( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
عودتنا القمم الخليجية انها اكثر اتزاناً وواقعية من القمم العربية على الاقل منذ قمة الخرطوم عام 1967 وحتى الآن بالرغم من ان مجلس التعاون الخليجي قد تأسس بعد قمة الخرطوم بما يقرب من الاربعة عشر عاماً وفي ظل ظروف اقليمية – عربية – دولية، ربما تفوق الظروف القائمة آنذاك حساسية وخطورة.كذلك يعتبر مجلس التعاون الخليجي المشروع العربي الذي تتوافر فيه مواصفات انعدمت في غيره، الامر الذي منحه هذه الاستمرارية المنتظمة والتقارب المفترض باعتباره يشكل وحدة جغرافية، بيئية، اجتماعية، اقتصادية، اكثر تشابهاً وتقارباً، لذلك ورغم وجود العديد من الاشكالات والمشاكل بين دوله الا انه قد ولج عوالم اخرى تعتبر ذات قيمة ستراتيجية أثر اقتحامه لسوق البورصة الدولية وتوجهه نحو بناء مؤسسة نقدية موحدة كخطوة لاحقة لخطوة بناء منظومته العسكرية التي تأهلت للدخول في دائرة الموازنات ضمن جغرافية المنطقة.
القمم الخليجية تطورت كثيراً وبالتأكيد ان التطور الذي شهدته هذه القمم جاء على خلفية الاستفادة القصوى من مجمل الاحداث والمتغيرات التي عاشتها المنطقة الخليجية والعربية والاقليمية والدولية، وبدون ادنى شك، شكلت الازمة العراقية منذ العام 1980 وحتى سقوط نظام صدام ابرز التحديات التي عاصرها وعاشها المجلس وقممه العديدة، ونعتقد ان واحدة من الف ازمة صنعها النظام في المنطقة الخليجية كانت كافية لإشعال برميل البارود الذي كان يتوسطنا جميعاً، لكن ظاهرة الابتعاد عن الازمة التي طبعت السياسة الخليجية جنبت دول المجلس العديد من تلك المنعطفات الحادة.
القمة الحالية التي تعقد في العاصمة الرياض حملت عنواناً غريباً صادماً عندما اطلق عليها "قمة الطوارئ خشية انهيار بغداد" وقبل التوجه لتصحيح هذا العنوان ينبغي لنا ان نتساءل لماذا تفترض منظومتنا الخليجية ان بغداد مقبلة على انهيار، وما هي ملامح هذا الانهيار؟
بالرغم من اننا نعتبر مثل هذا التوصيف صادماً إلا اننا لا نفترض بوجود نوايا سيئة تقف وراء صناعته، بل اننا نحتمل الخطأ في التوصيف اكثر منه ما يتعلق بالنوايا، فبغداد في هذه الظروف تعيش حالة نهوض حقيقي بعد انهيار حقيقي تعرضت له طيلة ما يقرب من ربع قرن، والا كيف يفسر الآخرون كل هذه القوة والاصرار اللتين تواجه بها بغداد كل ارهاب العالم الوافد اليها؟!.. وكذلك كيف يفسر هذا الآخر العودة المتبادلة لبغداد والعالم لبعضهما البعض بعد كل هذه القطيعة التي استغرقت كل هذا الزمن؟!.. واذا ابتعدنا اكثر في أسئلتنا.. أليس من الاصح ان تنعقد القمة الخليجية تحت عنوان "قمة الطوارئ لتعضيد بغداد" بدلاً من انهيارها؟!.
نحن لا نشكك مطلقاً بنوايا اشقائنا الخليجيين وبالتأكيد فإنهم قد استراحوا فعلاً من ذهاب نظام لم يكن يعرف شيئاً عدا انتاج الازمة، لكننا نطمئنهم ايضاً بأن بغداد ستبقى محروسة باهلها، ونأمل ان تتعافى تماماً بوقوف اشقائها معها كي تصبح بصدق عمقاً سياسياً وبشرياً وجعرافياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً لقريناتها الخليجيات.
https://telegram.me/buratha