( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين )
تتردد بكثرة هذه الايام بعض المصطلحات السياسية الدخيلة على العملية الدستورية القائمة في العراق.هذا الحشر او الدس لهذه المصطلحات لم يأت من باب السذاجة السياسية كما يتصور البعض ذلك، انما هو محاولات او اشارات يراد من خلالها معرفة كيفية قراءة الرادارات المحلية والاقليمية والدولية لها، وربما يتذكر المتابع السياسي مرحلة ما بعد الانتخابات الاخيرة حيث شهدت الساحة العراقية مصطلحين من المصطلحات السياسية آنذاك، الاول كان يتحدد بعبارة "حكومة المشاركة الوطنية والاستحقاق الانتخابي"، والثاني كان يتحرك ضمن دائرة "حكومة الوحدة الوطنية".
المصطلحان آنذاك تركا بصماتهما في الخارطة السياسية العراقية وساهما بشكل او بآخر في تعطيل تشكيل البرلمان او عقد جلسته الاولى، وكذلك كان لهما تأثيراً ملحوظاً على طبيعة تشكيل الحكومة ولكن لأسباب ليست كما يراها اهل المصطلح المغاير لمصطلح الكتلة الفائزة، وكدليل على ذلك فان الكتلة الفائزة نفسها هي التي عطلت تشكيل البرلمان الانتقالي والحكومة الانتقالية لما يقرب من الاربعة اشهر بسبب عدم اشتراك احد المكونات الاساسية في الانتخابات الاولى وما كانت لترغب بأن تقدم للشارع حكومة عرجاء كحكومة "عبد الرحمن النقيب" في مطلع عشرينيات القرن الماضي، بل انها أي الكتلة الفائزة والكتل المتحالفة معها انتظرت طويلاً حتى نجحت في اقناع المكون الغائب للدخول في العملية السياسية وفقاً لاستحقاقه الوطني والاجتماعي رغم عدم دخوله العملية الانتخابية.
بطبيعة الحال ان ذلك يذكرنا بالمصطلحين الاخيرين "المشاركة" و"الوحدة" مع ان اصحاب مصطلح المشاركة لا يرون اختلافاً كبيراً بين المصطلحين الآنفين باعتبار ان حكومة المشاركة تعني حكومة الوحدة وفقاً لنوعية واتجاهات الشرائح التي دخلت بالعملية الانتخابية الثانية. وعندما قبلت الكتلة الفائزة بهذا المصطلح انما اضافت الى رصيدها الوطني الوحدوي بعداً آخر على عكس ما يتصور البعض بأنها خضعت لإملاءات مفروضة عليها.
في هذه الايام تطرح بعض الاتجاهات مصطلحاً جديداً وهو "حكومة الانقاذ الوطني" وهذا ما لا يتشابه لا من قريب ولا من بعيد مع أيٍّ من المصطلحات الاخرى، ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون مثل هذا المصطلح موضع نقاش او حوار، فهذا المصطلح يمثل مشروعاً انقلابياً يريد بالتحديد ضرب المنجز الوطني الدستوري الذي حققه ابناء شعبنا بصبرهم وتضحياتهم.
هذا المصطلح لا يعدو كونه عبارة عن "بيان رقم واحد" كما يبدأ الانقلابيون بمشاريعهم، وهذه ثقافة وممارسة مرفوضة ومفضوحة ومكشوفة، ونعتقد ان لدينا شارعاً يمتلك من النضج والوعي السياسي ما يكفيه للتصدي المستميت لمثل هذه المشاريع السخيفة حتى وان اظهرت مقدرة سحرية لإخفاء حقيقتها وتوجهاتها، وعلى هؤلاء ان يدركوا اننا تجاوزنا، دون رجعة، مثل هكذا مشاريع ولا يمكن لها ان تعود بنا الى الوراء حتى وان كان يقف ورائها الجن الازرق.
https://telegram.me/buratha