مهند حبيب السماوي
لم أجد سوى الدهشة والاستغراب، كرد فعل أولي يسبق كتابة المقال، بعد أن تناهى إلى سمعي قيام رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي بإرسال رسالة مكتوبة الى رئيس القائمة العراقية الدكتور إياد علاوي تتحدث في خلاصتها حول مشكلة المرشح لوزارة الدفاع فضلا عن القضايا المثيرة للخلاف والجدل بين قائمتي دولة القانون والعراقية التي لم يستطع حتى اتفاق بارزاني من تجاوزها . ولم أخرج من دهشتي الأولى حول الرسالة " المالكية "حتى أصابني شعور مماثل حينما رد علاوي على رسالة المالكي، وبنفس الأسلوب، برسالة أخرى، ولا عجب فنحن في زمن الكتابة الخطية وليس في زمن الكتابة الرقمية!، ليقول لها فيها وجهة نظره، المعروفة والمكررة، ولم ينته الأمر عن ذلك بل اوضح علاوي في حديث لصحيفة المشرق،نُشر الاربعاء 11-5-2011، بانه رسالة المالكي " ترسيخ لافشال مبدأ الشراكة الوطنية"، معتبرا الاتهامات التي تضمنتها بانها " فارغة".وقد بدا واضحا ان الخلاف بين أكبر كتلتين برلمانيتين في خريطة المشهد السياسي والمجتمعي في العراق كما وضحته، اكثر من مرة، تصريحات نواب الكتلتين في الأشهر المنصرمة، قد أخذ بالاستفحال والتضخم حتى بدا يتخذ شكل الظاهرة في السياسة العراقية المعاصرة بعد الانتخابات الأخيرة التي أحدثت نتائجها والصراع على استحقاقات المناصب المترتبة على النتائج التي اختلفوا حولها، كل هذا الصخب والصراخ السياسي. هذا الخلاف تجسد، في اخر تمظهراته، بالرسالتين التي كتبهما كل من المالكي وعلاوي، وعلى نحو لفت الانتباه وكشف عن مديات ومستويات الخلاف الحاصل بين كل منهما بحيث دفع الاثنين الى استبدال اللقاء والحوار والمناقشة بأرسال رسالة خطية كأن بينهما خلاف عميق يستحيل معه اللقاء او كأننا في عصر قديم فيه يتم انتقال المعلومات والرسائل عبر طير الزاجل التي كانت الوسيلة المثلى للنقل. ولهذا لا أرى أي إمكانية للاتفاق، تماما، مع تصريحات عضو ائتلاف دولة القانون السيد عزة الشابندر الموصوفة دائما بأنها " مثيرة ونارية " والتي حاول فيها التقليل من هذا الحدث الذي حصل بين علاوي والمالكي وذلك في مساء الثلاثاء 10-5-2011 ومن خلال لقاءه في فضائيتي الحرة والعراقية، ولا في تفسير الناطق باسم العراقية حيدر الملا حينما قال بان رسائل علاوي والمالكي شخصية. بالله عليكم كيف تكون الرسائل شخصية وكل من المالكي وعلاوي لا يمثل نفسه وإنما يمثلان طيف واسع ومكون مهم من مكونات الشعب العراقي الذي منح أصواته لهاتين القائمتين من اجل تحقيق ما يطمح له .فالقضية وعلى خلاف ما قاله الشابندر وحيدر الملا خطيرة ومهمة وتكشف عن حقيقة الخلاف بين المالكي و علاوي وما يعتري العملية السياسية في العراق من مطبات وامراض مزمنة تؤثر بشكل سريع على مجمل الوضع في العراق وخصوصا في ملفه الامني الذي شكل بالنسبة للمواطن هاجسا ملحا يقتضي من الحكومة وضع حد للخروقات التي تحصل فيه بين الحينة والاخرى.ولذا يسأل المواطن ، ومن حقه ذلك، عن الهوة والخلاف بين المالكي وعلاوي خصوصا وهو يرى هاتين القامتين السياسيتين اللذين حصدا على مليون صوت في الانتخابات البرلمانية ( المالكي حوالي 600 الف وعلاوي 400 إلف ) يتبادلان الرسائل على هذا النحو كأنهما غرباء أو يختلفان اختلافاً جذرياً في المبادئ والأسس والمنطلقات التي تتحكم برؤاهما السياسية.وهذا المواطن يعلم، والمحللون والوقائع تؤيد ذلك، ان العراق لا يمكن ان يسير نحو الإمام بغياب أحد هاتين القائمتين تجسد طموح مكون وطيف واسع، مثلما تمثل قائمة التحالف الكردستاني طموحات وآمال الشعب الكردي ولا يمكن لهذا ان تُجتث من العملية السياسية او يتم استبعادها او إقصائها اذا كنا نتكلم طبعا عن حكومة قائمة على أساس الشراكة الوطنية والتوافق السياسي الذي يؤطر عمل الحكومة ومشروعها في الفترة الحالية. نعم هنالك خلاف بين الطرفين وقائمتهما في طريقة إدارة الدولة ومستقبل الحكومة العراقية والمصالحة الوطنية واجتثاث البعث وبعض القضايا الأخرى، لكنه يبقى خلاف في أطار العملية السياسية التي شارك بها كلا الطرفين وآمنوا بأنها الحل الأمثل لتقدم العراق وبناءه وتطويره، وفعلا انصهر، أو هكذا بدا، الخلاف بينهما في فترة ما حينما أطلق رئيس الإقليم مسعود البارزاني مبادرته التي ساهمت في تشكيل الحكومة والتي ظن الكثير منا، على نحو الخطأ في التقدير، ان الخلاف سوف يختفي ولن نر اثره بعد ذلك . نقول ان الخلاف بين أطروحات وأفكار المالكي من جهة وبرامج علاوي وأفكاره من جهة أخرى لا يمكن أن يُحل برسالة مكتوبة بين الطرفين ولا بالتصريحات الإعلامية لإطراف متشددة قي كل التحالفين غير مسؤولة ولاواعية بما يمكن أن تؤديه من توتير للعلاقات بين القائمتين. بل حل الخلاف بينهما، مادمنا نتحدث في أطار حكومة شراكة واتفاق سياسي ووطني، يتمثل في الجلوس وجها لوجه ومصارحة كل منهما للأخر بما يحمله من إشكالات نحو الآخر من اجل إبعادها والتفاهم على خريطة مسار واضحة للحكومة العراقية وبالتالي لمستقبل العملية السياسية فيه.وهذا يجب أن يتم كله بأشراف السيد مسعود برزاني الذي تشكلت الحكومة بعد ما يسمى باتفاق اربيل الذي اعتبره الكثير ضامن لنجاح واستمرارية الحكومة العراقية التي مازالت لحد الان وبسبب المشكلات بين علاوي والمالكي غير مكتملة.
مهند حبيب السماوي
https://telegram.me/buratha