعال حوادث الطرق امثال المرجع السيد السبزواري والغروي والبرجوردي العلامة السيد محمد تقي الخوئي نجل الامام الخوئي والعلامة السيد امين الخلخالي وغيرهم
حتى اصبحت سمة الجيش اداة قمع وارهاب للمواطنين في عهد البعث الاسود من خلال موجات الدهم والمطاردت والتتبع والاضطهاد والتعذيب والاعدامات الجماعية التي راح ضحاياها الملايين من العلماء والكسبة والطلبة والعمال والاساتذة والاحرار.
وماقامت به قطاعات جلاوزة النظام من قصف المجاهدين في الاهوار وفرض الحصار عليهم
قصف عشائر ال زياد بالمدفعية والدبابات وابادة الابرياء وحرق قراهم
قصف عشائر الانبار في عام 1996 وتطويق الرمادي وقتل العشرات من افراد المعارضة
وماقامت به افواج الجيش من سحق الانتفاضة الشعبانية بكل قسوة وعنف وضرب المراقد المقدسة في النجف وكربلاء وتهديمها بصواريخ سكود وقصفها بالمدفعية وشن حرب ابادة جماعية عرقية في محافظات الوسط والجنوب بشكل رهيب وجنوني وهروب الناس في الفيافي والصحاري من القصف والقتل العشوائي .
الكم الكبير من المقابر الجماعية المنتشرة في ربوع الوسط والجنوب وتكشف المزيد منها في كل يوم قصف المناطق الكردية بالاسلحة الكيمياوية في قضية الانفال.
ان ما ارتكبته كتائب مافيا الارهاب لفيالق جيش صدام من فضائع ومجازر رهيبة حيال ابناء العراق لم يرتكب جزء منها لاموشي ديان ولا شارون حيال ابناء الشعب الفلسطيني ... علما بان الجيش الاسرائلي لم يرتكب قط ما يسيء للشعب الاسرائلي بل بلعكس كان مصدر امن ودفاع عنهم ..وحتى فيالق جيش هتلر لم ترتكب جرائم حيال ابنائها ولم تسحق او تدمر الشعب الالماني ومدنه ..
اليس كل مايجري الان في العراق من حمامات الدم والدمارالشامل وعدم التورع من ذبح الاطفال واستباحة النساء ونهب الاموال وشن حرب المفخخات التي تطال المدارس والمساجد والكنائس والمراقد واحتفالات الاعراس وماتم الاموات والاسواق والازقة والطرقات الا بتدبير وتنفيذ هؤلاء الذين جبلوا على الجريمة وفطموا على الارهاب من ازلام وحرس وفيالق صدام ..؟؟؟!!!
هلال آل فخرالدين
https://telegram.me/buratha